لا رقابة على التاريخ! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
"عرف لبنان أكثر من حرب أهلية في النصف الثاني من القرن العشرين إلى أن جاء اتفاق الطائف فتوقفت حرب المدافع والخطف على الهوية لتبدأ حروب دون أسلحة وجبهات، ما أدى إلى تعطيل الحياة الديموقراطية، فكثر الفساد واستشرى في عصر الوصاية السورية واستمر بعده، وانقسم اللبنانيون بين فريقين الأول سمي بـ 8 آذار والثاني 14 آذار، فغابت الدولة وحلت مكانها دويلات طائفية غير معلنة، باعتبار أن تسوية الطائف مهدت الطريق لأمراء الحرب لقيادة الدولة".
هكذا سيكتب التاريخ بعد مئة عام وأكثر عن لبنان وشعبه العنيد وكرامته الملتبسة، وهذا جزء يسير مما سيكتب، لأن ثمة كلاما أكثر سيخطه مؤرخون غير محكومين باعتبارات اللحظة الراهنة، ولذا قدمنا موجزا دون أسماء، أو نموذجا اقتصر على بعض عناوين لا أكثر، فيما التاريخ لن يجد حرجا بعد قرن من الآن من ذكرها براحة ضمير بعد أن يكون "أبطال" المرحلة قد غادروا إلى جوار ربهم راضين مرضيين.
وستفرد كتب التاريخ فصلا أو أكثر عن تخلف اللبنانيين، وكيف سادت حالة غنمية كرست سياسة القطيع، وسيخصص مساحة أكبر للفساد وكيف توغل وأوغل وعشش في بنية الدولة وكيف عجزت عن مواجهة مراكز القوى في السلطة بغطاء من طوائفها، وسيتحدث عن خطوط حمراء وضعتها الطوائف على حساب الدولة، حضورا ودورا، يوم ساد التخلف وعمت الفوضى وتراجع الاقتصاد فبلغ الدين العام أرقاما مخيفة، وسيذكر كيف أن النظام الطائفي أقصى الكفاءات واعتمد معيار التبعية العمياء على حساب النزاهة، ما تسبب بهدر المال العالم ومصادرة أملاك الدولة لصالح ميليشيات مدنية استقوت بزعماء طائفيين حكموا بأمرهم فتقاسموا البلد وتحاصصوه.
سيكتب التاريخ أكثر وسيقول ما لا قدرة لنا على الحديث عنه اليوم، لا رقابة على التاريخ، وفي التاريخ ليس ثمة من يشتري الذمم بمفعول رجعي، التاريخ يأنف المسايرة، ولن يقيم اعتبارا لزعماء وطوائف ولا لقوى سياسية، التاريخ مقصلة وسيف صقيل لا يداري خصوصيات أفراد وجماعات، وسيقول كلاما من قبيل أن اللبنانيين نحروا وطنهم يوم كثرت المكائد والدسائس واستعلى أهل السلطة على القضاء، فغاب العدل وسقط معيار المواطنة، وكثر الراشون والمرتشون، واستوطن التعصب واستبيحت جبال وتلال... إلخ.
لا رقابة على التاريخ فاتقوا الله ولن ينصف أحدا ممن تدبروا أمور البلد بالفوضى والنكد!
|
|
|
|
|
|
|
|
|