أزمة النفايات... من رمى كرة النار في وجه البلديات؟ |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
عندما يكون المدخل إلى اللامركزية الإدارية فشل الدولة في إدارة قطاع بعينه، فذلك يعني هروبا من مسؤولية، وهذا ما تأكد في رمي الحكومة ووزارة البيئة كارثة النفايات على المجالس البلدية، وهذا ما طالعنا به وزير البيئة مطلع العام الجاري حين أعلن "اعتماد اللامركزية الإدارية في خطة النفايات، على قاعدة جعل الإدارات المحلية مسؤولة عن معالجة نفاياتها".
لا نوايا طيبة من مختلف القوى السياسية في توفير هامش أكبر من الحرية للبلديات وما تمثل من إدارات محلية منتخبة، أما توسيع صلاحياتها، فلا يتعدى رميها بكرة النار لتكون مسؤولة في حل مشكلة النفايات، وهذا ليس أكثر من قنبلة موقوتة بدأت تنفجر في أكثر من منطقة، وآخرها في بيت مري، على خلفية إنشاء معمل معالجة في "وادي لامرتين".
ثمة حقائق لا يمكن القفز فوقها، فالسلطة السياسية وإن نأت بنفسها عن التدخل في تشكيل اللوائح الانتخابية ظاهرا، إلا أنها كانت حاضرة في أدق التفاصيل في عتم الكواليس، ومعظم المجالس البلدية جاءت لتمثل إرادة الوزراء والنواب والزعماء أولا، لتكون لاحقا أداة طيعة بيد النافذين ينهون ويأمرون ويطاعون في غالب الأحيان، وما يظنه كثيرون أن المحاور السياسية الفاعلة في هيكلية النظام السائد كانت بعيدة في رسم التحالفات وتركيب اللوائح لا يغدو كونه مسرحية لا أكثر ولا أقل، وأقصى ما شهدناه في الانتخابات البلدية والاختيارية الماضية أن الأحزاب السياسية جاهرت في "حيادها" فقط عندما تعلق الأمر بالتنافس بين ممثلين عنها ينتمون لعائلات عدة، فكان هذا الحياد من باب عدم خسارة حضورها العائلي، فدعم مرشح على حساب آخر من نفس اللون السياسي تترتب عليه نتائج في استحضار عداء العائلات والأجباب.
لا يمكن للطبقة السياسية بمكوناتها الطائفية وذهنية الاستئثار أن تطلق يد البلديات لتقرر وتنفذ مشاريع وتحقق إنجازات، فهي لا تتحمل نشوء "زعامات" ولو على مستوى مدينة وبلدة وقرية تصادر حضورها في السياسة لاحقا، لأن المطلوب أن يقص شريط افتتاح أي مشروع نائب وزعيم، يتحلق حوله رئيس البلدية والأعضاء ليكونوا شهودا على مصادرة التعب والسهر وما بذلوه من تضحيات وهم يتابعون ويلاحقون، تخطيطا وتنفيذا.
نجحت السلطة في رمي "كرة نار النفايات" في ملعب البلديات، وأخطأت الأخيرة في تلقفها ظنا منها أن هذا الأمر من شأنه أن يعزز من صلاحياتها لتكون بمثابة خطوة على طريق تحقيق اللامركزية الإدارية، فعلا لا قولا، والتحرر من فساد يعشش في كثير من دوائر الدولة، وبدا ذلك مقنعا حين أكد وزير البيئة طارق الخطيب أن الوزارة تسعى "من خطة النفايات لتأمين حل مستدام لادارة النفايات الصلبة"، ورفع للبلديات رسائل مفصلة تشرح آلية معالجة النفايات وتشكيل لجنة مشتركة بين القطاعين العام والخاص برئاسة وزير البيئة.
ما هو واضح في هذا المجال، أن الدولة هربت إلى الأمام في ملف أزمة النفايات، ونجحت في حدود بعيدة، حتى أن ثمة من بدأ يصوب على المجالس البلدية ليظهر أنها تتحمل تبعات الفشل في إدارة هذا الملف، علما أن البلديات مكبلة ومصادرة أموالها وليست في منأى عن تدخلات في كل شاردة وواردة.
كان من المفترض تكريس اللامركزية الإدارية كنهج عام بعيدا من الاستنساب وتحميل البلديات مهام أكبر من إمكانياتها، ولا نعرف إلى الآن سبب الخوف من لامركزية إدارية مترافقة مع تعزيز وتفعيل الرقابة المالية والإدارية، إلا من حقيقة واضحة وهو مصادرة دورها وتوظيفه في السياسة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|