أوفتشاروف: دعم أوكرانيا استثمار في الأمن العالمي! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#المغرّد
مرت ثلاث سنوات منذ أن شنت روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا، منتهكة القانون الدولي ومهددة الأمن العالمي. وعلى الرغم من توقعات موسكو بانتصار سريع، أظهرت أوكرانيا صمودًا مذهلًا، حيث تمكنت من التصدي لخصم يفوقها عسكريًا. وقد أدى الصراع إلى خسائر بشرية ومادية هائلة على كلا الجانبين، مع لعب الدعم الدولي دورًا حاسمًا في تعزيز جهود الدفاع الأوكرانية.
وبينما تستمر المفاوضات الدبلوماسية وتسعى القوى العالمية إلى إيجاد حل، يبقى السؤال: هل تستطيع أوكرانيا الصمود إذا تضاءل الدعم الخارجي، وما هي الفرص الحقيقية لتحقيق سلام عادل؟
في هذا اللقاء مع القائم بالاعمال في سفارة أوكرانيا في لبنان السيد الكسندر أوفتشاروف، نستعرض الوضع الحالي في ساحة المعركة، ودور الدبلوماسية الدولية، ومستقبل العلاقات الأوكرانية-اللبنانية في ظل الحرب المستمرة.
1- بعد مرور ثلاث سنوات على الهجوم الروسي على أوكرانيا، كيف تقيّمون الوضع اليوم؟ وهل كان من الممكن تجنب هذه الحرب؟ لقد مرت ثلاث سنوات منذ أن شنت روسيا حربها غير المبررة وغير القانونية ضد أوكرانيا، منتهكة القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، مما أدى إلى زعزعة الأمن الأوروبي والعالمي. وعلى الرغم من محاولات القوات الروسية توسيع سيطرتها، خاصة في شرق أوكرانيا، إلا أن المقاومة الأوكرانية أبطأت تقدمها وجعلته أكثر صعوبة، مع شن هجمات مضادة داخل الأراضي الروسية.
واجهت القوات الروسية مقاومة أوكرانية شرسة، إلى جانب مشكلات لوجستية حادة ونقص في الإمدادات والروح المعنوية. وبعد ثلاث سنوات، لم تتحرك خطوط الجبهة إلا بشكل طفيف، مما يشكل فشلًا كبيرًا للجيش الروسي، حيث لم يحقق سوى مكاسب محدودة رغم التكاليف الهائلة.
القصة الحقيقية ليست في التقدم الروسي، بل في كيفية تغير طبيعة الحروب الحديثة. فقد قلبت تكنولوجيا الطائرات المسيّرة موازين القوى، مما سمح لقوات أصغر بمقاومة جيوش أكبر بكثير. لم يعد حجم الجيش هو العامل الحاسم في تحقيق الانتصار، ومن يعتقد أن القوة العسكرية الهائلة تضمن النصر، عليه أن ينظر إلى أوكرانيا ليرى كيف أصبحت هذه الفكرة قديمة.
أما بخصوص إمكانية تجنب الحرب، فالجواب بسيط: لا. فهذه ليست مجرد حرب بل هي عدوان مستمر منذ عقود. كان السبيل الوحيد لتجنبها هو التخلي عن حقنا في الوجود كدولة مستقلة. لقد بدأت الحرب بمجرد أن تحدت أوكرانيا الهيمنة الروسية وأعلنت رغبتها في الاستقلال.
2- في بداية الحرب، كان يُقال إن الروس اعتقدوا أنها ستنتهي خلال أسابيع باستسلام أوكرانيا. كيف تمكنت أوكرانيا من الصمود؟ وما العوامل التي ساعدت في ذلك؟ فشلت خطط روسيا للسيطرة السريعة على أوكرانيا تمامًا. لم تسقط كييف في ثلاثة أيام، ولم تستسلم أوكرانيا خلال أسابيع. الجيش الروسي، الذي يُصنّف كأحد أقوى الجيوش في العالم، لم يتمكن من كسر إرادة الأوكرانيين في القتال.
ثمن طموحات بوتين الإمبريالية كان كارثيًا: مئات الآلاف من القتلى، وتدمير آلاف الوحدات العسكرية، وهدر مئات المليارات من الدولارات.
منذ بداية الحرب، وقف العالم إلى جانب أوكرانيا، وكان لبنان أول دولة في الشرق الأوسط تدين العدوان الروسي، رغم الأزمات التي يعاني منها. كما أظهرت تصريحات وزير الدفاع الأمريكي السابق لويد أوستن أن بوتين فشل في تحقيق أهدافه الاستراتيجية، بينما تمكنت أوكرانيا من تعزيز صمودها.
3- كل حرب تؤدي إلى خسائر بشرية ومادية فادحة. ما هي الخسائر التي تكبدها الطرفان حتى الآن؟ وهل هناك إحصائيات رسمية؟ بلغت الخسائر الروسية منذ 24 فبراير 2022 نحو 700 ألف ما بين قتيل وجريح. وتفقد القوات الروسية يوميًا أكثر من 1000-1200 جندي في ساحة المعركة. كما خسرت روسيا آلاف الدبابات والمركبات القتالية والمدفعيات والطائرات.
أما أوكرانيا، فقد أعلن الرئيس فولوديمير زيلينسكي في 16 فبراير أن أكثر من 46,000 جندي أوكراني لقوا حتفهم منذ بدء الغزو الروسي، بالإضافة إلى 390,000 إصابة في ساحة المعركة.
4- ما مدى أهمية الدعم الدولي لأوكرانيا في هذه الحرب؟ وهل يمكن لأوكرانيا الصمود إذا توقف هذا الدعم، خاصة من الولايات المتحدة؟ الدعم الدولي بالغ الأهمية، ولا شك أن أوكرانيا ستواجه صعوبات كبيرة بدونه. وقد أعرب الرئيس الأوكراني عن مخاوفه من أن بلاده قد تكون عرضة لهجوم روسي جديد في المستقبل إذا توقف الدعم الأمريكي.
كما أكد أن بوتين لا يسعى لإنهاء الحرب، بل يريد هدنة مؤقتة لرفع العقوبات عن روسيا وإعادة بناء جيشه.
5- وعد ترامب بإنهاء الحرب خلال فترة قصيرة، وأجرى مؤخرًا محادثة هاتفية مع بوتين، حيث اتفقا على الاجتماع قريبًا. هل تخشى أوكرانيا أن يأتي الحل على حسابها؟ وهل هناك فرص حقيقية لتحقيق السلام؟ هذه مسألة معقدة وحساسة. الأوضاع تتغير بسرعة، ونحن نتابع التطورات ونرحب بأي جهود دولية لإنهاء هذه الحرب الدموية.
صرّح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بأن المفاوضات لإنهاء الحرب ستبدأ "على الفور" بعد مكالمته مع بوتين، لكن من غير المرجح أن يحدث ذلك بسرعة بسبب موقف بوتين المتصلب.
موقف أوكرانيا واضح: "لا شيء عن أوكرانيا دون أوكرانيا". يجب أن تشارك أوكرانيا وشركاؤها الأوروبيون في أي مفاوضات سلام.
6- ما مدى أهمية الدور الدبلوماسي للسفارات الأوكرانية في حشد الدعم الدولي؟ منذ بداية العدوان الروسي، تعمل وزارة الخارجية والسفارات الأوكرانية وفق ما يُعرف بـ"الدبلوماسية الأوكرانية في زمن الحرب"، لتعزيز الدعم الدولي، وفتح آفاق جديدة للدولة، وتشجيع الاستثمارات، وفرض المزيد من العقوبات على روسيا.
أنشأت أوكرانيا تحالفًا دوليًا لدعم مقاومتها، وحصلت على مساعدات عسكرية غير مسبوقة، وعززت الأمن الغذائي العالمي، ودفعت باتجاه المزيد من العزلة الدولية لروسيا.
7- كيف تقيّمون العلاقات الأوكرانية-اللبنانية، وعلاقات أوكرانيا مع الدول العربية عمومًا؟ في 14 ديسمبر 2024، احتفلت أوكرانيا ولبنان بالذكرى الـ32 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما. وعلى الرغم من الإمكانيات الكبيرة لتطوير العلاقات الثنائية، إلا أن هذه العلاقات ليست نشطة بما يكفي.
مع اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية، فاجأ لبنان المجتمع الدولي بإدانته السريعة للغزو الروسي، كما دعم جميع قرارات الأمم المتحدة التي تدين روسيا. لكن لم يتخذ لبنان خطوات إضافية، مثل فرض العقوبات، بسبب المعارضة الداخلية لبعض القوى السياسية.
على الرغم من إغلاق السفارة اللبنانية في كييف، تواصل السفارة الأوكرانية في بيروت نشاطها لتعزيز العلاقات الثنائية. كما أظهر لبنان اهتمامًا بتطوير العلاقات مع أوكرانيا، وهو ما تجلى في الاتصالات بين المسؤولين من كلا البلدين.
أما على المستوى الإقليمي، فإن أوكرانيا تولي اهتمامًا خاصًا للشرق الأوسط. حيث لعبت دول مثل السعودية والإمارات دورًا مهمًا في جهود تبادل الأسرى وإعادة الأطفال الأوكرانيين المختطفين من قبل روسيا.
دعم أوكرانيا هو استثمار في الأمن العالمي. فالحرب ضد أوكرانيا ليست مجرد صراع إقليمي، بل تحدٍ للنظام الدولي وقيم العدالة والأمن.
|
|
|
|
|
|
|
|
|