هل ستنفجر الحكومة الأسبوع المقبل ام سينجح فخامة الرئيس في رأب الصدع؟ |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
- اكرم كمال سريوي
تعطل العمل الحكومي اثر حادث البساتين، وانقسمت الحكومة بين مواقف ثلاث، ففي حين طالب الامير طلال ارسلان ، وتكتل لبنان القوي، بإحالة الحادثة الى المجلس العدلي، وساندهم في ذلك حزب الله، عارض اللقاء الديمقراطي ذلك بشدة، وفضّل رئيس الحكومة التروي بانتظار التحقيقات، وكذلك كان موقف الرئيس بري والقوات اللبنانية والنائب سليمان فرنجية . وكثف الجميع اتصالاتهم ولقاءاتهم بحثاً عن دعم لمواقفهم.
وما زال الامير طلال ارسلان يُصرّ على موقفه، وتلقى الدعم من حزب الله الذي اوفد الحاج حسين خليل الى بنشعي، ليطلب دعم سليمان فرنجية، في حال جرى التصويت داخل مجلس الوزراء، ورجّح البعض انه نجح في إقناع فرنجية بتبني موقف ارسلان، ثم استُكمل الامر بزيارة الوزير صالح الغريب، والذي زار بكركي ايضاً لشرح موقفه. ورغم كافة مساعي التهدئة، بقي التصعيد سيد الموقف. وانتهى اجتماع تكتل لبنان القوي برسالة عالية النبرة، باتجاه اللقاء الديمقراطي ومن يسانده. ويعتبر هذا الفريق، ان الوزير الغريب تعرض لكمين مسلح ومحاولة اغتيال، وهي تستحق الإحالة الفورية الى المجلس العدلي، كأعلى سلطة قضائية تهتم بالجرائم الواقعة على امن الدولة.
من ناحيته كثف اللقاء الديمقراطي اتصالاته، وهو يرى ان ثمة من يُريد تحويل الموضوع، من قضائي الى محاكمة سياسية، وان هناك أطراف خارجية تقف خلف هذا الامر، وهذا واضح من خلال تصريحات وممارسات بعض قوى الثامن من آذار، وانه لا صحة للادعاء بان الوزير الغريب تعرض لكمين مسلح، بل على العكس فان تقارير الأجهزة الأمنية، وإفادات الشهود، تؤكد ان مرافقي الوزير هم من بادر بإطلاق النار لفتح الطريق، وان ما حصل كان رد فعل من المحتجين، ولقد سلم الحزب التقدمي عدداً من المطلوبين، رغم رفض الوزير ارسلان تسليم العناصر المطلوبة للتحقيق، ولم تنجح حتى الآن جهود ودبلوماسية اللواء عباس ابراهيم في إقناعه بتسليمهم. وتتخوف مصادر مقربة من الاشتراكي، من ان يلجأ ارسلان الى تهريب مرتكبي الحادث، فكيف له ان يطالب بتحقيق العدالة فيما يرفض تسليم المطلوبين لديه، ويقوم بتهريبهم من وجه العدالة ، كما حصل سابقاً مع امين السوقي، المطلوب في حادثة الشويفات، والذي بحسب اعتقادهم، انه لن يعود من سوريا، كونه لديه الكثير من المعلومات التي قد يكشفها، فهو وبحسب بعض الروايات لم يكن في الشويفات قبل الحادثة، بل في بيروت، وانتقل الى خلدة ثم الشويفات بناءً على امر ليقوم بإطلاق النار وافتعال المشكلة، وربما يكون مصيره في سوريا مثل أولائك الذين تم التخلص منهم من قبل لإخفاء العديد من الحقائق
ولقد اجرى رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط، عدة اتصالات، مع عدد من المرجعيات وخاصة داخل الطائفة الدرزية، ومن بينها الشيخ نصر الدين الغريب، وأبدى حرصه على الحفاظ على الهدوء والوحدة والسلم الأهلي في الجبل، وترك القضاء يقوم بواجبه بعيدا عن التهويل السياسي، وضرورة تسليم كل المطلوبين الى التحقيق من الطرفين ، لكشف الحقيقة، وعدم الانجرار وراء الشائعات المغرضة ودعاة الفتنة .
لقد اعلن رئيس الحكومة انه علينا انتظار التحقيقات، وسيتخذ الإجراء المناسب بعد تكشف الحقائق، ويسعى الرئيس بري في نفس السياق، وزار لهذه الغاية بعبدا، متمنياً على رئيس الجمهورية اعادة الامور الى نصابها. ويعلم الجميع انه وحده الرئيس قادر الآن على ضبط الإيقاع، والمسك بزمام الامور، وربما لهذا السبب بدأ الحديث عن مصالحة درزية درزية ومسيحية، بين الأطراف الثلاث في بعبدا.
يعلم الرئيس عون انه اذا نجح في تحقيق هذه المصالحة، سيكون اول رئيس جمهورية يرعى مصالحة بين فريقين درزيين، وهذا بالطبع سيُكسبه ثقة كبيرة، بل اكثر من ذلك، سيكون لهذه الرعاية رمزية وطنية هامة، ليترفّع بها عن المخاصمة السياسية، ويلعب دور الحكم والراعي للجميع. ولا يخفى عليه بالطبع، ان هناك أطراف عديدة، لا تُريد له ان ينجح في هذا الدور، كما ان موافقة الدروز على ان يلعب العماد عون هذا الدور، هي سابقة، ولا يكتم بعضهم رفضه لهذا الامر ويطالبون بحل الامر داخل البيت الواحد برعاية الهيئة الروحية، كما انه هناك عدة أطراف داخلية وخارجية، لا تريده ان يقوم بذلك، بل تُريد اقتناص الفرصة وتراها سانحة، لمحاصرة واضعاف وليد جنبلاط.
لن يُدرج الرئيس الحريري بند احالة قضية البساتين الى المجلس العدلي على جدول الاعمال، للاجتماع المقبل للحكومة، وهو تلقى جرعة دعم من رؤساء الحكومة السابقين، باعتباره الوحيد الذي يحدد جدول الاعمال، ومن غير المقبول بان يتجاوز احد على صلاحياته الدستورية هذه. ومن جهة ثانية فإن التيار الوطني الحر، وكذلك رئيس الجمهورية، وكما أعلنا، لا يرغبان في تعطيل العمل الحكومي، فالبلاد تحتاج الى الكثير من العمل. اضافة الى انه اصبح واضحاً، من موقف بكركي، وعدة أطراف اخرى، كالقوات اللبنانية، والكتائب وغيرهم، انهم يولون أهمية كُبرى للحفاظ على مصالحة الجبل، ولا يرغبون في اي عمل يُوتّر العلاقة الدرزية المسيحية، وهذا ما سمعه وفد اللقاء الديمقراطي، وكذلك وفد الحزب الديمقراطي، خلال زياراتهم.
يحق لرئيس الجمهورية، ان يطرح على الحكومة ما يراه مناسباً، ومن خارج جدول الاعمال عندما يترأس الجلسة. لكن يثق المراقبون، ان الرئيس عون لن يُقدم على طرح احالة واقعة البساتين الى المجلس العدلي، لانه يعلم حجم المعارضة لهذا الامر الآن، وان طرح ذلك من خارج جدول الاعمال، سيؤدي ليس الى تعطيل الجلسة وحسب، بل سيُفجّر الحكومة، ويُدخِل البلاد في أزمة حكومية يصعب الخروج منها. فان وليد جنبلاط بما يُمثل من رمزية وطنية ودرزية، لا يمكن محاكمته سياسياً، او محاصرته والانتقام منه بشكل مباشر او عبر احد وزرائه، باحالة ملف غير مكتمل العناصر، وفيه الكثير من المغالطات والفبركات، الى المجلس العدلي، وقبل اكتمال التحقيقات ولو المبدئية. ولا يمكن تكرار ما حصل مع قائد القوات اللبنانية سمير جعجع، فالظروف مختلفة كلياً، فوليد جنبلاط يحظى بدعم كبير من عدة أطراف خارجية وداخلية ومن مختلف الطوائف والمناطق اللبنانية، فهو ما زال في اذهان الجميع، حتى خصومه السياسيين، ابرز المدافعين عن القضية الفلسطينية، ومُسقط اتفاق ١٧ ايار، ورأس الحربة في ثورة الارز التي اخرجت القوات السورية من لبنان .
ولهذا يبقى الرهان على دور رئيس الجمهوري، في جمع الشمل السياسي والحكومي، فلقد نجحت القوى الأمنية في ضبط الوضع على الارض، ويعلم الجميع ان الظروف الداخلية والخارجية لا تسمح بالتعطيل، بل على العكس هناك حاجة ملحة لتجاوز الخلافات، وتكثيف الجهود لإنقاذ الوضع الاقتصادي، وتجنب الأخطار المحدقة بلبنان. ولهذا يرى المتفائلون انه ستنعقد الحكومة قريباً، وستعاود نشاطها، وسيُترك للقضاء معالجة حادثة البساتين، فهي على أهميتها، يجب ان لا تُعطل البلاد، وتُدخلها في أزمات، نحن بغنى عنها، امام قرع طبول الحرب، والتهديدات الاسرائيلية اليومية، والضغط والعقوبات الاميركية المتلاحقة، التي باتت تطال أعضاء في مؤسساتنا الدستورية، ويبدو انها لن تتوقف عند عدد محصور من نواب الأمة .
*إن "الثائر" على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية والأفكارة في النص أعلاه تعبر عن رأي صاحبها.
|
|
|
|
|
|
|
|
|