#الثائر
بعد تسع عشرة جلسة بالتمام والكمال تخللها تسجيل نقاط وأهداف متبادلة بين الوزراء بمختلف تلاوينهم السياسية، وبعد استكمال تفاصيل تشذيبية وتجميلية، تسلك موازنة ما تبقى من العام 2019 طريقها من السراي الحكومي إلى القصر الجمهوري، في محطة أخيرة لوضع اللمسات النهائية في جلسة ختامية، وذلك تمهيدا لإحالتها الى مجلس النواب للمناقشة فالمصادقة.
ويمكن القول كملاحظة أولى، نجح مجلس الوزراء من جيوب اللبنانيين، أي دون المس برواتب ومخصصات الوزراء والنواب، وتمكن من خفض العجز (نظريا) من 11 ونصف بالمئة إلى سبعة ونصف بالمئة، بتقدم أربع درجات، لكن قبل أن يتم تحديث الأرقام، فجر وزير الاتصالات محمد شقير قنبلة إيرادات الإتصالات ليعلن أنها ستنخفض مئتي مليار ليرة، فيما طلب اللقاء الديموقراطي إعادة النظر في تخمينات الأملاك البحرية وضرورة خفض رواتب النواب والرؤساء وإعادة النظر في ضريبة الدخل على المعاشات التقاعدية، أما القوات اللبنانية فسجلت تحفظا حرصت على وصفه بالإيجابي لانها لا تسعى لعرقلة أو تأخير إقرار الموازنة.
هكذا تمت التسوية بتسجيل مواقف للتاريخ، وقد سجل أيضا تحفظ "قواتي" في بعض الأرقام، ولم تكن "مصدر ارتياح"، ولا سيما ما يتعلق منها بمرفأ بيروت، فضلا عن مراجعة وضع المؤسسات العامة وبعض الإجراءات في تحصيل العائدات.
ويبقى أن ننتظر المحطة ما قبل الأخيرة في مسلسل الموازنة، خصوصا لجهة تأكيد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن "الموازنة التي يجري إعدادها هي موازنة إصلاحية، وتستحق بالتالي أن تمنح الوقت اللازم لإنجازها بأفضل طريقة ممكنة"، مشددا على ان" الإجراءات التي ستتضمنها أصبحت حتمية، وسواء وافق البعض عليها أم عارضها، فانها ستعتمد، لأنها ممر إلزامي للخروج من المأزق".
ومع الانتظار لا نملك إلا تمنيات بأن تكون الموازنة مقدمة في مسار طويل على طريق استعادة الدولة، رغم ما شابها من عثرات تؤكد أن معركة مكافحة الفساد لا بد وأن تكون متلازمة مع إقرار الموازنة، خصوصا وأنه لا يمكن اعتبار الموازنة نهاية المطاف، وإنما بداية الطريق والمدخل لمواجهة وجبه التحديات، والمهم أن تنجح الحكومة ولو من جيوب اللبنانيين الذي سيدفعون بطرق غير مباشرة ثمن تقشف لم يطل من هم أولى بالتقشف.