إردوغان... "نمر من ورق"! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
استقطبت الأزمة المالية في تركيا اهتمام العالم خلال الأيام القليلة الماضية، خصوصا في جانبها السياسي أولا والاقتصادي تاليا، وطرحت العديد من الأسئلة حول "التجربة الإردوغانية" التي رفعت تركيا إلى مصاف الاقتصادات الناشئة، إلى جانب الهند والبرازيل وإندونيسيا وغيرها.
لا يمكن قراءة التطورات في ما آلت إليه الأزمة المالية الناشئة انطلاقا من الأحداث الأخيرة وتراكمها، فهي ليست وليدة اللحظة وإنما هي نتاج تطورات استمرت سنوات، وهي أبعد من كونها متصلة باستحواذ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على معظم الصلاحيات في بنية النظام السياسي والاقتصادي، وصولا إلى تعيين صهره وزيرا للمالية ليكون صاحب الكلمة الأولى في الملف الاقتصادي.
ومن هنا، فإن أية قراءة لهذه الأزمة تظل قاصرة عن فهم أسبابها وتراكماتها دون دراسة معمقة تلحظ جذورها الاقتصادية، والتي تعود إلى الفترة التي أعقبت انفجار الأزمة المالية العالمية عام 2008، وما عرف بـ "الفقاعة العقارية"، ولا سيما بعد تبني الاحتياطي الفدرالي الأميركي سياسات نقدية توسعية غير تقليدية، من خلال أسعار فائدة قرب صفرية وبرامج تيسير كمي لضخ كميات هائلة من السيولة لإنقاذ النظام المالي وتحفيز النمو في الولايات المتحدة، وهذا أدى إلى تدفقات هائلة وغير مسبوقة في رؤوس الأموال نحو الاقتصادات المتحولة للاستفادة من فارق أسعار الفائدة. وكان على رأسها الاقتصاد التركي، وهذا ما أدى إلى توسع كبير في الاقتراض الرخيص بالعملة الأجنبية وتراكم ديون خارجية على البلاد معظمها قصيرة الأجل في قطاع الأصول.
وفي لحظوية الأحداث، حذر مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، من فرض مزيد من العقوبات ضد تركيا، ما لم يتم إطلاق سراح القس الأميركي أندرو برانسون، وشددت سارة ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض على أن الرئيس الأميركي يشعر بالإحباط لأن تركيا لم تفرج عن القس الأميركي، وكذلك عن مواطنين أميركيين آخرين وموظفين في السفارة والقنصليات الدبلوماسية في تركيا، ما زالوا قيد الاحتجاز.
وفي هذا السياق، وبحسب الخبير السياسي في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن ستيفن كوك، فإن الخلافات بين واشنطن وأنقرة تتجاوز مسألة إطلاق سراح القس الأميركي بكثير، فقد أعربت واشنطن عن قلقها من خطط أنقرة، ولا سيما منها شراء أنظمة دفاع جوية متقدمة، من طراز "S – 400" من روسيا، لأن تركيا تشتري طائرات "F – 35" عالية التقنية من المخزون العسكري الأميركي، وتعتمد على روسيا في الصيانة وقطع الغيار، بما يمكن موسكو من جمع معلومات قيمة حول كشف أي عيوب للطائرة وإمكانية مواجهتها.
كما تلاعب الأتراك بشكل كبير في ما يتعلق بالحرب الأميركية ضد تنظيم داعش والملف السوري، وفي ما يتعلق بدعم واشنطن للأكراد، واستهداف تركيا لحلفاء واشنطن داخل سوريا. كما قامت أنقرة بتقويض خطط وسياسات الولايات المتحدة لمواجهة إيران، وأعلن إردوغان رفضه الامتثال للعقوبات الأميركية المفروضة على إيران، والاستمرار في استيراد النفط الإيراني ومساعدة إيران على تجنب العقوبات.
ويؤكد كوك أن قضية القس الأميركي أصبحت نقطة اشتعال، لأن أنقرة وافقت على إطلاق سراحه ثم تراجعت عن القيام بهذه الخطوة، كما أنها تحتجز ما بين 15 إلى 20 أميركيا، بما في ذلك عالم من وكالة "ناسا" وموظفون أتراك مزدوجو الجنسية، يعملون في السفارة الأميركية وتستخدمهم أنقرة كورقة مساومة وضغط، لإجبار الولايات المتحدة على تسليم المعارض التركي فتح الله غولن الذي تتهمه حكومة إردوغان بتدبير الانقلاب الفاشل عام 2016.
كل ذلك يفضي إلى دور تركي موهوم في صراع الكبار على خارطة المنطقة، لا يمكن أن تنقذه قطر ولا أية دولة برفد الإقتصاد بمليارات عدة من الدولارات، فتركيا حاضرة الآن في حرب اقتصادية أقرب ما تكون إلى مواجهة بين الدول الأكثر استحواذا على اقتصادات العالم، كالولايات المتحدة والصين وروسيا، وأظهرت التطورات الأخيرة الرئيس التركي أقرب ما يكون إلى "نمر من ورق"!
|
|
|
|
|
|
|
|
|