مَنْ وراء استهداف الجيش؟ ولماذا؟ |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
- اكرم كمال سريوي
يتعرض الجيش اللبناني منذ مدة، لحملة شبه مبرمجة. بدأت بمحاصرته مادياً مع موازنة ٢٠١٩، حيث تم تصفير عدة بنود مخصصة لوزارة الدفاع، ومنها ما هو ضروري، وكان قد اُقر في الخطة الخمسية لتسليح الجيش. ثم علت أصوات مطالبة بإلغاء بعض التعويضات للعسكريين، مع العلم ان العسكريين حصلوا على ادنى نسبة زيادة في سلسة الرتب والرواتب، مقارنةً مع زملائهم في القطاع العام. وانتهى الامر باقرار جملة إجراءات، اقتطعت من رواتبهم، ورواتب زملائهم المتقاعدين .
ولم تتوقف الحملة عند هذا الحد، بل استُكملت لتصل الى عرقلة دفع اموال تغذية الجيش، وهناك همس اليوم حول عرقلة تأمين الأدوية للطبابة العسكرية، اضافة الى بث شائعات تطال عدة ضباط في الجيش، ومحاولة زج اسمائهم في تُهم فساد او اتصال بعملاء او غير ذلك، ووصل الامر بالبعض، لاستخدام صور التُقطت في مناسبات عامة، للتشويش على دور الجيش وقيادته .
تُمثّل قيادة الجيش اهم المراكز في تركيبة النظام السياسي والإداري اللبناني، وقد تفوق بأهميتها حتى بعض المراكز الوزارية او النيابية. ومنذ انتهاء الحرب الأهلية حافظ الجيش على دوره الريادي، في الحفاظ على الامن والسلم في لبنان، ولم ينزلق في متاهات السياسة، والزواريب الطائفية او الحزبية، مما شكل حوله إجماعاً وطنياً، جعله امل اللبنانيين الشرفاء، في الحفاظ على الوطن واستقلاله، وجسر العبور الى الدولة الحقيقية. وكان ذلك من اهم الأسباب، التي أوصلت كل من العماد لحود، والعماد سليمان، الى سدة الرئاسة .
حقق العماد جوزف عون نجاحاً مهماً، في قيادته الجيش الى النصر، في معركة جرود عرسال، ضد الإرهابين. ونجح كذلك في الحفاظ على حقوق العسكريين، رغم الهجمة الشرسة التي تعرضوا لها، ونجح في الحفاظ على دور الجيش الوطني، ومنع جره الى مستنقع الصراعات الداخلية، او جعله اداةً في يد هذا الطرف او الحزب يسخره ساعة يشاء، لينتقم بواسطه من خصومه في حزب آخر او منطقة ما. وكذلك نجح في كسب الثقة، وتأمين الدعم الدولي للجيش، من مؤتمر روما الى واشنطن والسعودية وغير محطات هامة. واذا ما أضفنا هذه النجاحات، الى طبيعة قائد الجيش الرزينة والهادئة، وشخصيته المحببة، ومناقبيته العسكرية التي جعلته محط احترام وتقدير كافة الأطراف والقادة السياسيين، فان كل ذلك جعل بعض الطامحين للوصل الى رئاسة الجمهورية، يتوجسون من دور وموقع قائد الجيش، الذي قد يتحول الى ابرز المرشحين للرئاسة المقبلة للبلاد .
يرغب البعض في تطويع الجيش، ويعمد الى اضعافه بشتى الوسائل. وعندما طرح البعض تغيير قادة الأجهزة الأمنية، كانت سهامه الاساسية موجهة للنيل من الجيش أولاً وأخيراً. وجاءت في نفس السياق بعض التصريحات العلنية، التي هاجم فيها احد السياسيين وبعنف مدير المخابرات وعدد من الضباط. وماذا يعني ان يقوم احد الأحزاب، بإجراء عرض عسكري في قلب العاصمة بيروت؟ وما هي الرسالة التي يريد توجيهها؟ وماذا يعني هذا التطاول على سلطة الدولة وهيبتها، المتمثلة بالجيش والقوى الأمنية؟
وليس بعيداً عن هذا الامر، ما يُحكى عن إعداد مشروع لتعديل قانون الدفاع الوطني، يتم من خلاله تعزيز سلطة وزير الدفاع، وتمكينه من الإمساك بقرار الجيش، بما يسمح له بإصدار الأوامر والتعليمات المباشرة للعسكريين .
لقد اصبح الامر جلياً، فالهدف الاول هو ابعاد قائد الجيش عن احتمال الترشح للرئاسة، ومن ثم جعل الجيش اداة طيعة، في تنفيذ سياسة فريق معين. فهناك من لا يريد للدولة ان تنهض، ويسعى جاهداً وعلناً في جعل لبنان دويلة تابعة، تخوض صراعاً بالوكالة، من فلسطين الى اليمن وسوريا والخليج وربما ابعد.
ولكن هذه الحملة بأبعادها المختلفة، جعلت قسماً كبيراً من اللبنانيين، يتنبهون لها. فجاءت ردة الفعل بتجديد ثقة المواطنين بالجيش وقيادته الحكيمة، والتفاف شعبي واكبه دعم من عدد كبير من رجال السياسة، وأطراف وأحزاب رئيسية، لم تستسغ فتح معركة الرئاسة، في هذا الوقت المبكر، وفي هذه الظروف الاقتصادية الحرجة، التي تمر بها البلاد. وإنّ المظاهر والعرضات الميليشياوية، يمقتها القسم الأكبر من اللبنانيين، ولن تُجدي أصحابها نفعاً، فلا بديل عن الدولة القوية، وقد خَبِرَ اللبنانيون ذلك جيداً .
|
|
|
|
|
|
|
|
|