المحاصصة تحمي الفاسدين! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
- * " فادي غانم "
كثيرة هي معاناة اللبنانيين وكبيرة همومهم، يتعايشون معها ويهزأون من واقع صعب ومرير، يواجهون ما لا طاقة ولا قدرة لهم على احتماله، على أمل أن يحضنهم وطن يتسع لأحلامهم المبعثرة، واحتمال أن ينعموا بدولة القانون والمؤسسات، دولة تستبدل الفساد بالشفافية، والمحاصصة بالمحاسبة والعقاب، وأن ينعموا كذلك بالحرية المتسامية عن أحقاد وضغائن، وديموقراطية تعزز العدالة بين جميع مكونات النسيج الوطني، ذلك أن لا ديموقراطية حقيقية دون عدالة تحدد معايير إنسانية لا طائفية، وتتبني قيم التنوع بعيدا من تصورات هجينة، نعيش الآن بعض فصولها في حكومة لم تبصر النور منذ نحو ستة أشهر، ويبدو أن تشكيلها مؤجل حتى أواخر السنة وربما إلى العام الجديد.
ما نواجه من أزمات وكوارث، هو بعض تجليات نظام التحاصص المعطِّل للاستحقاقات الكبيرة، خصوصا عندما نبحث عن التوازن بديلا من الكفاءة، وعن التابعين والملحقين على حساب أهل العلم والخبرة والاختصاص، تحت ستار "وحدة وطنية" عطلت أمور البلد وأخذته إلى الفراغ، ومعاناة الناس الماثلة اليوم هي نتاج تغييب منطق الدولة لصالح الزعامات والأقطاب.
في هذا السياق، يمكن أن نفسر كيف أن الناس "مطمئنون" لحاضرهم ولا ينتفضون في مواجهة كل مظاهر الفساد، فالتوازنات الطائفية سلبتهم المواطنة بكامل حقوقها وواجباتها، وصار انتماؤهم للزعيم مقياس الوطنية، وليس انتماءً إلى تراب وسماء وأرز يتوج قمم الجبال، وإلى فكرة وطن مسيَّج بقيم العدالة والمساواة، لذلك نرى أن الديموقراطية في لبنان استنسابية وأحيانا شوهاء تكرس المفاسد ولا تطلق العنان لإبداع يجدد الأفكار ويطورها في مسار نراه في سائر دول العالم إلا في لبنان.
في المملكة الأردنية الهاشمية ومع كارثة السيول الأخيرة استقال وزراء، في البرتغال اندلعت حرائق كارثية فاستقالت وزيرة الداخلية، علما أن المسؤولين لا يتحملون تبعات هذه الكوارث مباشرة، لكنهم يتحملون مسؤولية معنوية تفرض عليهم الاستقالة، وثمة أمثلة لا تحصى في هذا المجال.
عندما يهزأ اللبنانيون ويسخرون، فذلك مرده إلى القهر والمأساة، فمع كل ما واجهنا من كوارث وفضائح من المطار إلى التلوث والنفايات وصولا إلى انفجار "مجرور" في الرملة البيضاء أغرق بعض شوارع العاصمة بالمياه المبتذلة، بسبب مشروع سياحي استباح القيمون عليه الملك العام، لم نر مسؤولا استقال أو دفع للاستقالة، فالمحاصصة تحمي الفاسدين أيا كانوا وفي أية مواقع.
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين) *رئيس " جمعية غدي "
|
|
|
|
|
|
|
|
|