خير الله في قداس الشعانين: الويل لكم أنتم الذين تتعدون على حقوق الشعوب وتدوسون كراماتهم |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
احتفلت الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي بأحد الشعانين، وعمت القداديس والتطوافات بأغصان النخل والزيتون الرعايا والأديار والصروح الدينية، وألقيت عظات تناولت معنى عيد الشعانين ودخول يسوع الى أورشليم.
خيرالله وترأس راعي ابرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله قداسا احتفاليا في كاتدرائية مار اسطفان في مدينة البترون، وعاونه بالذبيحة الالهية خادما الرعية الخوري بيار صعب والخوري فرانسوا حرب، في حضور وزير الخارجية والمغتربين النائب جبران باسيل، مديرة "الوكالة الوطنية للاعلام" لور سليمان صعب، وحشد من المؤمنين.
وبعد تلاوة الانجيل المقدس، ألقى المطران خيرالله عظة قال فيها: "اليوم، أحد الشعانين، نهب معا، كبارا وصغارا حاملين أطفالنا، لنستقبل يسوع ونحيي دخوله إلى أورشليم ملكا. يخبرنا الرسول يوحنا في إنجيله أن يسوع دخل أورشليم. " فسمع الجمع الكثير الذين أتوا إلى العيد أن يسوع قادم إلى أورشليم" بعد أن كان أقام لعازر من الموت. " فحملوا سعف النخل وخرجوا لاستقباله وهم يهتفون: هوشعنا ! مبارك الآتي باسم الرب ملك إسرائيل" . كان الشعب يريده ملكا زمنيا كي يحرره من حكم الرومان ويعيد الملك إلى إسرائيل. لكن يسوع دخل بتواضع كبير ومشى بين الناس زارعا حبه وسلامه في القلوب. وحاول أن يشرح لتلاميذه وللشعب أن ملكوته ليس من هذا العالم وأنه ملك جاء يبذل ذاته موتا على الصليب في سبيل خلاص جميع البشر. لم يفهموا هذا المنطق، بل استقبلوه ووضعوا فيه كل آمالهم، فتهافتوا إلى الطرقات والأحياء وهتفوا لملك إسرائيل. وكانت هذه خطة الكتبة والفريسيين وعظماء الكهنة الذين كانوا بين المستقبلين، وكانوا يريدون ذلك ليسوع لينصبوه ملكا في وجه الرومان ثم ليحكموا عليه بالصلب والموت. ولكنهم استشاطوا غيظا من هذا الاستقبال الشعبي وخافوا أن يخسروا مصالحهم وامتيازاتهم وسلطتهم. فراحوا يقولون لبعضهم البعض: " ترون أنكم لا تستفيدون شيئا. هوذا العالم قد تبعه ". فقالوا ليسوع: " يا معلم، انتهر تلاميذك والشعب ليسكتوا ". فأجاب: " لو سكت هؤلاء، لهتفت الحجارة ".
وتابع: "تحدى يسوع الكتبة والفريسيين ودخل أورشليم ملكا متواضعا راكبا جحشا ابن آتان. دخل بمنطق جديد يتناقض تماما مع منطق البشر. فهو الإله الذي تنازل وصار إنسانا، وأراد بتواضعه أن يرفع الإنسان إلى الألوهة. لم يريدوا أن يفهموا هذا المنطق والسر الكامن وراءه. فوبخهم مرارا قائلا لهم: " الويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون، فإنكم تقفلون ملكوت السماوات في وجوه الناس، فلا أنتم تدخلون ولا تدعون الآخرين يدخلون... الويل لكم، فإنكم تطهرون ظاهر الكأس والإناء وداخلهما ممتلئ من حصيلة النهب والطمع... الويل لكم، فإنكم تبدون في ظاهركم للناس أبرارا، وأما باطنكم فممتلئ خطفا وشرا" لم يريدوا أن يفهموا لأن مصالحهم كانت أقوى من سماع كلام الرب. فصح فيهم ما قاله أحد آباء الكنيسة: " قال النبي زكريا: ابتهجي يا بنت صهيون واهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك آتيا إليك بارا مخلصا متواضعا. لكن العروس الحقيرة لم تسر حين دعاها، بل اضطربت واكتأبت لأنها كانت منهمكة بخدمة أوثانها، وقد خلب قلبها الصنم حبيبها وأخذت به".
وقال: "اليوم أحد الشعانين، يدخل يسوع رعايانا وكنائسنا ويهتف له أطفالنا وشبابنا وكبارنا. لكن كيف نستقبله ؟ وبأي منطق نستقبله ؟ هل نستقبله كملك زمني ونضع فيه كل آمالنا ونقول له هوشعنا، أي هلم خلصنا من أزماتنا وحروبنا والويلات الإجتماعية والمعيشية التي وصلنا إليها ؟ أم نستقبله كملك إلهي ارتضى أن يحمل صليبه وخطايانا وأن يموت من أجلنا لأنه يحبنا؟ يدخل يسوع قلوبنا ليلينها ويعيد إليها براءة الأطفال ويزرع فيها رجاء جديدا يحفزنا على العمل معا في سبيل بناء مستقبل لأولادنا يليق بهم. لو عاد يسوع اليوم ليدخل أورشليم أو إحدى العواصم الكبرى في العالم، كيف يكون استقباله ؟ الشعب اليوم هو هو كما كان في أيام يسوع من ألفي سنة، سيهتف للملك والرئيس والقائد والسلطان وسنرى الرؤساء والمسؤولين في أول المستقبلين. فينظر إليهم يسوع ويوبخهم قائلا لهم: "الويل لكم أنتم الذين تطمعون بالشعوب، وتتعدون على حقوقهم، وتدوسون كراماتهم، وتتسابقون على قتلهم بالواسطة وبوسائل عدة ومتطورة، وتنصبون أنفسكم أولياء عليهم في المعاهدات والاتفاقات والمؤتمرات والقمم التي تعقدونها باسمهم وهم غائبون ومغيبون عن مقرراتها، وتقررون إهداء عواصم غيركم وأرضها إلى من تريدون وكأنها ملك لكم ! كفاكم متاجرة بمصالح الشعوب ! كفاكم تماديا في صراعاتكم وحروبكم من أجل مصالحكم ! فلن تسكت الشعوب في وجهكم. ولو سكتت لهتفت الحجارة، وهتفت كل حبة تراب من هذه الأرض مطالبة بحقها في تقرير المصير ! أما نحن فسنستقبلك يا يسوع اليوم ونحن حاملون، مع أغصان النخل والزيتون، همومنا ومشاكلنا وأزماتنا وآمالنا بوطن يسود فيه الوئام والسلام والاحترام والعيش الواحد ويعيش فيه المواطنون بحرية وكرامة في ظل دولة القانون لا تستغل فيها الطائفية للحفاظ على امتيازات سياسية".
وختم خير الله: "يسوع المسيح هو الملك الوحيد في تاريخ البشرية الذي ضحى بنفسه من أجل خلاص شعبه، شعب الله الجديد الحاضن كل الشعوب. هلا اتخذنا منه أمثولة لحياتنا اليوم ! هوشعنا ! أنت مخلصنا الوحيد" ! وبعد القداس أقيم تطواف حول الكاتدرائية.
|
|
|
|
|
|
|
|
|