أوفر دوز! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
لا نعلم لماذا كل هذا الضجيج لمجرد أن تأكد مؤخرا أن مياه العاصمة والضاحية الجنوبية ملوثة بـ " براز بشري " فهل ثمة ما هو خارج المعقول والمألوف؟ أوليس التلوث حالة راسخة في لبنان منذ أربعة عقود من المياه إلى الهواء والتربة والبحر والشاطىء والأنهار؟ ومن ثم ألا يعتبر الفساد بعض أخطر الملوثات على الأرض؟ وفي ما آلت إليه أوضاع اللبنانيين ألا يعتبر الفساد بعض تجليات ومظاهر التلوث الأشد فتكا والمتمثل في عدم القدرة على تبني الشفافية والمساءلة وتطبيق القانون؟
أكدت دراسات عدة أنجزت قبل أكثر خمس عشرة سنة أن 90 بالمئة من مياه الينابيع ملوثة، ولم نر من الحكومات المتعاقبة أي توجه صريح للمعالجة، عبر إقامة شبكات صرف صحي وربطها بمحطات تكرير حديثة، وكأن أولي الأمر لا يعلمون أن أقنية تصريف مياه الشتاء تتحول إلى مجارٍ للمياه المبتذلة، وأن الأنهر تصخب وتهدر بمياه الصرف الصحي . وسط هذا الواقع نجد كيف وجدت مشاريع السدود السطحية اهتماما يثير الريبة ويستحضر الشكوك، وكيف تأمنت مصادر تمويلها، فأيهما الأجدى من حيث الأولوية بناء سدود أم معالجة الصرف الصحي؟ تخريب مناطق أثرية وتراثية أم الاستفادة من ثروة لبنان من المياه الجوفية؟
تساؤلات كثيرة تبحث عن إجابة ولا من يجيب، الكل قانع ومطمئن لحصص مضمونة في حكومة قد لا تبصر النور إلا بالكيد وقد تظل معلقة على قارعة الانتظار وبالكيد أيضا. ولا نعرف لماذا كل هذا الضجيج في أن المياه ملوثة؟ دائما تحركنا الصدمة ونعود إلى التآلف مع كل أشكال التلوث، ولا يوحدنا الوجع، فأي بلد في العالم لا يثور أبناؤه من فضيحة، أما نحن برغم الفضائح المتوالية، أقصى ما نجيده هو طمأنة الزعيم أن السلطة آيلة بالإرث للأولاد والأحفاد، وأبناؤنا منذورون للهجرة والمغتربات.
نعيش ونحاول معرفة الحد الفاصل بين صرف صحي وتصريف أعمال وصرف أموال من باب الهدر ومن خاصرة التحاصص والتقاسم، نلوذ إلى صَدفَةِ خيباتنا ونؤثر العتم على الخروج للنور، وكل ما في الأمر أن الصرف الصحي طفح "أوفر دوز"، نبه إلى أننا قانعون بأن نعيش التلوث، ونعيش الموت والمرض، كأنهما قدر، وها كذلك طالما ارتضينا أن تتحكم بنا نوازع أكثر ما يحتاجها المسؤول ليكون مطمئنا على موقع لم يهبه له الناس وإنما انتزعه من تراخينا في لحظات كأداء، وما أكثرها!
|
|
|
|
|
|
|
|
|