إقفال الطُرق يُطلق الصدام، والحرب قاب قوسين! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
- اكرم كمال سريوي
بدأت صدامات المواطنين على الطرقات، بين من يريد الإقفال، ومن يعتبر الإقفال يضر بالمواطنين ومصالح الناس، وليس بالسلطة والمسؤولين. ولقد نتج عن ذلك امران، تمثل الاول بتصدع الحراك الشعبي وظهور انقسام، مما سبب بانخفاض الزخم وأعداد المتظاهرين بشكل ملحوظ. وثانياً ارتفاع في الاسعار، بحيث استغل التجار الفرصة، ولجأوا الى زيادة أسعار السلع، بنسبة تراوحت بين ١٠ و٢٦٪ وهي طبعاً لن تعود الى الوراء حتى ولو تم فتح الطرق .
في مقاربة موضوعية لعملية إقفال الطرق، نجد ان الضرر الأكبر يقع على المواطنين، لكن هذا لا ينفي مسؤولية السلطة، التي ما زالت ترفض تقديم تنازل ملموس، لتشكيل حكومة غير سياسية، تُنقذ البلاد، وتُصّر على العودة، الى الوضع الذي كان قائماً قبل بداية الحراك، مقابل اصرار المتظاهرين على عدم الحوار مع السلطة .
تُشير معلومات مؤكدة، ان هناك عدداً من الاشخاص، ادخلوا الى لبنان كميات كبيرة من العملات العربية والتركية، ويتم تبديلها بالدولار واخراجها منه، لإحداث أزمة مالية. وقد أصدر النائب العام التمييزي، قراراً قضى بمنع خروج الدولارات، عبر المطار والمعابر الحدودية، في حقائب وفقاً للكميات التي كان يتم التصريح عنها سابقاً، من قِبل التجار وغيرهم ، تداركاً لهذا الامر.
لا شك ان معظم الذين نزلوا الى الشارع، هم من الطبقة الفقيرة، التي آلمتها إجراءات الحكومة الضريبية، واستشراء الفساد في منظومة السلطة، وإدارات الدولة، والتي كان قسم من النواب، اول من فضحها وأدانها وطالب بمعالجتها. ويضاف اليهم مجموعة من الناقمين على النظام الطائفي، الذي يحمي الفاسدين باسم حقوق الطائفة، ويرفض جواز المس بقادتها، حتى ولو ظهر فسادهم وسرقتهم للمال العام. وهذا التيار العلماني بغالبيته، هو في حقيقته عابر للطوائف، وحتى الأحزاب اللبنانية، بما فيها تلك التي تقوم على عقيدة مذهبية .
ويطرح بعض المراقبين تساؤلاً، حول أولائك الذين يقطعون الطرق، ويحرقونها ويحرسونها ليلاً نهاراً ، وعن مصدر تمويل هؤلاء، إضافة الى بعض وسائل الإعلام، وعن أهداف شل البلاد، وأخذها باتجاه الانهيار المالي، وربما إشعال الحرب. ورغم براءة معظم المتظاهرين، لكن هناك من يريد استغلال الحراك، لتحقيق مآرب واهداف خارجية، دون ادنى اهتمام بمصالح اللبنانيين. وتم تسخير وسائل اعلام عديدة، لتغطية التحركات وتوجيهها باتجاه معين، والتصوير للناس، ان المطلوب هي مصلحة اللبنانيين، وتحقيق حلمهم بدولة علمانية عادلة ومستقلة، فيما حسب المثل القائل: "الجمل بنية والجمّال بنية".
سيمر وقت طويل قبل ان يكتشف الكثير من الناس حقيقة ما يجري، ويتم التخطيط له. وليس من باب نظرية التخوين او المؤامرة، التي يروج لها بعض الأطراف، لكن من باب الحرص على أحقية المطالب الشعبية، وضرورة فرض التغيير على اركان السلطة، دون الإطاحة بالوطن، او الانزلاق الى الفوضى، وتسليم زمام الامور الى مجموعة متهورين، يفرحون اليوم بصورهم على شاشات التلفزة، وهم يقطعون الطرقات، بينما في حقيقة الامر، يأخذون البلاد الى الحرب، التي باتت قاب قوسين او ادنى، وهم لا يدرون ما يفعلون.
الأَولى بمن يحرص على تحقيق مطالب الشعب، إدراك الواقع، وعدم الانجرار وراء الغرائز، والمال المشبوه. فوحده الاعتصام السلمي، في الساحات العامة، وفي بيروت تحديداً، يُحرج أطراف السلطة، ولا يُعطِهم ذريعة لتبرير أنفسهم، وتأخير السير بالإصلاح المنشود. أمّا التغيير الحقيقي، فيتم عبر صناديق الاقتراع، وفق قانون انتخاب جديد وغير طائفي، يرفع الوطنية فوق المذهبية والتعصب، ولو بعد حين، فهذا يبقى الخيار الأسلم، من اندفاعة جر البلاد الى دوامة العنف والعنف المضاد .
|
|
|
|
|
|
|
|
|