عطسة! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
– أنور عقل ضو
لنتبصر يوما ولننظر بعمق إلى واقعنا السياسي، ولنقل الأمور صراحة، ما نسبة الوعي لدى الأحزاب اللبنانية؟ وما هي النُّهج والمبادىء التي تقوم عليها؟ وما فلسفة هذا الحزب أو ذاك؟ وما هي الأسس الفكرية والتطلعات المفترض أن تكون عنوان نضالها؟
لا بد من طرح هذه الأسئلة لنطل إلى بعض إشكاليات السياسة، ولنفسر كيف أن اللبنانيين محكومون بأحزاب طائفية ومذهبية، تحركهم غرائزهم الدينية وانتماءاتهم الضيقة وعلاقاتهم الملتبسة مع الله، فيما المثقفون في هذه الأحزاب على قلتهم وندرتهم، مواربون يتطلعون إلى مصالح خاصة لتبوُّءِ مواقع ومناصب، ولا نعني هنا بالمثقفين حَـمَلة الإجازات الجامعية، فالشهادات لا تصنع مثقفا ولن تصنع، لأن الثقافة أبعد بكثير من أن يطالها المرء من على مقعد دراسي، وإنما يلحظها في مدرسة الحياة، في القراءة، في التجربة، في التنوير والبحث والتقصي وإعمال العقل والتحليل والاستنتاج، ورؤية الواقع بزاوية منفرجة لتتسنى له رؤية هذا الواقع بعيدا من انتماء عصبي يعطل ملكة التفكير من جهة ويبقي الإيمان حالة صنمية تستولد أمراضا عصية على العلاج من جهة ثانية.
وما نزال ننتمي إلى فئة شعوب "بالروح بالدم"، همجية متأصلة لا نراها في دول العالم المتحضر، إذ ليس ثمة من يضحي بنفسه من أجل مسؤول، ذلك أن لا رمزية للمواقع، وإنما للأعمال والإنجازات، ومن لا يلبي طموحات شعبه يشطب من المعادلة السياسة ويقصيه الناس عن مواقع القرار، ويسائلون وينتقدرون أي مسؤول وفي أي موقع كان، أما في لبنان فيظل المسؤول مسؤولا من المهد إلى اللحد، ويخلفه الورثة.
ساعة لا نملك القدرة على المحاسبة، نكون أسرى أحزابنا الطائفية، وهي أحزاب لا خطاب يعضد حضورها، ولا أفكار تتصارع لتنتج ما هو خلاق في مسيرة الحياة وتطورها، ولا تصورات لبناء دولة عصرية، فقط، مماحكات ونزوات وعصبيات تتصارع ولا تنتج إلا المزيد من الانقسام والتشرذم، حتى غدونا مادة للتندر والسخرية من قبل عالم يتفرج، يضحك، يقهقه، ويقدمنا نموذجا للتخلف.
ورغم كل ذلك نكابر، ولا نتقن إلا التصفيق لمجرد أن "عطس" المسؤول، والتصفيق، لا يصيب الأيدي بالخدر فحسب وإنما يصيب العقل فيشله، لبنان مهزلة المهازل، "حصتك وحصتي"، و"مرقلي تا مرقلك"، ونحن شهود زور، نرقص كما الديك المذبوح، و"يا جبل ما يهزك ريح"، وزجل سياسي وجمهور "غاشي وماشي" وأحزاب الطوائف مطمئنة لحاضر وغد، و"عطسة تاخدنا و"عطسة تجيبنا"!
|
|
|
|
|
|
|
|
|