من يعيد للسريان حقوقهم... ويعيد الدولة للدولة؟! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
لم يكن مفاجئا ما خلصت إليه أعمال السينودس السنوي العام لأساقفة الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، خصوصا في المطالبة بتحقيق التمثيل العادل للسريان في مختلف الإدارات، وهذا مطلب حق في جمهورية الطوائف، طالما أن معيار التوظيف صار جزءا من إرادة ممثلي الطوائف، والسريان لا يمكن أن يكونوا استثناء، وإذا كان لا بد من المضي في اقتسام اللبنانيين طوائف ومذاهب فإنصاف السريان والكاثوليك والدروز والأرمن والكلدان والآشوريين والعلويين واجب على كل راسمي سياسة الدولة والمصادرين قرارها بما يرضي حضورهم الزعاماتي.
ربما قلة من اللبنانيين تعلم بأن للسريان الفضل الكبير على الإنسانية، ولعبت كنيستهم دورا بالغ الأهمية في الحفاظ على الإرث الحضاري لشعوب منطقتنا من شبه الجزيرة العربية إلى حوض البحر الأبيض المتوسط، ولا تزال الرقوق القديمة تؤرخ لماض بعيد، حتى اللغة العربية الكتابية أخذت الكثير من السريانية، وحتى الآن ما نزال نستخدم مفردات جذورها سريانية، ولم يقتصر الدور الحضاري على القرنين الأول والثاني بعد الميلاد فحسب، وإنما أبعد من هذه الفترة بكثير، خصوصا وأن السريان ساهموا في النهضة العربية وترجموا أعمال الفلاسفة الإغريق إلى لغة الضاد، وهذا ما يفترض بحثا عميقا وهادئا، إذ لا يمكن الإحاطة بكل الإرث السرياني بعجالة.
نضم صوتنا إلى السينودس السنوي العام لأساقفة الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، لنؤكد أن من حق كل المكونات اللبنانية أن تكون شريكة في الدولة، وأبعد بكثير من استجداء وظيفة للسريان أو غيرهم، وهذا ما يفترض التخلي نهائيا عن طائفية الوظيفة، لأنه عندها ننصف سائر الفئات اللبنانية، أي عندما يصبح تكافؤ الفرص حقيقة واقعة، فلا نعود بحاجة لمن يصادر أو يلغي الكفاءة لصالح الإستزلام والتبعية، وكلنا يعلم أن من ننعم عليه بوظيفة يقابلنا بولاء أعمى على حساب مركزية الدولة وعدالة التمثيل.
وإذا ما بقينا نتحاصص على حساب معيار الكفاءة فسنجد أنه مهما راعينا التنوع اللبناني فستظل ثمة فئة تشعر أنها مغيبة ومصادرة حقوقها، وهذا ما لمسناه ونلمسه ليس مع الكنيسة السريانية فحسب، وإنما مع الكاثوليك الملكيين والروم الأرثوذكس والمذاهب الأرمنية وغيرهم، وسنظل محكومين برضى المسؤول عن رعيته، وحده من يهب الوظيفة ولكن للأتباع فقط، من النيابة إلى الوزارة إلى سائر الوظائف في الإدارات العامة.
ومن يتوهم أنه أعاد حقوق طائفته فهو واهم، لأن ما يحفظ حقوق الطوائف معيار العلم والكفاءة ونظافة الكف والقيم واحترام منطق الدولة لا رغبة الزعماء ومن يدور في فلكهم، ومن هنا نقول من يعيد للسريان حقوقهم، أو بمعى أصح، من يعيد الدولة للدولة؟!
|
|
|
|
|
|
|
|
|