هل تستطيع ايران امتلاك سلاح نووي ؟؟؟ |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
- اكرم كمال سريوي*
ما هي قدرات ايران؟ وهل هي قادرة فعلاً على صناعة أسلحة نووية؟ انه سؤال هام، خاصة بعد إعلانها، انها بدأت اعتباراً من السابع من تموز الحالي، تجاوز نسبة اليورانيم المخصب، المحددة لها في الاتفاق النووي، الموقّع مع الدول الخمس الكبرى إضافةً الى ألمانيا منذ 14 تموز 2015، كرد على فشل الدول الأوروبية في تحقيق المطالب الإيرانية، بسلة الإجراءات الشاملة لحماية اقتصادها، خاصة بعد ان انسحبت منه الولايات المتحدة الاميركية في الثامن من أيار 2018 وفرضها عقوبات جديدة على طهران .
كانت تمتلك ايران قبل الاتفاق، 19 الف جهاز طرد مركزي، ووصلت الى نسبة تخصيب بلغت 20 % ومخزون حوالي 8 آلاف كلغ من اليورانيم المنخفض التخصيب، وقال مؤيدوا الاتفاق يومها ان ايران كانت على بعد اشهر بل أسابيع قليلة من صناعة سلاح نووي، ولفهم هذا الموضوع لا بد من إيضاح بعض النقاط التقنية:
يوجد اليورانيم في عدة دول في العالم، تتصدرها استراليا التي تُنتجه منذ العام ١٩٥٤، ثم كازاخستان وروسيا وكندا والنيجر وناميبيا، وعدة دول اخرى كالبرازيل والصين ومنغوليا، وفي العالم العربي يوجد عدة تقارير تفيد عن كميات مهمة في السعودية والأردن. ويوجد نوعان من نظائر اليورانيم،U-235 و U-238 والنوع الاول وحده صالح لإنتاج السلاح النووي، لكن نسبته لا تتجاوز % 0,7 من كمية اليورانيوم الخام، الذي يكون بمعظمه من النوع الثاني اي النواة الثقيلة، وهذا يعني اننا نحتاج الى طن من اليورانيم لاستخراج سبعة كلغ من النوع الصالح للاستخدام العسكري، وهذا ما يُسمى بعملية التخصيب اي زيادة نسبة اليورانيم U-235 عن طريق طرد ذرات اليورانيم الثقيل من الكمية التي تتم معالجتها عبر اجهزة الطرد المركزية.
يعمل جهاز الطرد المركزي بطريقة الدوران، بحيث تتراوح سرعة الجهاز من 50 الى 70 الف دورة في الدقيقة، فبعد استخراج اليورانيم من المنجم، يتم نقعه بحامض الفسفور -أسيد فوسفوريك H2SO4- ثم تتم التصفية بحيث يذوب اليورانيم في الاسيد وترمى الشوائب، ويتم بعدها تجفيفه، ثم طحنه ومزجه عبر عملية كيميائية حتى الحصول على سداسي الفلورايدUF6 المسمى بالكعكة الصفراء نسبةً الى لونه الأصفر، وهو قابل للتحول الى غاز على حرارة 64 درجة مئوية، ثم وعند ضخه على شكل غاز الى داخل الجهاز، تلتصق الذرات الثقيلة على جوانبه اثناء الدوران وتتساقط، في حين تتركز الذرات الخفيفة في الوسط وتخرج عبر الأنبوب الداخلي، فترتفع بذلك نسبة اليورانيم الصالح في الكمية المستخرجة من 0,7%الى 0,9% وبعد مرورها في جهاز ثانٍ ترتفع الى 1% ، ويمكن وصل عدة اجهزة ببعضها البعض بحيث تتم معالجة الكمية بعدة مراحل، حتى نصل الى نسبة نقاء تفوق 90% ، وهي النسبة المطلوبة لصناعة سلاح نووي، وتتطلب هذه العملية وصل ما لا يقل عن 1500 جهاز ببعضها البعض. وهنا تجدر الإشارة الى ان إنتاجية الجهاز متدنية، وهي لا تتجاوز ثلاث غرامات في السنة في اجهزة الجيل الأول، اما الآن فقد زادت الإنتاجية حوالي 20 ضعفاً مع اجهزة الجيل الثامن، وتستعمل روسيا اجهزة من الجيل التاسع الغير متوفرة في باقي دول العالم ، في حين اعلن خبراؤها انهم سيبدأون باستعمال اجهزة من الجيل العاشر الذي سيحسن الإنتاجية بنسبة أربعة اضعاف .
تحتاج صناعة السلاح النووي ليس فقط الى كمية كافية من اليورانيم عالي التخصيب، بل ايضاً الى عدة تقنيات اخرى، أهمها جهاز التفجير الذي يحتوي على كمية كافية من النترونات، وجهاز إطلاقه لدمجها مع كتلة اليورانيوم، ولا بد ان تتم هذه العملية داخل غلاف عاكس للنترونات، كي يحدث الانفجار، وإلّا سيكون الامر اشبه بانفجار مفاعل نووي لإنتاج الطاقة الكهربائية، ولا يصلح لاستخدامه كسلاح. وتُقدر الكمية اللازمة من اليورانيم لإنتاج قنبلة واحدة ب 13,6 كلغ، وتسمى بالكتلة الحرجة، مع العلم ان عدة دول تمكنت من تخفيض هذه الكمية، بحيث اصبح بالإمكان صناعة قذائف مدفعية نووية، لكن هذا الامر يحتاج الى تقنيات عالية الدقة .
تملك ايران عشرة آلاف جهاز طرد من الجيل الاولIR-1، وعدد آخر من الأجهزة الأحدث، ورغم إعلانها عن تطوير عدد من اجهزة الطرد الحديثة IR-6 و IR-8، لكن الاتفاق النووي فرض عليها ، تقليص عدد اجهزة الطرد الى 5060 جهاز، وأجبرها على استخدام اجهزة الجيل الاول فقط، والتخصيب حتى مستوى 3,67% والتقيد بخفض مخزونها الى 300 كلغ من اليورانيم المخصب، كما حدد الاتفاق انتاج ايران ب 130 طن من الماء الثقيل، وهو نوع من المياه التي تحتوي على ذرة هيدروجين تسمى ديتريوم، يكون في نواتها نيترون واحد اضافة الى البروتون الموجود في الهيدروجين العادي، ويُرمز اليه ب (D2O) وهو موجود في مياه البحار بنسبة ضئيلة تصل الى 15 غرام في كل الف ليتر، كما يمكن تصنيعه بطرق كيميائية. والمهم انه افضل من الماء العادي للاستعمال في الدورة المغلقة، داخل المفاعل النووي خاصة تلك المفاعلات التي تقوم بتحويل اليورانيم الثقيل الى بلوتونيوم 239 وهي المادة التي يمكن استخدامها لاحقاً في صناعة الاسلحة النووية .
يمكن لإيران طبعاً انتاج اليورانيم عالي التخصيب، خاصة انها باتت قادرة على انتاج اجهزة طرد مركزية تبلغ سرعتها 60 الف دورة في الدقيقة، لكنها وفقاً للكمية المطلوبة لإنتاج سلاح نووي، فهي تحتاج الى اكثر من الف كلغ من اليورانيم المخصب بنسبة 3,6% ، اضافة الى مدة طويلة لا تقل عن السنة، في حال بدأت بتركيب الدارة اللازمة لتخصيب يورانيوم بنسبة 90% الآن. ورغم ان البعض يعتقد انها تحتفظ بكميات مخصبة بنسبة عالية، لكن المشكلة هي ليست فقط بوجود اليورانيم، بل بالتقنيات الاخرى اللازمة لصناعة السلاح النووي، والتي لا تمتلكها ايران حتى اليوم .
اما الأهم من ذلك فان ايران تُدرك جيداً مخاطر هذه الخطوة، فهي تعلم اصرار عدة دول في العالم على منعها من امتلاك السلاح النووي، حتى ولو كلف ذلك توجيه ضربة عسكرية الى منشآتها النووية، اضافة الى انها ستُعرّض نفسها الى عقوبات قاسية من قِبل المجتمع الدولي، كما انها لا تملك حتى الآن وسائل إيصال الرؤوس النووية في حال إنتاجها، الى الدول المعادية، خاصة الولايات المتحدة الاميركية او اوروبا، وربما لهذا السبب تعمل حالياً على تطوير منظومتها من الصواريخ البالستية التي أقلقت الاميركيين والاسرائيليين، فلا قيمة لسلاح نووي لا يمكن ان يطال الأعداء. اما اسرائيل التي تعتبر نفسها الأكثر عرضة لخطر الصواريخ الإيرانية، فيرى بعض المراقبين، انها لن تتردد في تكرار تجربة تدمير مفاعل العراق 1981وسوريا 2007 .
من الواضح ان ايران ترفع سقف مطالبها، وحتى انها تُروّج الى تقدمها في الصناعة النووية، بهدف الحصول على افضل ما يمكن من المجتمع الدولي، مقابل تجميد هذه الأنشطة. ولكن هذا لا يعني انه ليس لديها طموحات نووية ورغبة في دخول نادي الكبار في العالم، خاصة على المدى البعيد، وفي ظل التطور التقني الحاصل، ومستقبل الطاقة النووية النظيفة. فإذا كانت بعض الدول كألمانيا وإيطاليا والسويد، قامت باغلاق منشآتها النووية بسبب الاعتراض الشعبي على خطر التلوث، لكنه ما زال يوجد قرابة 451 مفاعل نووي في العالم، وتنتج ما يقارب 311,6جيغاواط من الكهرباء، ما يمثل نسبة 13% من الانتاج العالمي، كما انه هناك عدة دول، تُعيد الآن النظر بقراراتها، في إغلاق المفاعلات النووية، بسبب التلوث الذي تُحدثه معامل الانتاج بالوقود الأحفوري. ولذلك فانه اذا كان ليس من مصلحة ايران الآن صناعة سلاح نووي، لكن وبانتظار تغيير الظروف ستمتلك هي وعدة دول اخرى هذا السلاح، بمساعدة او دون مساعدة الدول الكبرى .
*متخصص في الوقاية من أسلحة الدمار الشمل
|
|
|
|
|
|
|
|
|