الدولار الى اين؟ ولماذا قال سلامة لا اعرف؟ |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#المغرّد
- اكرم كمال سريوي - الثائر
حاكم مصرف لبنان، المسؤول الاول عن السياسة النقدية، اجاب عند سؤاله عن حركة سعر صرف الدولار، ب «لا اعرف». مما ترك علامات استفهام كبيرة، حول هذا التصريح وارتداداته في الاسواق، فالحاكم الذي طالما طمأن الى استقرار وضع الليرة، والذي أوكل اليه قانون المحاسبة العمومية، في المادة 75 مهمة الحفاظ على النقد الوطني وثبات سعر الصرف، فجّر هذه المرة مخاوف المواطنين، رغم التوضيح الذي اصدره المصرف فيما بعد، والذي لم يُقنع أحداً .
بالطبع يعرف رياض سلامة الوضع النقدي، وما ستأول اليه الامور. ويعرف جيداً صدى كلامه في الاسواق، وقال كلمته دون مواربة، وهو يعلم ان المادة 127 من قانون النقد والتسليف، تعاقب كل من حاول، بإعلان او فعل ما، النيل من مكانة الدولة اللبنانية المالية. فكيف يجوز ان يفعلها من هو مؤتمن على حمايتها؟
تعتمد الادارة الاميركية، استراتيجية الحصار والعقوبات الاقتصادية، لفرض ما تريده على الخصوم والأصدقاء. وطالت هذه العقوبات مؤخراً، الحلفاء الأوروبيين، في موضوع خط الغاز الروسي. ولا شك انها بدأت تفعل فعلها في لبنان والعراق، وعدة دول اخرى.
يعلم كل الخبراء الاقتصاديين، ان الأزمة المالية الحالية في لبنان، هي سياسية قبل ان تكون نقدية. فالاقتصاد اللبناني لم يصبح الآن اقتصاداً ريعياً، بل هو كذلك منذ نشأة لبنان، ويعتمد على السياحة، وأموال المغتربين، والتجارة، والمساعدات الدولية، والعربية بالدرجة الاولى. ولم يكن لبنان يملك سابقاً ثروات، ومواد أولية، او انتاج زراعي او صناعي هام، يُصدّره الى الخارج، وفقده اليوم. بل على العكس، فان الكشف عن الثروة النفطية، تم حديثاً، وسيبدأ الحفر والتنقيب عنه، من قبل الشركتين الفرنسية والروسية قريباً . والدين العام لم يتراكم خلال الشهرين الماضيين، وبالطبع لم يكن هو سبب تدهور سعر صرف الليرة، رغم كل ما يشاع عن ذلك .
إن المصارف، والمصرف المركزي، اضافة الى كبار المتمولين، الذين حولوا ودائعهم الى الخارج، بعد ان وصلت اليهم الإشارات الاميركية، مسؤولون عن التسبب بالأزمة النقدية. فعمليات تهريب الأموال، ورفض إعادتها، وكذلك رفض المصارف امس، لاستعمال مبلغ 11 مليار دولار، من موجوداتها في الخارج، للمساهمة في اعادة الاستقرار، يوضح بشكل قاطع، ان الشأن السياسي وليس المالي، هو الأساس .
لا مواربة ولا غموض، يقول احد المطلعين على السياسة الاميركية. فعلى لبنان الاختيار، بين السير مع الاميركي، او ضده، ولن يقبل الاميركيون، ومعهم الخليج، نصف حل. ومن هذا المنطلق، فأن حكومة الرئيس دياب، اكانت من اختصاصيين، او تكنوسياسية، ستكون مرفوضة من الدول الغربية، وستواجه الحصار والعقوبات، باعتبارها حكومة محور الممانعة، ولن تتمكن روسيا والصين وايران، من انقاذها وتخليص لبنان .
يواجه الاميركيون، مشكلة تنامي قوة الانتاج الصيني، التي أصبحت تغزوا الاسواق العالمية، وحتى الاميركية. ونجحوا في استعادة بريطانيا، واضعاف الاتحاد الاوروبي، وما زال لديهم أقوى عملة متداولة عالمياً، ومحررة من التغطية الذهبية، ويسيطرون عبر الشركات العالمية، على ما يقارب نصف مصادر الطاقة والثروة في العالم. لكن ما حدث في قمة العشرين، في اليابان، من توجه بعض الدول، الى الاستغناء عن الدولار، اضافة الى الثورة التكنولوجية، واحتمال اعتماد العملة الرقمية، وبروز بعض التكتلات، من الاتحاد الاوروبي، الى اتحاد دول شرق اسيا والهند وغيرها، شكّلت تهديداً حقيقياً لأقوى دولة في العالم، وباتت تخشى خسارة موقعها قريباً، مما دفعها الى التصلب في سياساتها، مع الخصوم والأصدقاء على السواء .
يُصر رئيس الجمهورية، والرئيس المكلف، على تشكيل حكومة، وقد تخرج الى العلن قريباً. ولكن يعلم الكثيرون خطورة هذه المجازفة، خاصةً بعد رفض الرئيس الحريري والطائفة السنية، منح الغطاء لها، اضافة الى معارضة قوى أساسية، تعتبرها حكومة الانهيار، وإعلان الافلاس. والكثيرون يبشرون كل يوم، بقدوم المجاعة على اللبنانيين. وغير صحيح طبعاً، ما اشيع عن عدم اهتمام الاميركيين بالحكومة اللبنانية، ومن يكون رئيسها، والصحيح انهم يدفعون بالأمور الى المواجهة القصوى، والتي قد يدفع ثمنها اللبنانيون، خاصة الفقراء، من جيوبهم واستقرارهم وحياتهم .
تمارس كافة الأطراف اللبنانية أقصى التعنت، والكل يبحث عن كسر الآخر، وتحقيق نصر موهوم. ورغم معرفة وإقرار الجميع، بنفوذ وقدرة الاميركي على اغراق لبنان، او انقاذه، يبحث كل طرف عن مصالحه. وفيما تمسك اميركا وتتحكم بمصير وأموال كبار السياسيين، والمتمولين اللبنانيين، وتجبرهم على تنفيذ قراراتها، يُصرّ فريق آخر، على التحدي، والتمسك بالسلطة، مهما كانت النتائج، ويُرجّح البعض، ان يتكرر عندنا، ما حصل في فنزويلا قريباً .
يحتاج لبنان الى حكومة، ولكن ليس اية حكومة، فالقرارات الواجب اتخاذها للإنقاذ، يلزمها اجماع وطني، فيما يبدو ان الأطراف فضّلت رفع سقف التحدي، والذهاب الى المجهول، وراحوا يحذرون الشعب، منذ الآن من انهيار قادم وأيام سود، وأنه لا مفر من ذلك، رغم علم الجميع، انها لعبة الخيارات السياسية، وأمّا المال وسعر الصرف، فهو وسيلة هذه الحرب ليس اكثر .
المصدر: الثائر
|
|
|
|
|
|
|
|
|