التحرر من ربقة الفساد! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
– أنور عقل ضو
منذ العام 1943 حتى يومنا الحاضر، أي مع بزوغ فجر الإستقلال إلى اليوم، لم تسجل محاكمة مسؤول فاسد واحد، ولم ترصد حالة فساد ولو من قبيل الشبهة، وهذا يعني أن لبنان الأول عالميا على مقياس الشفافية ونظافة الكف، واستطرادا أكدت صيغة لبنان "الفريدة" نجاحا منقطع النظير، فها نحن اليوم ننعم بدولة متماسكة، موحدة، قوية بالعدل والقانون والمساواة، وقادرة بسلطتيها التنفيذية والقضائية، تحميهما سلطة تشريعية تنطق بلسان الناس، وهم يُحسدون على ما أغدق عليهم نظام التسويات والمحاصصات من عميم الخير وفائض البركة.
أكثر من سبعين عاما انصرمت والنتيجة "صفر فساد"، وهذا أمر يمكن للبنانيين أن يعتدُّوا به، فقد بزُّوا سائر دول العالم على مستوى منسوب النزاهة لدى معظم من تعاقبوا على السلطة، فالمسؤول هو ضمير الناس وخادمهم، هكذا اعتدنا على معاناة مسؤولين تتقطع لوجعهم نياط القلوب وهم يكدون ويسهرون كرمى لعيوننا، فيما نحن جاحدون، ننام ملء جفوننا ولا يأمن المسؤولون جانبنا، نرمي جُبَّ خيراتهم علينا بحجارة نكران الجميل، وما نزال على غيِّنا، دأبنا النكد وقد تأصل فينا دهرا وما يزال.
شر البلية ما يضحك، فساعة يطل على الناس أهل الشقاق والنفاق، ويملؤون الدنيا جورا وقبحا، يصبح لزاما علينا أن نحيي جيلا بنى لأحلامنا صروحا من عزة وكرامة وعنفوان، خصوصا وأننا كنا قد فقدنا الأمل بقيامة جديدة وحقيقية للبنان، وكنا كثيرا ما نتساءل أي مصير ينتظرنا، وفي قمة اليأس تبدل المشهد بكليته، شباب وشابات من كل الطوائف والمذاهب ومن سائر المناطق، يلقنوننا دروسا في الوطنية بعيدا من اصطفافاتنا وما تحجر من أفكار ومبادئ وقيم.
وسط مساحة الوعي لدى جيل الشباب، وما نسمع من طروحات وأفكار وتصورات، تتبدى الصورة الأجمل للبنان، فعلى الأقل، صارت الأحلام قابلة للحياة، جاهزة للتبرعم والإثمار، وما يشهده لبنان اليوم يمثل ثورة على الموروث الفاسد، على إقطاعات المال، على منطق الزبانية، وثورة على سياسة القطيع والحالة الغنمية التي استبدت بنا سنوات طويلة، فللمرة الأولى نرى الخوف والذهول على وجوه شاحبة، تلملم اليوم خوفها وتدأب لتسوية الأوضاع، تزويرا وتحويل ما بقي من أرصدتها خارج لبنان، بأسماء الأقارب والأتباع الخلّص والأوفياء.
عندما تجزع السلطة يشتد بأسها، وثورة اللبنانيين هي اليوم أمام امتحان الصمود في وجه جمهور الطوائف وأحزابها وقد بدأ يضمر، وأنّـى كانت التحديات فلبنان القادم على صهوة الثورة بدأ يشهد نزوعا نحو التحرر من ربقة الفساد، فالمعركة بدأت وستكون طويلة، واليوم غير الأمس!
|
|
|
|
|
|
|
|
|