لبنان… صيغة تترنح |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
كتب "عدنان قاقون"
“لبنان يا قطعة سما عالارض تاني ما الها” مع الاعتذار من الفنان الكبير، الراحل، وديع الصافي، فان قطعة السما سقطت فوق رؤوس اللبنانيين قهرا وفقرا وخنوعا، وتبين ان الارض التي لا مثيل لها ايضا حظيت بسياسيين لا مثيل لهم.
في بلد الـ 10452 كيلومترا مربعا ما يزيد عن 90 حزبا! جميعها ترفع شعارات متشابهة، الديمقراطية، السيادة، التنمية والمساواة وغيرها من العبارات لزوم عدة الشغل، لكن الحقيقة ان هناك احزابا طائفية، او بمعنى ادق مجاميع طائفية انضوت تحت اسماء حزبية. غريب كيف تحصنت البيئة الحاضنة للتحجر الطائفي الى هذا الحد، وباتت تحكم حتى عروض المسارح الثقافية والفنية في ارض الفينيقيين، والاغرب كيف قيدت شباك الجهل والمصالح افكار العلمانية الى هذا العمق، حتى غاب النقاش، وتقوقعت المجاميع تحت عباءة “الزعيم “ايا كان حزبه او مذهبه، فالامر سيان؟لقد تعاون الجميع، بقصد او بغير قصد، على تطويع الطائفية وتطويق العلمانية التي كانت وستبقى جسر الخلاص للبنان.
الان ما يجري في لبنان، يصب في خانة ترتيب معركة رئاسة الجمهورية، وفق معادلة الامر الواقع، فالاسس والثوابت والمعطيات الاقليمية والدولية التي انتجت ميثاق 1943، تختلف عن معايير ولادة “اتفاق الطائف”، وبالتأكيد فان لبنان في عهد العراق الجديد، وسورية المطعمة بالنفوذين الروسي والايراني، لن يكون كلبنان التسعينات اطلاقا.
قام لبنان في البدء على صيغة “تمييز” الوطن الماروني في الشرق الاوسط، مستفيدا من نفوذ الانتداب الفرنسي انذاك، وكان هناك صراع وجود وهوية بين الافرقاء اللبنانيين، الى ان جاءت ظروف ومعطيات “اتفاق الطائف” عام 1989، واكد ان لبنان بلد عربي الهوية بدلا من بلد ذي وجه عربي، ويعطي”طوائف صيغة الحكم” الثلاث الموارنة والسنة والشيعة صلاحيات تكاملية، ويمنح ايضا “طوائف النظام” الدروز والارثوذكس والارمن وغيرها ميزة الحركة والانتقال السريع، احيانا من ضفة الى اخرى، مستفيدة من ثبات مواقف”طوائف الصيغة”.
الان، مواقف طوائف الصيغة لم تعد ثابتة، وتتغير مع تطورات الواقع الجديد في الاقليم، وثمة اسئلة حول اسباب ظهور احصاء جديد للبنان يبين ان حجم المسيحيين، احصائيا اقل من عدد الشيعة، او السنة في هذا الوقت تحديدا!
وفي منطق التحولات لا المفاجآت فان هناك من يرى ان تغييرا مقبلا على معادلة “صيغة الحكم “، وهنا مربط التأزيم غير المعلن، ولم يعد الحديث همسا في الصالونات السياسية عن رفض احتكار طائفة معينة الوظائف القيادية العسكرية والمصرفية والقضائية في الدولة، تماما كما يتساءل البعض عن الدور السياسي لـ”حزب الله” بعد ان شارفت الازمة السورية على نهايتها.
مؤسف، نعم ومؤلم ايضا، الواقع الطائفي اللبناني، لكن الخطيئة، ان قادة الامر السياسي تموضعوا ايضا خلف مكتسبات طوائفهم، واصبح الحديث عن العلمانية، مجرد تمنيات لقطاع لا بأس به من الشباب المثقف، الناقم على “صيغ” متداخلة جعلت ابناءه يتدافعون يوميا امام السفارات، اي سفارات، بحثا عن لقمة عيش غير مغمسة بذل هذا الزعيم او ذاك. وللتذكير، مع ظهور صيغ الحكم الطائفي في لبنان، وانطلاق المد الاصولي في مصر والمنطقة العربية في اربعينيات القرن الماضي، وجد كمال جنبلاط ان العلمانية هي خشبة الخلاص والمواجهة، لكن هذا المشروع سرعان ما “خنق”مع الحرب الاهلية الطائفية التي اجتاحت لبنان في سبعينيات وثمانينات القرن الماضي،
الان ما اشبه ظروف اليوم بالامس، وان تغيرت انواع “الطرابيش” والوان النفوذ، فمن يحمل جرس العلمانية في لبنان؟ الجميع يترقب.
المصدر: https://bit.ly/33I0FME
|
|
|
|
|
|
|
|
|