الإعلام في لبنان و"توتاليتارية" الطوائف! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
- أنور عقل ضو
عندما ترى سلطة مأزومة في الإعلام "عدوا" وجُب تأديبه، فذلك مقدمة لسقوط مدوٍّ، وأي سلطة في هذا العالم تصنف إعلامها في خانة "عدو" ولو بمفردات تخفيفية، مثل "غير مسؤول" و"مروج إشاعات" أو "ملفق أخبار" تكون قد بلغت حدا خطيرا على مستوى حضورها، وتكون أزماتها قد تعمقت وما عاد في مقدورها إلا التصويب على "الكلمة" وما تمثل من وجهة نظر مخالفة، وأي سلطة تختصم مع إعلامها وإعلامييها هي سلطة عاجزة عن مقارعة الحجة بالحجة والمنطق بالمنطق، وتعيش في غربة عن الواقع وحركته وسيرورته.
مناسبة هذا القول أنَّ ثمة من راح يُـحمِّل ما آل إليه واقعنا الاقتصادي وما نشهد معه من اضطرابات نقدية إلى وسائل الإعلام، ويتغاضى عن مسار طويل من الفساد وسوء الإدارة، ولا يلقي بالاً ولا يقيم اعتبارا إلى الهدر والتهريب واستغلال المواقع، وإلى التدخل في القضاء وتغليب التحاصص على حساب معياري الكفاءة والنزاهة، ومثل هذا الأمر يصح غالبا مع الأنظمة "التوتاليتارية" والتي ما تزال قائمة في معظم دول العالم الثالث وتتوالد بالإرث والقوة مدججة بمفاهيم مخابراتية مع قمع واعتقال.
في لبنان ندنو إلى ما يصح اعتباره "توتاليتارية" الطوائف، وسط توجهات ديماغوجية أقرب ما تكون إلى شعبوية طوائفية وحدها وفرت لنظام المحاصصة قوة الاستمرار وما تزال، نعم كل طائفة في لبنان محكومة بما نراه غالبا في الأنظمة الشمولية، فالزعيم يرقى إلى التقديس من أبناء جلدته، وإلى تكفيره من عموم جمهور الطوائف الأخرى، والويل والثبور لمن ينتقد، وعظائم الأمور لمن يخالف ويصرخ رافضا واقع الحال، هذا نحن بكل هذه التراجيديا المستحكمة منذ الإستقلال إلى اليوم.
لا نريد أن نصبح صنو الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وكندا وأستراليا في مجال الإعلام وحرية الرأي، أي أن يصبح المسؤول في دائرة النقد، يُحاسب ويُحاكم، شأنه شأن أي مواطن، فإلغاء الفوارق في لبنان بين مواطن ومسؤول من سابع المستحيلات، لكن على الأقل لا نريد أن نصبح أسرى شعبوية الطوائف، وحدها تؤخر قيام الدولة، ووحدها أوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم من أزمات وكوارث.
أما تحميل الإعلام بعض تبعات ما استجد سياسيا وأمنيا واقتصاديا وماليا، وتاليا، مظاهرات واعتصامات واستقالة حكومة، فهذه الإشاعة الأخطر، فالدولة الواثقة أكبر من يقوض سلامها ما يطلق من إشاعات، علما أنه في لبنان كل إشاعة قابلة للتصديق، على قاعدة المثل المعروف "لا دخان من دون نار"!!
|
|
|
|
|
|
|
|
|