هل ستتم التغطية وكم الأفواه؟ |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
- أكرم كمال سريوي
لقد شكل البيان الصادر عن نادي قضاة لبنان خطوة صريحة وهامة في موضوع مكافحة الفساد ، حيث أكّد على أهمية استقلال القضاء وإبعاده عن التبعية والتدخلات السياسية، والمطالبة، لا بل والإشادة بالإجراءات المُتّخذة لتنقية القضاء ومحاسبة الفاسدين فيه وترسيخ ثقة المواطنين بعدالة وشفافية القضاء.
هذا الصرح الحقوقي الذي اشتهر به لبنان منذ القِدم، كان دائماً مدعاةً فخر واعتزاز، وخرّج أعلاماً في الفقه القانوني وقضاةً أرسوا أُسس العدالة والنزاهة واحقاق الحق، لكن المقلق هو ما أشار اليه البيان من احتمال التسييس أو التغطية السياسية لبعض الفاسدين، وتحذيره من خطورة الإنتقائية في معالجة ملفات الهدر والفساد في دوائر الدولة اللبنانية. وفي الحقيقة هذا أمرٌ اختبره اللبنانيون والقضاء اللبناني على مدى سنوات عدة، وتخوّف القضاة له مبرراته، فربما يلجأ بعض من هم في السلطة اليوم الى محأولة التغطية أو كم الأفواه عن طريق الترغيب أو الترهيب لبعض وسائل الاعلام أو الإعلاميين أو القضاة، أو اتخاذ إجراءات عقابية كالمناقلات أو الحرمان من بعض الحقوق أو التضييق وتقييد الحريات.
لن تكون المعركة ضد الفساد سهلة في بلد تحكمه الطائفية والمذهبية، بحيث أصبحت الدولة إقطاعات خاصة محسوبة على هذه الطائفة أو تلك، والأخطر من ذلك عندما يتم التصرف بها انطلاقاً من حسابات مذهبية أو تبعيات سياسية تُدخلها في الكيدية والمحسوبيات، فتعامل المواطنين وفقاً لولاءاتهم السياسية وانتمائهم المذهبي مُسخّرةً الأنظمة والقوانين لهذه الغاية فتسقط في فخ الخطيئة بحق الوطن.
يأمل عدد كبير من اللبنانيين في اصلاح شؤون دولتهم ويثقون بصلابة فخامة رئيس الجمهورية واصراره وعزمه على متابعة هذه المعركة حتى النهاية، خصوصا وأن معظم القوى السياسية عبّرت عن دعمها وتأييدها لمكافحة الفساد وسد أبواب الهدر، بل أكثر من ذلك ضرورة تخفيض العجز في ميزانية الدولة وضبط النفقات، فالحقيقة المُرّة اننا امام خيارات صعبة، فإمّا الاصلاح وإمّا السقوط الذي لن يستثني أحدا.
إن كل الإجراءات الإصلاحية التي يتخذها اللبنانيون اليوم مهما كانت قاسية هي أفضل بكثير مما سنكون مجبرين على فعله فيما لو خرجت الامور عن السيطرة لا سمح الله. رائدة هي خطوة القضاة اللبنانيين الذين نثق بكفاءتهم ونزاهتهم، وان وجود بعض المستغلين الفاسدين وإن كان يُسيء الى سمعة القضاء، لكننا نعلم ان الأكثرية الساحقة من قضاتنا هم سيف العدالة والاستقامة وسيكون الى جانبهم جميع رجال القانون المخلصين الذين يريدون نهوض لبنان وتحقيق العدالة والمساواة. لقد مرّ عَل لبنان العديد من المسؤولين الذين تولّوا المناصب العامة من اعلى الهرم الى أدني وظائف الدولة، ورحلوا ولم يبقَ سوى ذكرى افعالهم، ونحن جميعاً ذاهبون لكن لبنان سيبقى.
فيا ليت من في السلطة اليوم يعمل بهذه العبارة التي وردت في بيان نادي القضاة، والتي تشدد على تذكير كل المولجين بالشأن العام بأن الغيرة على مال المواطنين والدولة يجب ان تفوق غيرتهم على مصالحهم الخاصة.
ان معظم اللبنانيين يشعرون بغربة عن دولتهم بسبب هذا النظام الطائفي الذي يشكّل أصل الفساد وسره، وتراهم يسعون دائماً لتحصيل المزيد من المكتسبات الخاصة منها، بل ويتسابقون في نهش ماليتها دون التفات الى المصلحة العامة وربما هم معذورون في ذلك فالدولة تعاملهم كجماعات مذهبية وليس كمواطنين.
لكن يبقى ان للوطن علينا حق حمايته ليس فقط من أعداء الخارج بل ومن كل ضرر يطاوله، ويشكّل الإعلام والنقد البنّاء عاملاً إصلاحياً وصوتاً لا يجب إسكاته شرط ان يلتزم بالآداب والموضوعية والتجرد والامتناع عن الاتهام، فالقضاء وحده يحق له ان يتّهم ويحاكم ويُصدر الأحكام ويبقى كل مُدانٍ بريء حتى تثبت إدانته.
|
|
|
|
|
|
|
|
|