سقط الخطيب...فماذا بعد سقوطه؟ |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#المغرّد
- اكرم كمال سريوي - الثائر
تراجع الزخم الشعبي في الشارع، اذالم نقل فشل في تحقيق الأهداف التي طرحها، بالرغم من إحداث بعض التغيير في المشهد السياسي العام في البلاد. لكن النتائج ليست على قدر آمال الثوار، التواقين الى وطن يسوده العدل والمساواة، وتتبدى فيه الوحدة والوطنية، على التفرقة والطائفية، ويحكمه مسؤولون يعملون للمصلحة العامة ، بدل خدمة طوائفهم وأنفسهم وأزلامهم.
بدأ الحراك بغضب شعبي عارم، فجّره الفساد المستشري في الدولة، القائم على المحاصصة بين اقطاب السلطة، وحكومة توجت فشلها الاقتصادي بموازنة الضرائب على الفقراء. وجذبت الثورة العديد من المثقفين والوطنيين، وبعثت الأمل في النفوس بغدٍ افضل، ودولة ارقى، ووطن حقيقي لكل ابنائه .
لم تتمكن الثورة من توحيد قيادتها، فبات ينطق باسمها من شاء وكيفما شاء، وتسلق ضهرها بعض الطامحين الى الشهرة والوصول الى مركز وزاري او نيابي، دون ان ينتبهوا الى ان التجريح والنقد لا يصنع المجد، وان التغيير يحتاج الى تقديم البديل، ليس بالأشخاص فقط، بل بالبرامج والخطط المدروسة، والخبرة والكفاءة، وهذا يحتاج الى عمل جماعي في إطار منظّم، ولا يحتمل الفوضى والعشوائية المدمرة للأوطان .
انكفأت الأحزاب اللبنانية عن المشاركة في الثورة، حتى تلك التي لديها تاريخ نضالي عريق، وتتبنى مطالب الثوار الحاليين. والسبب ان معظم هذه الأحزاب، خسرت خلال عقود صفتها الوطنية لمصلحة الطائفية، فباتت عبارة عن تجمعات مذهبية، تسعى لحماية مصالح الطوائف، وتُقدّمها على المصلحة الوطنية، وتخوض انتخاباتها النيابية، استناداً الى شد العصب المذهبي، بدل البرامج الوطنية. فتحول النواب الى ممثلين لمذاهبهم، بدل ان يكونوا ممثلين للأمة جمعاء، وحولوا مكاتبهم الى مراكز خدمات للاتباع والمناصرين، فحلت الوساطة مكان الكفاءة، واستباحوا الأنظمة والقوانين، وأسقطوا الدولة بكل المقاييس والمعايير، وباتوا يخشون على الثورة من أنفسهم .
رفع الثوار شعار «كلن يعني كلن» متجاهلين الواقع الطائفي، ووجود رأي آخر، مما افقد الثورة قوة مهمة، كان ممكن ان تأتي من مناصري الأحزاب، وبعض قياداتها، الناقمين على ما آلت اليه الامور من سوء في البلاد، وحتى داخل احزابهم . وحتى الآن ما زال بعض السرياليين من الثوار، يعتقد انه بالإمكان الغاء جميع الأحزاب، وقوى السلطة، وتنصيب نفسه حاكماً أوحد. وهكذا تسببت هذه الأنانية، والوهم المختلط ببعض الأحقاد الدفينة، في الوصول الى نتائج سلبية كبيرة .
انسحب سمير الخطيب ، وتمت تسمية الرئيس سعد الحريري ، من قبل الطائفة السنية، ومن على منبر دار الفتوى، مرشحاً وحيداً لتشكيل الحكومة المقبلة. فماذا عن رأي باقي الطوائف والنواب؟؟؟ وهل من الممكن تسمية شخص آخر من قِبل نواب الأمة؟ وما هو الداعي لاستشارات نيابية ملزمة بعد؟؟؟ وهل يُمكن الخروج من فيدرالية الطوائف هذه؟
بعد ما يقارب الشهرين من الحراك في الشارع، اكل الغلاء رواتب العمال والموظفين، اكثر مما كان ممكن ان تفعل ضرائب السلطة، وانتهكت المصارف القوانين، وحجزت اموال الناس، ومنعت التحويلات، وتعطلت الحركة الاقتصادية، واستغل التجار والسماسرة الشعب، لتحقيق الأرباح، في سوق سوداء لكل شيء. فأصبح حلم الطبقة الفقيرة بكاملها، العودة الى ما كنّا عليه من استقرار، ولو بالحد الأدنى قبل اندلاع الثورة، وبالنتيجة لا مسؤولية على احد، لا في السلطة ولا في الشارع، وكما جرت العادة فلكل يدين الكل .
اما وقد غيرت بعض الدول المؤثرة، قرارها من نشر الفوضى الخلاقة والصدام في لبنان، الى الحفاظ على أمنه واستقراره، وابلغت ذلك الى كل من يعنيهم الأمر، وسارعت الى تنظيم مؤتمرات الدعم، وإغداق الوعود. فإن الخسائر وقعت على الشعب وحده، وخاصة الفقراء، وسيعود أمراء السلطة الى تنظيم صفوفهم، بحكومة الأحزاب، وسيحاول كل طرف، توظيف ما حصل في مصلحته. وسيسعون لإرضاء الحراك، ببعض الوجوه المستوزرة، بعد ان يتم تدجينها، ضمن اصطفافاتهم الطائفية .
وحده الشعب والوطن سيدفع ثمن ما حصل، وسيستمر الآن نهج التجويع والإفقار، وسيبقى سيف خفض سعر الصرف للعملة الوطنية، سيفاً مسلطاً على رقاب الفقراء، فإما القبول بعودة القديم الى قِدمه، وإمّا الفقر والسقوط في الهاوية. واما أحلام التغيير والدولة المدنية، فستبقى بانتظار تبلور قيادات جديدة، تنتظم في احزاب وطنية، تحمل برامج حقيقية للإصلاح، وتدفع الأحزاب الحالية الى الخروج من قوقعتها المذهبية، ليتشكل تحالف وطني جامع، يُنقذ لبنان من هذا النظام الطائفي الفاسد . وبانتظار ذاك الوقت، سيستمر المخاض العسير، وستعود قريباً حكومة الرئيس الحريري. وسنشهد حتى الصيف القادم، مزيداً من الضغوط الاقتصادية، فالجميع يعلم انه لا يمكن بناء اقتصاد إنتاجي خلال اشهر، خاصة ان لبنان غير مؤهل في بناه التحتية لذلك. وبانتظار الانفراجات في دول الجوار، يبقى على المواطنين، الحذر وشد الأحزمة، فقد يكون تحرير سعر الصرف للدولار، وبشكل رسمي، هو طلقة الرحمة القادمة، على سلسلة الرتب والرواتب الانتخابية المقام .
|
|
|
|
|
|
|
|
|