لوزارة بيئة سيادية في الأردن! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
- * " فادي غانم "
إن خسر العالم نُـظُـمِهِ البيئية خسر كل شيء، الهواء، المياه، التربة، التنوع الحيوي، مصادر الغذاء، الصحة، التربية، الصناعة والزراعة، السياحة والتنمية وغيرها، وعندما تختل هذه النظم لا تعود ثمة قيمة لتشكيل حكومات في أرضٍ يباب، ولا يعود ثمة بشر أساسا، ولا كائنات تتكامل في ما بينها وفق قوانين انتظمت عبر ملايين السنين وحددت شكل الحياة على الكوكب الأزرق.
صُدمنا بالأمس بتعديل وزاري في المملكة الأردنية الهاشيمة لم يطاول وزارة البيئة فحسب، وإنما استهدف ما يشبه دمجا غير معلن بوزارة الزراعة، وهذا ما يشي بأن وزارة البيئة تحولت في حدود بعيدة وزارة ملحقة، في وقت كنا ننتظر أن تكون البيئة في الأردن حاضرة أكثر من أي وقت مضى، وإن كنا نعلم أنه رغم هذا التعديل لن يكون دورها ثانويا، ولكن دون مستوى ما كنا ننتظر ونتمنى ونتوقع، خصوصا وأن الأردن يواجه تحديات بيئية كثيرة، وأثبت أن بمقدوره الوقوف على أرض صلبة ليحقق خطوات متقدمة في مجالات التنمية والاستدامة والطاقة المتجددة وحماية الأنواع ومواجهة كل أسباب التلوث وغيرها من مجالات غير بعيدة عن البيئة، ما يرتب على وزير الزراعة والبيئة مسؤوليات كبيرة.
نعلم علم اليقين أن التعديل الوزاري فرضته معطيات كثيرة لرفد الحكومة بدم جديد وخبرات أكبر، في سعيها لتنفيذ إصلاحات تهدف لتطوير ودفع النمو الاقتصادي خطوات إلى الأمام وكذلك خفض الإنفاق العام، وهذا شأن داخلي، والأردنيون ملكا وشعبا ومؤسسات أدرى بحاجات بلدهم.
ولكن...
هنا بيت القصيد، ولذلك نقول وفقا للمثل اللبناني "العتب على قدر المحبة"، أننا نريد الأردن واحة غنّاء، وهي كذلك، ولكن يحدونا الطمع بأكثر، كما أننا لا نريد أن تواجه بلد النشامة تبعات تحد من اندفاعة وزارة البيئة.
وهنا، لا بد من التأكيد أن كل مفاصل الحياة على صلة بالبيئة، فلا زراعة مستدامة دون بيئة راعية ومستشرفة لأخطار تغير المناخ، ولا صناعة قابلة للتطوير والمنافسة دون مراعاة الاستدامة وحماية الموارد، ولا تربية دون تبني برامج تعليمية تحاكي العصر وتنشىء جيلا يحترم البيئة ويدافع عنها، ولا سياحة دون تبني نُهُج ترسخ مفاهيم السياحة الخضراء، ولا اقتصاد قابل للصمود دون لحظ مسارات فرضتها تحديات العصر، ومنها "الاقتصاد الأخضر"، "الاقتصاد الدائري" و"الاقتصاد الأزرق" ... الخ.
نتطلع إلى البيئة بأكثر من مجرد وزارة تعنى ببديهيات العمل البيئي، لأن المطلوب أكثر، وأقله أن تكون وزارات البيئة في دولنا العربية "أم الوزارات" والوزارة السيادية الأولى، لذلك نرى إجحافا بحق البيئة في التعديل الوزاري الأخير، خصوصا وأن الأردن يشكل علامة فارق ومضيئة وسط "الظلام البيئي" في عالمنا العربي، ونتمنى للوزير الجديد النجاح في مهامه، على أمل أن تعود البيئة في المملكة الشقيقة إلى ما نصبو إليه كمهتمين ومتابعين وإن كنا لا ننتمي بالهوية إلى فضاء الأردن، لكننا ننتمي إليه بالمحبة والحرص والأمل.
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين) *رئيس " جمعية غدي "
|
|
|
|
|
|
|
|
|