سرحان:الجسم القضائي ليس في أفضل حالاته ونأمل الإصلاح قريبا فينعم اللبنانيون بقضاء معافى |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
ألقى وزير العدل البرت سرحان كلمة في الاحتفال بذكرى مئوية تأسيس محكمة التمييز، في قصر عدل بيروت، برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وفي حضور رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري.
وقال في كلمته: "إن رعايتكم، فخامة الرئيس، وحضوركم شخصيا مع أركان الدولة، هو دليل على إيمانكم بدولة القانون التي لا تستقيم إلا بوجود قضاء مستقل ونزيه، أو عبثا نتكلم عن قيام الدولة إذا لم يكن قضاؤها سيد نفسه، مستقل الإرادة والقرار، منزها عن كل الأهواء، متمتعا بكفاءة عالية متسلحا بالقانون والضمير. اليوم تطوي محكمة التمييز القرن الأول من عمرها، وتدخل في الزمن الآتي أكثر نضارة وأشد رسوخا في الحق. فهي أنشئت سنة 1919 قبل عام واحد من إعلان دولة لبنان الكبير، فكأنما أريد لها، بهذا التتابع الزمني، أن تكون إحدى الركائز الأساسية في بناء الدولة الناشئة، تحرس قوانينها وتحفظ حقوق أفرادها ومؤسساتها عبر تثبيت العدالة وممارسة الرقابة على قرارات محاكم الإستئناف. مئة عام لم توهن هذه المحكمة، بل أكسبتها قوة ومناعة، فنما اجتهادها في مختلف المجالات الحقوقية، وتطور حتى أصبح تراثا غنيا، هو، إلى جانب الفقه، مصدر مكمل للتشريع. وإذا كانت محكمة التمييز، بعد استحداثها في العام 1919، قد ألغيت مرتين في العامين 1930 و1939، إلا أن المشترع اللبناني أعادها نهائيا في العام 1950، تلبية لحاجة ماسة إلى وجود محكمة عليا، تحظى بسلطة معنوية بالنسبة إلى المحاكم التي تمارس رقابتها عليها، وتكون ضامنة لوحدة الإجتهاد وعدم تضارب القرارات القضائية التي تسهر على مطابقتها للقانون. من هنا ضرورة وجود هذه المحكمة واستمرارها، ودعمها، عبر اختيار القضاة اللامعين لتشكيل غرفها، باعتبار أن تبوء مركز فيها يفترض أن يكون تتويجا لمسيرة قضائية ناجحة. ففي البلدان الراقية، ولا سيما في فرنسا، كم رأينا من أساتذة حقوق لامعين يعينون، بسبب شهرتهم العلمية، قضاة في محكمة التمييز، فتستفيد من قدراتهم الفقهية، في حين يتسع أفقهم العلمي، كأساتذة، بنتيجة الخبرة العلمية التي يكتسبونها من جراء ممارسة مهامهم القضائية".
أضاف: "في لبنان، مما زاد محكمة التمييز تألقا طيلة هذا القرن، أن قضاة أكفاء، اكتسبوا بعلمهم ومناقبيتهم واستقلالهم، شهرة تجاوزت أحيانا حدود الوطن، ترأسوا هذه المؤسسة أو كانوا رؤساء غرف أو مستشارين فيها. وإذا كان المجال يضيق في هذه الكلمة عن تسمية هؤلاء، أو بعضهم، فإن في مطاوي ذاكرتنا أطياف قضاة أبرار كانوا يحملون بإخلاص أمانة الحكم بالعدل، دون أن يتأثروا بأي ضغط سياسي أو إغراء من أي نوع كان. وحسبي أن أذكر بين هؤلاء الرئيس خليل جريج، لا بسبب انتمائي وإياه إلى منطقة الكورة فحسب، بل لأنه في مستهل مسيرتي القضائية شكل بالنسبة إلي مثالا لرجل العلم والقاضي المجتهد. إننا نتذكر تاريخ محكمة التمييز ودورها البارز، في الوقت الذي يواجه القضاء اللبناني تحديات حقيقية لا يجوز التغاضي عنها، ذلك أن الجسم القضائي ليس حاليا في أفضل حالاته بسبب شوائب تعتري مسيرته، تجري حاليا المحاسبة بشأنها، ما يؤدي إلى زعزعة ثقة الناس نتيجة ذلك بقضاء يضمن لهم الحصول على حقوقهم المشروعة؛ هذه الأمور كلها تحتاج إلى معالجة حقيقية في العمق، لن نتأخر، بإشراف فخامة الرئيس وصاحبي الدولة، عن القيام بها، توصلا إلى إقامة سلطة قضائية مستقلة، تكون حجر الزاوية في دولة القانون، التي نطمح إليها. فما دامت الإرادة السياسية، على أعلى مستوى، متوفرة من أجل إحلال سلطة قضائية محل قضاء السلطة، يتوجب علينا، كل من موقعه، أن نترجمها إلى نصوص قانونية وإجراءات عملية تضمن استقلال القضاء وتعزز ثقة المواطنين به. وفي هذا المجال، لمحكمة التمييز وقضاتها، مهمة رائدة ينبغي لهم الإضطلاع بها، لأنهم، بحكم خبراتهم ومواقعهم، حكماء القضاء، يعطون، بأدائهم ورصانتهم، المثل الصالح، لسواهم من القضاة، في مسيرة الإصلاح القضائي المنشود، الذي هو أساس أي إصلاح في سائر مرافق الدولة".
وختم: "أتحدث بهذا، لا بصفتي وزيرا للعدل فحسب، بل من موقعي كقاض سابق، يعرف مقدار المسؤولية الملقاة على القضاة ويراهن على إدراك السلطة القضائية، للآمال المعقودة عليها في هذا الخصوص. وعلى أمل أن يتم الإصلاح قريبا، وأن ينعم اللبنانيون بقضاء معافى، نهنىء قضاة لبنان بصورة عامة، وقضاة محكمة التمييز رئيسا أول ورؤساء غرف ومستشارين بصورة خاصة، بمئوية محكمة التمييز، متمنين لهم الخير كله، والسلام".
|
|
|
|
|
|
|
|
|