تركيا ودماء خاشقجي... التسوية المربية! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
منذ اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي إلى اليوم والسلطات التركية ما انفكت تمرر معلومات إلى وسائل إعلام محلية تؤكد تصفيته، متحفظة عما لديها من أشرطة صوتية وأخرى مصورة توثق الجريمة، وأبعد من ذلك، بعض التسريبات نشرتها صحف تركية مثل جريدة "صباح" و"يني شفق"، بدت وكأنها مقتطعة من أفلام الرعب، كالحديث عن تقطيع جثة خاشقجي بمنشار على أنغام موسيقى هادئة، وأن صراخا سمع داخل القنصلية السعودية، فضلا عن تفاصيل دقيقة أخرى.
لكن ما استجد في الساعات الأخيرة الماضية يؤكد أن معالم التسوية بدأت تظهر، خصوصا بعد كشف المدعي العام التركي عن توجه فريق التحقيق مساء أمس لتفتيش منزل القنصل السعودي فهد العتيبي والتحقيق معه على إثر معلومات حول طمس بعض الأدلة كان مسرحها مقر القنصلية، وغادر بعدها على جناح السرعة إلى الرياض، عقب تصريح لوزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو قال فيه أن لا قيود على سفر دبلوماسيين سعوديين في تركيا، ما اعتبر وكأنه تأشيرة خروج أتاحت للعتيبي مغادرة إسطنبول إلى السعودية.
وجاء موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن احتمال وجود مواد سامة في القنصلية ليعزز ما قالته الشرطة التركية – تزامنا – من أنها لا تستبعد أن يكون قد جرى تذويب جثة خاشقجي، وهو أمر يمكن أن يحسم الجدل حيال الجريمة من خلال التسجيلات والأدلة، وهي بحوزة الاستخبارات التركية ومدتها إحدى عشر دقيقة، وتشير إلى أن خاشقجي تمت تصفيته وإخفاء جثته، كل ذلك يؤكد أن تمرير الأتراك للمعلومات بالقطارة، هدفه إقناع الجانب السعودي بالبحث في تسوية، وهذا ما يحضر له الآن، مع تبني فرضية أن خاشقجي خضع لاستجواب داخل القنصلية ومات تحت التعذيب بسبب عناصر غير منضبطة، ما يؤكد أن ثمة "كبش فداء" سيقدم على مذبح مصالح الدولتين.
غير أن التسوية كانت تفترض أن تكون الولايات المتحدة حاضنة وراعية وأحد أضلعها الثلاثة، وفي هذا السياق جاءت زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو للملكة ولقائه العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان، وفي حصيلة اللقاءين تأكيد أن السعودية والولايات المتحدة الأمركية حليفان قويان وقديمان.
واللافت للانتباه أنه ما إن اختتم بومبيو مهمته حتى غرد ترامب قائلا ليست لدي مصالح مالية في السعودية، وأي فرضية بهذا الشأن مجرد أخبار كاذبة، ومع توجه موفد ترامب إلى تركيا على تكون الصفقة قد اكتملت معالمها ولم يعد ينقصها سوى البحث عن كبش محرقة خصوصا أن ترامب استبق التحقيقات التركية برمي التهمة على عناصر "غير منضبطة" و"مارقة".
كل هذه التطورات تزامنت مع مؤتمر صحافي لمفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، طالبت فيه السعودية برفع الحصانة عن مقار دبلوماسييها في إسطنبول ودعت المفوضية الجانبين السعودي والتركي الى الكشف عن جميع المعلومات المتعلقة باختفاء واحتمال مقتل خاشقجي، إلا أن صوتها ضاع في فضاء المصالح، علما أن أي تسوية تشارك فيها الولايات المتحدة و تركيا ، تعني، وبالمعيار الأخلاقي، أن الدولتين شريكتان في الجريمة!
|
|
|
|
|
|
|
|
|