احمد قبلان: المسؤولية كبيرة تحتم على كل القيادات إزالة العراقيل من أمام عملية التأليف |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
أدى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان صلاة عيد الأضحى لهذا العام في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، بعدما ألقى خطبة العيد التي جاء فيها: "تلبية لله ونزولا على فريضة حجه ويوم عيده، خرج الحجيج وهم يكبرون ويهللون طواعية لله، تأكيدا منهم لحقيقة أنهم منه وإليه، والله من ورائهم يقول: {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم}. الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا. بارك الله لكم في عيده المجيد وعهده الجديد، الموصول بأكبر أيامه، المقرون بنفسه، بدأه بمن طاف أسوار طاعته، وسعى الى ميادين جهاده، وهو الذي قال في كتابه الكريم: {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق}. لذلك أينما تتبعنا العيد وكافة العبادات وجدنا الله عنوان القضية ومحور المناسك ورأس المطالب، تأكيدا على العباد أن العيد إيمان والتزام، وأن العيد نمط حياة وطريقة عيش، وموقف سياسي، مركزه الله، لا على خلفية حاجة الله لناسه، بل لأن ناسه بأمس الحاجة اليه، وهو كما قال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: "لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان، ولا تخوف من عواقب زمان، ولا استعانة على ند مثاور، ولا شريك مكاثر، ولا ضد منافر، ولكن خلائق مربوبون، وعباد داخرون".
وتابع: "لذلك إن العيد لمن في منى أن يرجم الانسان إبليسه، ويتنكر لشيطانه، ويقمع هواه، ويحذر نفسه، ويجدد عهده حتى لا يكون لإبليس حظ فيه، وهو لمن خارج منى معركة مصير وحقيقة انتماء لله، ومرابطة في كل ميادين الحياة ومواقع المسؤولية، على قاعدة: {إن الشيطان لكم عدوٌ فاتخذوه عدوا}، بكل مظاهر إبليس الخاصة والعامة، الاجتماعية والسياسية، المالية والثقافية، الإعلامية والحياتية، وغيرها وغيرها، فمن يربح معركة أناه ربح الله، ومن ربح الله فاز في الدنيا والاخرة. والقاعدة الرئيسية، إن الله خلق الخلق لينفعهم، ودلهم على نفسه ليكونوا في حزبه، فهم بينه وبين إبليس في كل ميادين الحياة: بيوتنا، وأسرنا، ورغباتنا، ثروات، إمكانات، نيابة، وزارة، رئاسة، بلدنا وطننا، كلها وفق مبدأ إما أن تكون لله أو لإبليس ولا ثالث بينهما، والميزان أن نؤكد الانتماء لله، في واقعنا وحياتنا العملية، وليس بالشعار، وعلى قاعدة: { ولكن البر من اتقى }. فالتقوى ليس أن تلبس ثوبي الإحرام، بل أن تخلع إبليس أولا، والعيد معناه تأكيد الطاعة بحماية البلد وأجياله من الفساد والبطالة والجريمة، واحتكار التعليم والأسواق والوظيفة وفرص العمل، وخاصة أن التجربة المرة كشفت البلد عن شياطين سلطة ومال، من كل القطاعات، حتى أنها صدمت إبليس نفسه لشدة خبرتها بالفساد ونهب البلاد وتضييع الأجيال وسحق الآمال. لذلك في عيد الله الأكبر، حيث تتجسد فيه معاني التضحية والفداء، نؤكد ضرورة حسم موضوع الحكومة، لتأمين مصالح الناس وإنقاذ البلد، لأن تجربة الطرابيش ولعبة الاملاءات والمصالح الشخصية، ظهرت هذا البلد مستنقعا غارقا بالنفايات والعتمة والسمسرة والصفقات، فكفانا قتلا لهذا الوطن، عن طريق اللوبيات الفاسدة التي تنهش هذا البلد الصريع من دون خجل أو حياء".
وقال: "إن الفرحة في عيد الأضحى المبارك وفي كل الأعياد، تبقى ناقصة ما لم تقترن بصفاء القلوب وطهر النفوس، ما لم تنتج حالة من التهيؤ لمرحلة جديدة في التوجه الوطني والأخلاقي، وتحمل المسؤولية، والعمل معا يدا بيد، مسلمين ومسيحيين من أجل لبنان الذي نريد، بكل طوائفه ومذاهبه ولكل أبنائه، لا فضل لمسلم على مسيحي، ولا لمسيحي على مسلم، إلا بما يقدم لهذا البلد ويعطي لإخوانه في الإنسانية والمواطنة، ولهذا فإننا ندعو إلى التآخي والترفع وتعميق وشائج الإلفة بين الجميع، والتسامي عن الصغائر وكل المغريات المالية والمناصبية، والبحث معا في ما ينقذ بلدنا ويجنبه ثقافة الكراهية والبغضاء، فكلنا لبنانيون وحاجتنا مسيسة لبعضنا البعض، وشراكتنا أساسية في حفظ هذا البلد والنهوض به قويا في مواجهة الأخطار والتحديات".
اضاف: "إن المسؤولية كبيرة، تحتم على كل القيادات السياسية والمرجعيات الروحية، العمل معا وبصدق على إزالة العراقيل من أمام عملية التأليف، وتقديم كل ما يلزم من تسهيلات من أجل قيام حكومة وحدة وطنية، وبمشاركة الجميع، تكون قادرة على بناء دولة فعلية بمؤسساتها وإداراتها وكافة أجهزتها الأمنية والعسكرية، وتمتلك رؤية اقتصادية وإنمائية بعيدا عن ذهنيات الحصص والتقاسم وتوزيع الغنائم. فاخرجوا أيها السياسيون من مكايداتكم ومشاحناتكم، وليكن منكم من يقدم النموذج في التضحية والفداء، في يوم التضحية والفداء، ويسابق الى الخيرات والعطاء لهذا البلد الذي يستحق الكثير، ولهذا الشعب الذي ما بخل يوما ولا تأخر عن تقديم الغالي والنفيس من أجل كرامة وعزة وسيادة لبنان".
وتابع: "إنها مناسبة مباركة نؤكد من خلالها على السلوكيات الفاضلة والأخلاق الحميدة والصبر على المكاره، وقيم الإسلام الروحية والإنسانية، وعلى العدل والمساواة والحوار والمحبة بين الناس، بغض الطرف عن الاختلاف في الأجناس والألوان والأديان، وندعو إلى وحدة الأمة واجتماع كلمتها على مناصرة الحق ومقارعة الباطل، وتسخير كل ما تملك من طاقات وإمكانات في معركة الدفاع عن الإنسان وحقوقه وصون كرامته ومقدساته. والعيد موقف مع الله، ومع الضمير، ومع الأمة، ومع السياسات الإقليمية والدولية العادلة، التي تستدعي استبدال الخلافات العربية الإسلامية، بسوق خدمات وارتباط تجاري ومنافع متبادلة، بدلا من العداء المسعور والحروب الهستيرية. ففي هذا اليوم المبارك، نحمل الذمم العربية والإسلامية مسؤولية ما يجري في اليمن، والعراق، وليبيا، وسوريا، وما تعانيه غزة والقدس وفلسطين. نعم يجب أن نعترف بأن لعبة العالم في سوريا قد تحولت الى كارثة شرق أوسطية، كما أن حرب اليمن شكلت أكبر فجيعة إنسانية، وكشفت مدى النار التي تأكل ضمير العرب، وما يجري في العراق خطأ قاتل، لأن ضحايا النظام البائد يجب أن يتوحدوا بشعبهم وناسهم ليحكموا، وإلا حكم الشيطان بهم، أما المشهد الليبي الدموي فخير دليل على ديمقراطية واشنطن والأطلسي، وليس بعيدا عنه ما يجري في سيناء، وما تكشفت عنه صفقة القرن بخصوص القدس وتهويد فلسطين، والمبدأ الذي يجب أن نعمل عليه جاهدين، يكمن في كف يد واشنطن عن اللعب فينا، ومنع الأنظمة السياسية من الانتحار عن طريق التبعية وضخ المال السياسي لدمار أوطاننا، إن ما يجري من أحداث مرة في منطقتنا الإسلامية والعربية، يفرض عليها موقفا تاريخيا تتشكل بموجبه مجموعة عربية إسلامية تضم ايران ومصر وتركيا والسعودية، تعمل على إطفاء حرائق العداوات والخصومات، والدخول في حوار الحد الأدنى من المصالح المشتركة، لأن تجربة عقود أكدت أن أي خلاف بين هذه القوى الكبرى يعني خسارة الجميع، وأي توافق يعني حماية مصالح الجميع، كمان أن التعويل على ما يسمى بمؤسسات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي ومجموعات الأمم المتحدة، لن يفيد بلادنا وشعوبنا إلا مزيدا من الفوضى وخيم النزوح ولعبة المشاريع الديمغرافية، وهنا نؤكد ونصر على ضرورة معالجة الازمة السورية، وتأمين العودة الآمنة للإخوة النازحين السوريين، بعيدا من كل الأجندات السياسية الإقليمية والدولية".
وختم قبلان: "أخيرا، شهر آب موعد وطني في الانتصار على الإسرائيلي وفي دحر آخر تكفيري عن جرود لبنان، وهو دليل على أهمية المنظومة الثلاثية بين الجيش والشعب والمقاومة، والتي شكلت شراكة ردعية استراتيجية لحماية لبنان من مخاطر المنطقة وتغيراتها. كل عام وأنتم بخير أعاده الله عليكم وعلى وطننا وأمتنا بالخير واليمن والأمن والأمان".
|
|
|
|
|
|
|
|
|