#الثائر
– أنور عقل ضو
ناصري "مغوار" يوزع العروبة دون حساب في لبنان، ويملك "دكان سياسة" لم يرق إلى "سوبر ماركت" منذ سبعينات القرن الماضي، ويريد أن يتصدى لـ "صفقة القرن" بشراسة "زِيحوا من الدرب"، بالتأكيد لا نتحدث عن الناصرية لا سلبا ولا إيجابا، وإنما نتحدث عن بعض تجلياتها وما بقي منها، لأننا نرى أن أكثر من أساء للعروبة هم الناصريون أنفسهم، فلا تمكنوا من توحيد واستقطاب تيارات شعبية واسعة، ولا استطاعوا صوغ خطاب أبعد من ترديد مقولات جلبت إلينا الخراب والوَبال.
أن تنتقد الناصرية فأنت متآمر على العروبة، ويأتي من يزايد بشيء من الهوس وكأن الناصرية مسلَّمة سياسية وفكرية غير خاضعة للنقد، وينسى الناصريون وقد غدوا بلا أنصار أنه تزامنا مع انتصارات فيتنام وكوبا شهدنا ونحن في حضن الناصرية أسخف هزيمة في العام 1967، وهي "إنجاز ناصري" نعيش اليوم تبعاته من مؤتمرات السلام في أوسلو ووادي عربة ومدريد إلى "صفقة القرن"، ونحن اليوم في الأساس نتاج هذه الهزيمة وبعض ضحاياها، وصار أقصى الطموح العودة إلى ما قبل الـ 1867، ولسنا لنتوهم "بطولات" بعد هذه الهزيمة التي أراودها نكسة من "ثغرة الدفرسوار" في سيناء 1973 إلى تحرير الجولان وجبل الشيخ في سوريا والإنكفاء حتى حدود دمشق وتأكيد ما خسرناه 1967.
لا ننتقد الناصرية، ونحن في مكان ما ناصريون بمعنى الإنتماء إلى فضاء عربي واحد، وإن كانت لدينا بعض تحفظات على هذه العروبة لأننا كنا نريدها عروبة إنسانية تسقط عنها صبغة الإسلام، ليس من موقع تعصبي وإنما من منطلق أن الإسلام أحد مكوناتها الأساسية، لكن دون اختصارها بهذا البعد المقدس الذي أبقى العروبة بجناح واحد، أي أننا نريد عروبة تغتني بكل ما في منطقتنا من اختلاف وتنوع، وهذه إشكالية ساهمت في مَا نحن عليه اليوم لجهة إفراغ العروبة من بعدها الإنساني.
وهنا، نطالع من آن لآخر ما يجود به علينا ممثلو أحزاب وتيارات ناصرية "صامدة"، ويوسعوننا ضربا ببيانات تذكرنا بإذاعة "صوت العرب" الإستخباراتية ومذياع الإعلامي أحمد سعيد، وقد زف إلينا بشرى تحرير القدس فيما طائراتنا في مصر تشتعل.
نتذكر في هذه العجالة أن ممثلين عن حزبين ناصريين في لبنان ذهبا إلى ليبيا لملاقاة الرئيس الراحل معمر القذافي، وكان ذلك في أوج الحرب الأهية، فاختلفا على أسماء شهداء كل واحد ينسبهم له ولتنظيمه، إذ كانت ثمة مالغ مخصصة لكل شهيد في "بازار" يبيع الدماء ويوظف الشهادة، ومن هنا يمكن أن نعلم كيف تحولت "الناصرية" إلى "سوبر ماركت" وما دون!