السياسة في لبنان... بين الإرث والحظ و"الذكاء النفعي"! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
- * " فادي غانم "
كارثة الكوارث في لبنان أن ثمة كثيرين ارتقوا إلى مجلس النواب وإلى مواقع المسؤولية أثبتوا أنهم لا يتمتعون بقدر كاف من الوعي السياسي، وهذه بالتأكيد ليست مشكلة، فالوعي يُكتسب بالخبرة والتجربة وفي ميدان العمل العام، لكن وفقا لما نحن عليه في لبنان، فالمسؤول الذي يصعد في قاطرة الطوائف يكون مطمئنا لحاضره ومستقبله، فلا يعود بحاجة للاجتهاد وتطوير مهارات قيادية مبنية على تراكم معرفي، ومن هنا، نجد أن معظم الطبقة السياسية في لبنان مصابة بالبلادة، وأقصى الطموح لدى من التحقوا ركب طوائفهم رضى الزعيم، والزعيم هنا يعني ولي النعمة، وهذا ما قصدناه بــ "الكارثة"، لأن المسؤول في هذه الحالة لا يعود مضطرا للجد والعمل كي يحظى بثقة الناس من كل المذاهب والأطياف والمشارب، يكفيه رضى الزعيم وأن يحظى بفيض "بركته"!
لبنان السياسي، بكل أسف مصاب بلوثة البلادة، وهي لا تقتصر على الجانب الحزبي وسائر الإنتماءات السياسية فحسب، وإنما تطاول البعد الثقافي لشخصية المسؤول، وتطاول كذلك الفكر والمعرفة، وهنا يتساوى في البلادة والتبلد من انضووا في أحزاب الطوائف ومن هم أساسا في أحزاب علمانية، ومع هؤلاء "العلمانيين" تكون البلادة أخطر لأنها تقولب الفكر في مقولات جاهزة فتتعطل ملكة الخلق والإبداع، ومن هنا نجد أن الأحزاب العلمانية غير قادرة على تطوير خطابها، ليتبين أن البلادة صارت سمة يتساوى من خلالها الجميع.
لا ننكر أن هناك مسؤولين يتمتعون برؤى استشرافية ومحصنين بثقافة تنويرية، وفي مسار معرفي دائم من أجل تطوير مهارات القيادة، ولكن هؤلاء قلة قليلة، فيما السواد الأعظم من السياسيين ساقتهم الصدف إلى مواقع المسؤولية، خصوصا من لا يتقنون سوى التصفيق ولا يعرفون سوى الطاعة.
وفي الأساس ليس مطلوبا أن يكون السياسي أديبا وعالما، ولا مفكرا ومحللا استراتيجيا، ولا باحثا ينقب في بطون المراجع والكتب، لكن في حد أدنى عليه أن يكون ملما بثقافة عامة من عمق التاريخ الإنساني إلى راهنية الأحداث التي يواجهها العالم، أسبابها، ظروف تشكلها، وهنا ثمة بوْنٌ شاسع بين العلم والثقافة، بين الدراسة الأكاديمية وتجارب الحياة، أما مطالعة الصحيفة ومتابعة الأحداث فلا تبني ثقافة ولا تفضي إلى تراكم معرفي، وعلى أهميتها لا تبني ولا تصقل شخصية المسؤول بأبعد من خطاب لحظوي.
هي كارثة الكوارث أن يكون سياسيو لبنان أبناء الصدفة، بالإرث السياسي أو الحظ و"الذكاء النفعي"!
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين) *رئيس " جمعية غدي "
|
|
|
|
|
|
|
|
|