السياسة في لبنان... براغماتية أم دوغماتية؟ |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
– أنور عقل ضو
فاتنا مشاهدة المشاجرة الأخوية بين وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم رياشي (قوات لبنانية) والوزير السابق الياس أبو صعب (تيار وطني حر) على إحدى المحطات التلفزيونية يوم أمس الأول، وذلك لسبب بسيط، فبرامج الـ Talk Show السياسي اللبنانية صارت تبعث على الملل وما هو أبعد منه، ولا نقصد الانتقاص من ضيوف هذه البرامج، وإنما من مضمون المواقف المستعادة في تكرار يصيب أحيانا بالدوار، لا سيما مع تحول النقاش حوار طرشان.
هذه البرامج تفقد حيويتها عندما تصبح منصة لتسجيل المواقف، ويغدو معها الحوار سجالا ترتفع معه الأصوات، فلا يعود ثمة من يفهم ويسمع ويستعصي على المتابع الاستيعاب، وهذا ما يُبقي المشاهدين متحلقين حول جهاز التلفاز يعضدون هذا الضيف ويكيلون السباب لذاك، من خلفية سياسية محكومة بانتماء أعمى، ففي لبنان يولد المرء مع بطاقة حزبية طائفية تدمغ مستقبله حتى الممات، والاستثناءات قليلة لا يعول عليها في إحداث تغيير، لا في المدى المنظور وغير المنظور.
وما يثقل علينا الهموم أن وسائل التواصل الحديثة أوصلت التلفزيون إلى هواتفنا النقالة، وهذا ما حدث بالنسبة إلى المشادة الكلامية بين رياشي وأبو صعب، فثمة ظرفاء اقتطعوا هذا المشهد تحديدا وأنزلوه على "يوتيوب" و"فيسبوك"، فلا مناص من المشاهدة والمتابعة، حتى أن التعليقات تشدنا إليها، بين من ينتقد هذا أو ذاك، فأنصار "التيار الوطني الحر" آزروا أبو صعب، فيما أنصار "القوات اللبنانية" وقفوا في صف رياشي، هكذا هي السياسة في لبنان، خطاب انفعالي يستجيب له الناس بعطافة الانتماء لفضاء يحاول كل فريق مصادرته وقطع الهواء عن الآخر المعارض.
وما يصح في "القوات" و"التيار" يصح كذلك عند أحزاب الطائفة الواحدة، وهنا المشكلة التي تعيق قيام مشاريع إصلاحية من أولى مقوماتها أن يكون النقد موضوعيا، وخارج الاصطفافات في مداها الضيق، وعلى قاعدة أن ما يتبناه هذا الزعيم هو المقدس، وما عداه تجديف وهراء.
وبالعودة إلى النبرة الحادة في الحوار الذي جمع أبو صعب ورياشي، نتبين أن المشكلة الحقيقية المعطلة لتشكيل الحكومة غير منفصلة عن إشكالية السياسة بتعريفها اللبناني، عملا ونهجا وممارسة، وأيا كانت مبررات كل فريق، يبقى المطلوب العمل على عقلنة السياسة وتبني مواقف براغماتية قابلة للحياة، مع الإشارة إلى أن البراغماتية كنهج سياسي يمثل نظرية تتبنى فلسفة الأخلاق المعيارية وليست فعلا ناقصا، لكن شريطة ألا تتحول دوغماتية، وهذا ما نشهده في لبنان، مع سيادة حالة من الجمود الفكري عنوانه التعصب وعدم قبول الأفكار المخالفة أو حتى الاطلاع عليها، وهذا ما يبقي السؤال مطروحا: بين البراغماتية والدغماتية... لبنان إلى أين؟
|
|
|
|
|
|
|
|
|