الرسالة الأبلغ لقداسة البابا! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر - خاص
- * " فادي غانم "
لو قُدِّرَ لقداسة البابا فرنسيس أن يكون "متسيدا" على هذا العالم، لكانت البشرية قد سلكلت طريقا آخر بعيدا من الحروب والنزاعات ولما كان ثمة فقر وجوع وتشرد، ولا كان أيضا ثمة عالم منقسم بين أغنياء وفقراء، بين من يملكون ومن لا يملكون، و"التسيٌّد" هنا لا نقصد به مفهوما سلطويا بمعناه السياسي، ولا بمعناه الديني والروحي أيضا، وإنما بما هو فوق كل نوازع البشر، أي ذاك المعنى الإنساني بمجمل قيمه الاجتماعية والأخلاقية، قيم المحبة والتسامح واحترام الآخر.
في كل مواقف قداسة البابا فرنسيس منذ تنصيبه على رأس الكنيسة الكاثوليكية في أعقاب مجمع انتخابي هو الأقصر في تاريخ المجامع المغلقة في آذار (مارس) من العام 2013، نجد هذا الانعتاق من أدران عالم غارق بأمراضه، وهذا الابتعاد عن مسالك الفوضى وأطماع السيطرة والتفرد والاستئثار، ونزوات رجحت كفة الشر وسط ما نشهد من ويلات إجتماعية وبطالة، وكأن قداسة البابا يريد تنبيهنا في كل مرة ومع كل إطلالة له إلى أن ثمة ضرورة للعودة إلى الذات الإنسانية لنستحق الحياة، ولكي تستحقنا الحياة أيضا، بعيدا من نزعات قبلية، غير بعيدة من همجية مقتعة ترقى إلى عصور ما قبل التاريخ. بتواضع شكل السمة الأبرز في مسيرته، فضلا عن دعم الحركات الإنسانية، وسعيه الدؤوب من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وتشجيع الحوار والتواصل بين مختلف الأعراق والثقافات والأديان، وباعتباره أول بابا يتسمى باسم فرنسيس تأثرا بالقديس فرنسيس الأسيزي، الذي لعب دورا هاما في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، أعطى قداسة البابا بعدا آخر لدوره أبعد من تواجده في حاضرة الكثلكة، أي في مدى أبعد، دأبه أن يؤسس لثقافة إنسانية نورانية من رحم المسيحية المنفتحة على سائر الأديان والمذاهب والمدارس الفلسفية.
ومرة جديدة يفاجئنا قداسة البابا، فمن خلال لفتة مثيرة، بادر إلى تقبيل أقدام زعماء جنوب السودان المنقسمين في الفاتيكان (الرئيس سلفا كير والنائب الأول له وزعيم المتمردين سابقا ريك مشار والنواب الأربعة الآخرون للرئيس)، وذلك لمساعدتهم على تعزيز اتفاق السلام الذي يهدف لإنهاء الحرب الأهلية في أحدث دولة في العالم.
هذه البادرة تضاف إلى كثير غيرها، وهي تحيلنا إلى أسئلة يفترض أن يجيب عنها من يتنازعون على استزاف موارد الأرض، ومن يحرضون لتبقى الحروب قائمة، ومن جعلوا من هذا العالم "وجر ذئاب"، ولحظة قبل قداسته أقدام زعماء جنوب السودان، كان يوجه رسالته الأبلغ لشعوب الأرض قاطبة، بأن تكون على تسامح كرسه الفادي من على صليب معاناته لننجو نحن البشر... ويجب أن ننجو!
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين) *رئيس "جمعية غدي"
|
|
|
|
|
|
|
|
|