"الثائر" يحاور سفير روسيا في لبنان... زاسبكين: الوضع اليوم أسوأ من الحرب الباردة وحتى الآن قواعد اللعبة مفقودة |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
خاص - "الثائر"
يدين لبنان للشعب الروسي بما قدمه على مدى عقود طويلة، ولا نأتي بجديد في هذا المجال، فلو لم يكن الشعب الروسي حاضنا للبنانيين منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي لاقتصر التعليم الأكاديمي في لبنان على طبقة الأثرياء، وثمة عشرات الآف من أبناء المزارعين والفقراء تابعوا الدراسة في روسيا والاتحاد السوفياتي السابق، وساهموا في نهضة لبنان، في سائر ومختلف القطاعات، ولا ننسى أيضا أن ما تشهده روسيا اليوم من تطور في ميادين العلوم والتكنولوجيا يمهد لتعاون لبناني – روسي يلغي حصرية العلاقة مع الغرب. ولا يمكن النظر إلى روسيا من هذا الجانب فحسب، خصوصا وأن التطورات في المنطقة والعالم باتت تتطلب أن يستقيم ميزان العلاقات الدولية، بعيدا من أحادية هيمنت وأورثت العالم حروبا ودمارا، وإذا كانت الرأسمالية المتوحشة وصلت إلى مأزق كياني قوض مفهوم "نهاية التاريخ" كما قدمه فرنسيس فوكويوما في لحظة تاريخية كأداء، فإن روسيا اليوم تستعيد هالة حضورها، وهذه فرصة لشعوب ودول العالم المستضعفة.
انطلاقا من هذه النظرة السريعة، كان لقاؤنا مع سفير روسيا في لبنان ألكسندر زاسبكين مناسبة لعرض أهم القضايا الدولية والإقليمية، وهو المتسم بهدوء ودماثة خلق وبعد نظر ورؤية ثاقبة، وخلصنا إلى حوار نضعه أمام قراء "الثائر".
وفي مَا يلي نص الحوار:
"الثائر": أولا لنبدأ من الوضع اللبناني ومن موقعكم الديبلوماسي، هل سيكون لبنان قادرا على تخطي عثراته السياسية والاقتصادية؟
زاسبكين: يجب ان يكون قادرا.
"الثائر": بوجود هذه الشريحة السياسية التي أوصلت لبنان الى الهاوية هل يمكن أن ينهض البلد من جديد؟
زاسبكين: نحن كطرف خارجي يشتغل للبنان ويتمنى للبنان كل خير ويتعامل مع الفئة السياسية القائمة في لبنان، ونحن نتمنى الخير لهذا العمل المشترك، ونتعامل مع الحكومة بالدرجة الأولى فلذلك ليس لدينا شكوك هل قادرة ام غير قادرة؟ هذا السؤال ليس مطروحا بالنسبة إلينا، المطروح هو كيف يمكن ان نستفيد أكثر من الحالة اللبنانية لتحريك الوضع الى الامام وكيف نقدر ان نثبت الامن والاستقرار، هذا هو الهدف.
"الثائر": هل سنصل الى هذا الهدف؟
زاسبكين: يجب أن نصل، بالنسبة لديبلوماسي لا يمكن طرح الشكوك، فهو لا يشك في شيء وهو يشتغل لتحقيق الهدف. بالنسبة للبنان هناك عدة اهداف اساسية ونحن نشتغل عليها خلال السنوات الأخيرة، وهي الامن والاستقرار وتطوير التعاون بيننا في كافة المجالات، وفي نفس الوقت الحوار السياسي والتعاون السياسي والاقتصادي والثقافي والحضاري كل هذه الاهداف مطروحة ونحن نحققها.
"الثائر": ما يزال ملف النزوح السوري يمثل تحديا كبيرا للبنان، وكما لاحظتم ان هذا الملف لم يعد بعيدا عن التوظيف السياسي وتعلمون حجم الضغوطات الدولية على لبنان، برأيكم كيف يمكن لروسيا ان تلعب دورا كبيرا أو أكبر في هذا الملف ولا سيما ما هو متعلق بالمبادرة الروسية؟
زاسبكين: نحن حددنا الموقف الروسي من هذا الملف منذ فترة، ونهجنا هذا لا يتغير، نحن نشتغل لمصلحة عودة النازحين، وهذا يتطلب منا جهودا، بالدرجة الأولى داخل سوريا لتأهيل الظروف المناسبة، وبشكل خاص الظروف الاقتصادية وهذا هو الأساس، الامر الثاني التعأون مع الاطراف المعنية وفي المرتبة الأولى دول الجوار من أجل خلق المناخ المناسب لعودة النازحين. طبعا هناك محاولات لتسييس الموضوع ونحن ضد هذا الأمر، ونعتبر الموضوع انسانيا ويتطلب اجراءات امنية واقتصادية وانسانية اكثر من أشياء أخرى، ونشتغل في هذه الاجواء من خلال الاتصالات مع الاطراف الغربية والخارجية نحن نطرح دائما موضوع عودة النازحين، ولكن كل واحد لديه موقف معين، غير أن هناك اطرافا ذات نفوذ وقفت وأجلت عودة النازحين لحين التسوية السياسية، هذا موقف معروف ولو هناك تفاصيل لكل واحد، واحد يقول لحين نهاية العملية السياسية، وآخر يقول اذا صار هناك تطورات هامة في العملية السياسية، لكن اجمالا نحن لا نريد الربط بين أمرين: الانساني والسياسي.
"الثائر": هل ان الدور اللبناني هو ايجابي؟ لاننا ايضا نرى تخبطا داخل لبنان فهناك رأيان مختلفان؟
زاسبكين: كان هناك منذ اللحظة الأولى ترحيب من قبل لبنان الرسمي، أقصد الرئيس ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة، كلهم رحبوا بالمبادرة الروسية وضرورة بدء العمل بهذا المجال منذ الآن ولا ننتظر نهاية العملية السياسية في سوريا، فهذا الشيء يوحدنا مع لبنان، ولا يزال هذا الموقف كما هو خلال السنة الاخيرة. نحن نعرف ان السلطات اللبنانية ترتب قدر الإمكان عودة النازحين السوريين آخذين في عين الاعتبار انه يجب ان تكون هذه العودة وفقا للمعايير الدولية المعروفة وهنا لا يوجد مشكلة ابدا. الشيء الثاني اشرت الى الخلاف داخل المجتمع اللبناني والقوى السياسية، صحيح هذا موجود وهناك قوى تقليدية تقف خلال السنوات الاخيرة موقفا مؤيدا للمعارضة السورية، وفي مجال النازخين عندهم تصور بأن السلطات السورية لا تريد العودة، نحن لا نوافق على هذا التقييم ونعتقد ان السلطات السورية معنية بالعودة ونحن عمليا نتعأون معها لتحقيق العودة، أما زرع الشكوك بالنسبة لنوايا الاطراف وخاصة إذا كان الحديث عن السلطات السورية فهذا لتسييس الموضوع واستخدام ورقة النازحين لتحقيق أهداف معينة، هذه الاهداف هي موحدة لدى الاميركيين والأوروبيين وجزء من العالم العربي المعروفة مواقفه منذ البداية.
"الثائر": نعلم ان الدور الروسي يتنامى في المنطقة وهذا ما اعاد التوازن المفقود بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، هل تعتقدون ان الحرب الباردة عادت وستحكم طبيعة الصراع في المنطقة والعالم في العقود المقبلة؟
زاسبكين: صحيح، لا سيما بعد مرحلة التسعينيات من القرن الماضي عندما كنا نعتبر ان اميركا والحكم الروسي اصدقاء ومستقبل العلاقات طيية، لكن اتضح لنا ان هذا الامر غير صحيح، فأميركا تعتبر أن روسيا حلقة ضعيفة واستمرت بتوسيع "الناتو" أثناء الحرب في يوغسلافيا وقصف بلغراد، واتضح لنا أن الغرب يستمر في استكمال السيطرة ولم ندخل الى مرحلة إيجابية، أي مرحلة التعاون، بل نحن في نفس الوضع كنا مستهدفين من قبل الغرب، فلذلك تم تغيير النهج الاستراتيجي وطلبنا الشراكة على قدم المساواة، ومنذ ذلك الوقت، وخلال العشرين سنة الاخيرة ونحن نمارس سياسة خارجية مستقلة، بطبيعة الحال الغرب الذي تعود أن يكون مهيمنا لا يقبل هذا النهج المستقل، فلذلك يعتبر روسيا كعقدة أمام تحقيق أهدافه، فمن هنا كانت العودة الى المواجهة مع روسيا، وهذا الوضع أسوأ من الحرب الباردة وهذا الوضع له ميزات معينة ولكن حتى الآن قواعد اللعبة مفقودة. الدبلوماسية غير موجودة لدى الغربيين الذين نسمع منهم ونشاهد فبركة الوقائع وخلق واقع جديد مزور، وتضليل الرأي العام في كل شيء، وهم مشاركون في ذلك عبر وسائل الاعلام، وليس هذ فحسب، بل ايضا هناك سياسيون وديبلوماسيون يشاركون في هذه الحملة ضد روسيا وضد بعض الدول الاخرى التي تمارس نهجا مستقلا، وكل شيء يشير إلى ان ما يروجه الجانب الغربي مزور، مثلا التدخل في الانتخابات الاميركية أو الآن التدخل في كافة الانتخابات في الدول الغربية، أو تصميم الجاسوس السابق "سكريبال" ومبنيا على ذلك التصرفات والعقوبات، هذه قائمة فضائح مع ما حدث في أوكرانيا في موضوع المنشطات الرياضية، وموضوع القرم، مع كل هذه الاشياء الهدف واحد وهو توجيه اتهامات الى روسيا. هذه الحالة سيئة جدا وتشمل كافة الاصعدة وهي لم تبدأ من الآن بل من قبل، وهناك دور كبير كان لادارة أوباما عندما جمدوا التعاون مع روسيا في كافة المجالات. هكذا هو الواقع حاليا، فهناك استخدام سياسة العقوبات والحروب الاقتصادية وهناك تشجيع الفتن وعدم الاستقرار في دول وكل انواع زعزعة الأوضاع في دولة مستهدفة هكذا هو الوضع.
"الثائر": في موضوع الصراع الاميركي الايراني كتبنا في "الثائر" ان ما هو قائم اقل من حرب وأكثر من تصعيد، وقدمنا وجهة تقول بان الحرب غير واردة وشرحنا الاسباب والاعتبارات، كيف تلخصون دور روسيا حيال هذه الازمة وارتباطها بملف المنطقة في الخليج وشرق الأوسط؟
زاسبكين: لدينا عدة مبادئ نتمسك بها في هذه المنطقة خلال عقود من الزمن، لدينا نظرية الامن والاستقرار في الخليج بمشاركة جميع الاطراف سواء كانت دول عربية أو إيران على قدم المساواة وتنقية الاجواء وتثبيت الأوضاع، فبالنسبة إلينا كل شيء واضح من هذه الناحية، الامر الثاني عقد الاتفاق النووي بمشاركة الاطراف الاساسية العالمية وكنا نريد ان نتقدم على هذا الاساس وخروج الاميركيين من هذا الاتفاق أصبح عاملا تفجيريا للأوضاع حول إيران وطبعا المسوؤلية بالكامل تقع على الاميركيين في هذا الامر. وكل ما حدث بعد ذلك يدل على ان هناك خطوات تصعيدية من قبل الاميركين ويريدون تصوير الوضع بشكل معاكس، انهم مذنبين وهم مسوؤلين عن الخروج عن المعاهدة وفي نفس الوقت يتهمون إيران، هم احتلوا العراق، والآن يقولون إيران لديها مراقع في العراق، هم ساهموا كثيرا في تأييد الارهابيين في سوريا ويتهمون محور المقاومة بمواقف ضد الارهاب وهكذا... فلذلك وبكل ما يحدث حول إيران نحن أولا نريد الاستمرار في الاتفاق في المجال النووي لانه يمثل اهمية عالمية، والامر الثاني نريد تنقية الاجواء في المنطقة وتجاوز الخلافات التي نعتبرها مصطنعة ومفبركة من قبل القوى التي تريد عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، هذا لا يتجاوب مع مصالح إيران من ناحية ودول الخليج العربي من ناحية أخرى، فهذا هو النهج الروسي الاستراتيجي الذي سنواصله في الاتصالات مع جميع الاطراف المعنية.
"الثائر": اليوم الرئيس الاميركي دونالد ترامب يقول إذا إيران تريد ان تتحاور فنحن جاهزون للحوار، هل ترى ان هذه "البرمة" السريعة للجلوس ونزع فتيل الاشتباك؟
زاسبكين: كان يجب ألا يحدث الاشتباك أصلا، لانه لا توجد اسباب لتوتير الأوضاع، هذا كان مفبركا من قبل الاميركيين، والآن هم يصورون الأمر كأنه مطلوب شيئا من إيران لبدء التفاوض، انا اعتقد انه ليس مطلوب شيئ من إيران، كان المطلوب من اميركا ألا تغير وضعها ولا تنسحب من ذلك الاتفاق، حتما انه لا يجوز ان يحصل تصعيد عسكري هذا يجب ان يكون مرفوضا من قبل الجميع بغض النظر عن الخلافات السياسية، وندعو جميع الاطراف هنا في المنطقة وخارجها للعمل على تنقية الاجواء.
"الثائر": لنبتعد عن السياسة قليلا ومن موقعنا كجمعية بيئية "جمعية غدي" نملك أول موقع بيئي لبناني وعربي "غدي نيوز"، ما هي سبل التعاون الممكنة بين لبنان وروسيا في المجال البيئي؟
زاسبكين: في المجال البيئي يوجد بين لبنان وروسيا أفاق واسعة للتعاون، والآن يتم تحضير تفاهمات بين الوزارات المعنية في البلدين ومن بين هذه الاتجاهات الممكنة للتعاون: تبادل الخبرات والتجارب وكذلك مكافحة الثلوث البيئي.
"الثائر": قلت لنا سعادتك إنك تقرا "الثائر" فماذا تقول كلمة لـ "الثائر"؟
زاسبكين: الآن دور وسائل الاعلام مهم جدا كما قلت سابقا، فببعض التخصص انا ارى انه في العالم الغربي الآن قليل جدا من وسائل اعلام مستقلة فعلا، فهناك الاغلب ممنوع ان يقول رأيه، لكن هذا مأزق وهذا موت للصحافة وحرية التعبير، فلذلك اي موقع الكتروني أو اي جريدة تريد ان تتطور انصحها ان يكون موقفها مستقلا ويعتمد على مصادر حقيقية دون توجيه مسبق من كل اصحاب النفوذ، فالاشارة الى الكارثة في وسائل الاعلام الغربية التي لا تستطيع ان تتجاوز الحدود هذا دلالة على ان المستقبل يكون لوسائل الاعلام المستقلة فقط، لانها تساعد على ايجاد الحلول وليس التغطية على الاخطاء والجرائم.
"الثائر": كيف يمكن لهذه الوسائل ان تستمر وتتطور من دون دعم جهات معينة؟
زاسبكين: الدعم هو شيء مهم جدا وليس بسيطا، من دون دعم لا يمكن ان يكون هناك تطور، لكن هذا الدعم يمكن ان يكون متواضعا نسبيا، لكن إذا كانت معلومات واخبار وتحليل، وإذا كان مهما وجديرا باهتمام الجمهور فعلى هذا الاساس وسائل الاعلام تتطور، أما إذا كان هناك تمويل هائل ولكن لا يعطي للناس حقيقة ويزور فلا يكون هناك نتيجة لهذا العمل أو النشاط، والجدير بالذكر ان تمويل ال"RT" و"سبوتنيك" اقل بكثير وبأضعاف من وسائل اعلام غربية، ولكنهما تتوسعان بشكل جيد جدا ويزداد اعداد المتابعين والمشاهدين في الدول الغربية، على اساس انهم يشعرون ان هذه المعلومات هي بديلة للاعلام المحدود عندهم الذي لا يقدم آراء لغير الفئة الحاكمة الغربية، وفي لبنان هناك امكانيات لوسائل الاعلام للاعراب عن آرائها، واجمالا هناك مشاركة في بلورة الوضع كما هو، ولو هناك نقص في شيء عند احد فالآخر يعوضه يعني المهم ان يكون هذا المجال الواسع ممتلئا بالآراء.
|
|
|
|
|
|
|
|
|