ودعوات متكررة إلى إقرار قانون أحوال شخصية مدني يساوي بين الجنسين
#الثائر
تشكل المرأة في لبنان نصف المجتمع، الى ان مشاركتها في الحياة الأقتصادية والسياسية خجولة على الرغم من وصولها في العلم إلى درجات مرموقة، حيث تتقارب نسبة النساء الجامعيات بنسبة الرجال الحاصلين على مستوى تعليم جامعي. وما تزال المرأة في بلادنا تعاني الاجحاف والظلم السياسي بحيث لا دور لها والحري بالقول دورها معدوم في الحياة السياسية في لبنان.
فما هو وضع المرأة في المجتمع اللبناني اليوم؟ وما هي التحديات التي تواجهها والحقوق التي تسعى إلى تحقيقها؟ وهل فعلا مازالت المرأة سجينة أطر اجتماعية وصور نمطية تنشرها وسائل الاعلام ولماذا كلما تحدثنا عن حقوق المرأة يطالب الرجل بانصافه وكأن حصول المرأة على حق من حقوقها ينتقص من حقوق الرجل او يكون على حسابه.
ان وضع المرأة اللبنانية يحتاج الكثير ليتساوى مع وضع الرجل في التشريعات والقوانين، فهناك الكثير من الإجحاف والتهميش بحقها، ولكن العمل جدي ودؤوب من قبل الجمعيات النسائية والاهلية من اجل تنزيه القوانين عن الإجحاف بحق المرأة، فمنذ سنة 1979 تمت المطالبة بإلغاء كل أنواع الإجحاف بحقها، لكن هناك شوائب كثيرة، منها عدم إعطاء المرأة اللبنانية الجنسية لأولادها إذا تزوجت من غير لبناني، كذلك تمثيلها السياسي غير كاف، بالاضافة إلى أن العقلية الذكورية ما زالت تمنع المرأة من التمثيل الصحيح، والقوانين التي من المفترض أن تتضمن كوتا نسائية لم تقر بعد، وخصوصا أن نتائج الانتخابات النيابية أخيرا أشارت إلى ضرورة إقرار كوتا نسائية لتمثيل المرأة في الحياة السياسية اللبنانية.
وعلى الرغم من ذلك تشارك المرأة اللبنانية الرجل على أبواب الالفية الثالثة بمختلف ميادين العمل، هذه المشاركة وحريتها باختيار مستقبلها المهني والعائلي جاءت نتيجة نضال وجهود مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات أهلية ومواطنين لتتمكن من تكوين صورة نموذجية ومميزة عن مثيلاتها في البلدان العربية رغم تشابه الأجواء الاجتماعية والعادات.
المرأة في السياسة
في الإنتخابات النيابية لعام 2018 والتي جرت في السادس من آيار، وصلت 6 سيدات من مختلف الكتل النيابية إلى سدة البرلمان من أصل 128 نائب، بعد أن كان عددهن 4 نائبات في البرلمان الماضي، بالمقابل توجد وزير واحدة فقط في حكومة تصريف الأعمال التي يرئسها رئيس الحكومة المكلف سعد الدين الحريري.
كما سجلت الانتخابات البرلمانية الأخيرة أعلى نسبة مشاركة نسائية في تاريخ الانتخابات النيابية اللبنانية، مع ترشح 111 امرأة من أصل 976 مرشح، ومع ذلك تشير احصاءات الى تمركز لبنان في المرتبة 143 من أصل 144 دولة مدرجة في الترتيب العالمي لجهة تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة وفي مجمل مواقع صنع القرار العام.
قوانين جديدة
وفي إطار العمل على تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في لبنان، أصدر المدير العام للأحوال الشخصية في وزارة الداخلية قرارا سمح فيه للمرأة اللبنانية المطلقة بالحصول على بيان قيد عائلي يتم فيه ذكر أسماء أولادها.
ويأتي اقرار هذا القانون في ظل استمرار ظاهرة قتل النساء في لبنان وفي هذا الصدد أشارت رئيسة هيئة تفعيل دور المرأة في القرار الوطني حياة إرسلان إلى "أن قرار السماح للمرأة المطلقة ببيان القيد العائلي خطوة من الخطوات لتطوير طريقة التعاطي مع المرأة بالنواحي القانونية، إنما ليس كافيا".
وقالت:"نحن منذ 4 سنوات قمنا بحملة طالبنا فيها أن يكون قانون الأحوال الشخصية مدني وليس مذهبي لأن المذهبية والطائفية تنحاز إلى الرجل ولا تعطي للمرأة حقها، لذلك طالبنا بقانون أحوال شخصية مدني يساوي بين المرأة والرجل في كل المجالات وبخاصة في الأمور العائلية".
الوزير اوغاسبيان
بدوره أكد وزير الدولة لشؤون المرأة في حكومة تصريف الأعمال جان أوغاسابيان، أن "هذا التعميم حلقة أساسية من حلقات إرساء المساواة بين الرجل والمرأة في الحق بالحصول على المستندات الرسمية دون أي نقص في مضمونها أيا كان الوضع العائلي للمرأة اللبنانية، كما أنه يسهم في التقدم باتجاه إقرار المزيد من الحقوق الإدارية التي تعود للمرأة".
وفي هذا الاطار نوه اوغاسابيان بأن "حصة النساء في المجلس الإقتصادي والاجتماعي ستبلغ نسبة 17% ما يشكل أمرا جيدا، علما أن المساعي مستمرة لزيادة هذه النسبة في مؤسسات الدولة كافة، وصولا إلى تحقيق الكوتا النسائية المطلوبة في المجلس النيابي والواجب أن تبلغ نسبتها 30% كحد أدنى".
وقال: "لقد طالبت وما زلت أطالب بدور المرأة في المجلس النيابي ولا أطالب فقط لأن المرأة هي نصف المجتمع عدديا، إنما بسبب ما تتمتع به من قدرات وطاقات، وعلى هذا الاساس قمنا في الوزارة بالحملة مع الوكالات الدولية".
ورأى ان "تنمية المناطق الريفية أساس لتحقيق الاستقلالية الاقتصادية للمرأة"، مشيرا الى "أن المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة تتحقق عندما تتحقق الإستقلالية الإقتصادية للمرأة".
ورأى أن "العالم اليوم ينظر إلى الإنجازات والقدرات والطموحات وقد أثبتت المرأة اللبنانية نفسها إذ إن أكثر من 65 في المئة من تلامذة الجامعات هم فتيات كما أن في لبنان العديد من الطبيبات والسيدات الناجحات في حقول مختلفة"، مؤكدا "ان المرأة اللبنانية حققت حضورها وفرضت نفسها لأن لديها المقدرات اللازمة لذلك".
الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية
تعتبر الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية الجهة الرسمية المعنية بالعمل على تحقيق الاستراتيجية الوطنية لحقوق المرأة، ولفتت رئيستها السيدة كلودين عون روكز الى "ان المشاريع المدرجة لحماية حقوق المرأة كثيرة منها: قانون منح المرأة الحق في اعطاء الجنسية لاولادها، اضافة الى مختلف القوانين الموجودة في المجلس النيابي التي تلغي كل اشكال التمييز ضد المرأة في قانوني العمل والضمان الاجتماعي والقوانين التي لها اثر اقتصادي اضافة الى قانون التحرش الجنسي".
وعن تمثيل المرأة في المجالس ومراكز صنع القرار أكدت أن "الهيئة تترأس اجتماعات لاعداد خطة عمل حسب قرار مجلس الامن 1325 الذي يعنى بموضوع المرأة والسلم، فنحن نعتبر ان مشاركة المرأة السياسية واجب عليها وليس فقط حقا، فالمرأة معنية بكل شيء يدور حولها ودورها اساسي لانها تشكل نصف المجتمع".
اضافت:"نحن مقتنعون بأن مشاركة المرأة تخفف من الحروب وتزيد من فرص السلم، لانها بطبيعتها معطاءة ومشاركتها يجب ان تكون في مختلف اتجاهات الميادين العامة وليس فقط ان تقتصر على بناء العائلة وانجاب الاطفال والحياة الاجتماعية".
وكان التقرير السنوي للهيئة الوطنية طالب وزارة الداخلية (مديرية البلديات) حث البلديات ومساعدتها على المساهمة في تقديم تسهيلات تحفز المرأة على القيام بمشاريع إقتصادية. كما طالب وزارة الإعلام بأن تشمل برامجها، وخصوصا المرئية والمسموعة، برامج حول دور المرأة في العملية الاقتصادية، ووزارة التربية والتعليم العالي على ضمان تلبية المناهج والاختصاصات الجامعية والمهنية حاجات سوق العمل والحاجة الى تعزيز وجود المرأة فيه، بالإضافة إلى تعزيز برامج الاستلحاق والتدريب المهني للمتسربات من المدارس.
مناهضة العنف ضد المرأة
وفي مجال مناهضة العنف الموجه ضد المرأة والفتاة اقترحت الهيئة العمل على حث المسؤولين على ضبط السلاح المتفلت والتشدد في معاقبة الجناة، التنسيق والتعاون بين قوى الأمن الداخلي ونقابة أصحاب المستشفيات الخاصة والمسؤولين عن المستشفيات الحكومية والمستوصفات ونقابة الأطباء والمنظمات التي تقدم خدمة الخط الساخن أو تستقبل الناجيات من العنف، لضمان التقيد بإلزامية تبليغ قوى الأمن عن حالات العنف.
خاتمة
يبقى إن النساء اللبنانيات يتطلعن بأمل كبير الى اليوم الذي يصبح فيه الميدان السياسي والاقتصادي في لبنان، خاليا تماما من كل أشكال التمييز، ويصبح فيه متاحا للجميع أيا كان موقعهم أو جنسهم أو معتقدهم أو جذورهم، المشاركة الفعالة في تحمل المسؤوليات الوطنية، فيكون لبنان قد أصبح فعلا واحة للديمقراطية والعدالة والسلم الأهلي، ودولة تصان فيها حقوق الانسان.