نصطدم كل يوم مع أجندة سياسية تتعارض مع مصلحة البلد
#الثائر
- لتطبيق القانون وفرض هيبة الدولة
- لو كسر الفساد قرارنا يجب أن تربح عين دارة مهما حصل
- نصطدم كل يوم مع أجندة سياسية تتعارض مع مصلحة البلد
خاص "الثائر" –
في كل مرة يفاجئنا وزير البيئة فادي جريصاتي ، يعيد إلينا بعضا من ثقة اهتزت بسلطة تكاد لا تتقن إلا المناكدة وتضييع الفرص، لا بل ويضفي الكثير من الأمل في أننا قادرون على جبه الصعوبات بهدوء وروية، بمعرفة واعية لواقع وظروف البلد، والأهم أنه ارتقى بوزارة البيئة في زمن قياسي لتكون حاضرة أبعد مما شهدنا من معالجات سابقة فاقمت العديد من المشاكل بدلا من معالجتها والحد من تبعاتها.
يتصدى للسياسة بمواجهتها لا النأي بنفسه عنها، ويقول انه يؤثر الابتعاد عن السياسة 100 بالمئة، وهذه سياسة أيضا، سياسة العارف المتمكن والمستشرف لطبيعة الأخطار المحدقة، لكن لا يعني ذلك الاستسلام، فالسياسة إن ضلت سواء السبيل فثمة قضاء وقانون هما السيف الذي يضرب بالعدل والحق، وهذه سياسة أيضا تعكس بعد النظر في الابتعاد عن الاشتباك دون رمي السلاح، سلاح الدولة القوية بقضائها وقضاتها.
يواجه جريصاتي على أكثر من جبهة، لكنه أدرك الحد الفاصل بين القوة المتسلحة بالعقل لا بالتسرع والارتجال، معه نتأكد أن ثمة دولة ترسم ملامح التفاؤل بحاضر وغد، ولأن قضايا البيئة كثيرة ومتشعبة ومتراكمة، كان هذا الحوار شاملا، نضعه أمام الرأي العام ليصاب كما أصبنا بعدوى التفاؤل القابل للحياة بقوة واعية.
وفي مَا بلي نص الحوار:
"الثائر": لا يمكن إلا التنويه بجهودكم كوزير للبيئة تخطى أطر العمل التقليدي، ونكاد نراكم في كل المواقع اللبنانية، لكن الآن هناك من يسأل أين وزارة من العديد من الملفات؟ ومإذا أنجزت؟ بالتأكيد لا نتحدث هنا عن نشاطات الوزارة وإنما عن إنجازاتها؟
جريصاتي: لا، لقد تخطينا الخطط في بعض الأمور، لأنه هكذا هي الإدارة في لبنان، بحيث لا نستطيع التحرك وبدء التنفيذ إذا لم تكن ثمة موافقة على مخطط توجيهي، ومثال على ذلك ملف الكسارات والمقالع، فلقد أنـهينا كل عملنا، وبالنسبة لمجلس الوزراء واللجنة الوزارية لم تعد هناك ملاحظة لم نرد عليها، ولا ملاحظة لم نقم بإضافتها على الخطة، فنحن جاهزون عندما يعطى الضوء الاخضر من قبل مجلس الوزراء، ويتم التوافق على المخطط التوجيهي، عندها سوف نباشر من الصباح باكرا التطبيق، والتطبيق هو لعشرات السنوات القادمة وليس لعدة ايام آتية فقط، لكي يكون الرأي العام على اطلاع، خصوصا وأننا لا نعمل لحي من الأحياء بل لكل لبنان في موضوع البحص والرمل والصخور، والآلية التي سوف نرسمها لعشر أو عشرين سنة قادمة، لديها تأثير (impact) مباشر على المالية العامة، ولديها تأثير على البيئة وتأثير على مصالح أناس كثيرين كانوا يعيشون من هذا الاقتصاد شرعيا أو بشكل غير شرعي، فالقضية ليست صغيرة وليست تفصيلا أو شيئا يستطيع اللبنانيون أن يروه في يومين، أخذ وقتا؟ نعم، لانه ملف شائك كثيرا، ومنذ 60 أو 70 سنة لم يُحل، وثمة مثال ثان، وهو موضوع النفايات، ونحن نناقش خارطة الطريق حيث توجد اشكالية عليها وليس ثمة إجماع على كل النقاط التي تقدمنا بها، ولكننا نتقدم في كل اجتماع، وعندما أقول خططا فهذا لا يعني تنظيرا.
"الثائر": نفهم من معاليك أن الناس سوف يرون شيئا على الارض؟
جريصاتي: نعم الناس سوف يرون تطبيق القانون في الكثير من الأماكن، وقد بدأنا بالحد الأدنى في بعض المشاكل، في موضوع مولدات الكهرباء، والدواجن، في كل الصناعات ومثال على ذلك معمل "قساطلي" الذي التزم بيئيا في مشروع بلغت كلفته ملايين الدولارات مع البنك الدولي، وهذا ما يحصل كل يوم. كما نعمل على تأمين قروض مدعومة لنساعد الصناعيين، كل يوم الصناعي يحسن وضعه ليصبح لديه التزاما بيئيا، هذه أمور لا يراها الناس لكنها تحصل كل يوم، وعلى صعيد النفايات الطبية هناك عمل كثير جار، وقد أنجزت ورشة عمل والآن ثمة ورشة عمل ثانية حيث نضع الخطط، وفي المقابل هناك عمل على الحلول، وهناك ترخيص يعطى لشركات لكي تعالج النفايات الطبية، والنفايات الزراعية كذلك الامر، والشكاوى على البلديات والمصانع بالعشرات، هذا كله يبدأ بتطبيق القانون وفرض هيبة الدولة لنصل إلى الالتزام في مَا بعد.
"الثائر": نقول ما يقوله الناس، و"ناقل الكفر ليس بكافر"، يتساءل المواطن كيف أن القاضية غادة عون واجهت مافيات الكسارات وتخلفتم كوزارة، فيما تضمن بيان هيئة المبادرة المدنية في عين دارة كلاما أشارت فيه إلى أنها سلكت المسار القانوي بسبب "تمنع وزارة البيئة وبلدية عين داره عن القيام بواجباتهما القانونية فيما يخص ضبط الجرائم والمخالفات"، كيف تعلقون وما هو موقفكم؟
جريصاتي: إن هذا الموضوع شائك جدا، وجزء منه سياسي لا يعنيني، وهذا ما أتفاداه، وجزء منه ثان متعلق بالبيئة وهذا ما يعنينا، والمقاربة للموضوع لا تكون بالمفرق بل تكون بالجملة، أنا اليوم أعمل على مخطط توجيهي، قرار القاضية غادة عون قرار مؤقت يستطيع مجلس الشورى كسره، كما كسر سابقا قرار الوزير وائل بو فاعور منذ شهر ونصف الشهر، وبرأيي ما زلنا في مرحلة التهليل للحل النهائي الذي لم نصل له بعد، وهذا رأيي الشخصي يلزمني أنا وحدي، المشوار ما زال طويلا مع ملف آل فتوش لأنه يوجد فساد قضائي كبير في بدايته رتب على الدولة اللبنانية أعباء مالية كبيرة، ونحن اليوم أو ما أقوم فهو حل مستدام، أن أحذف عين دارة من مخطط توجيهي هو حل مستدام، فمع احترامي للمبادرة المدنية التي تحدثت عنها، وأكثر مرة نتحمل مسوؤلية في هذا الملف، واكثر مرة نواجه، والبرهان على ذلك الهجوم الشرس الذي كان طاولني منذ أسبوع على الـــ otv من بيار فتوش، فلو لم يكن هناك شيء نفعله لماذا اتى على سيرتي، هذا بالحد الادنى؟ ورغم ذلك لا يوجد أمر شخصي في هذا الملف بل يوجد قانون وسوف يطبق على الجميع، وانا اقول عبارة واحدة: نريد المخطط التوجيهي، إذا وافق مجلس الوزراء عليه وذهبنا الى التطبيق فحينئذ يجب ان ترتاح عين دارة الى أبد الآبدين، لانه تاريخيا، وفي مَا مضى توقفت وفتحت كسارات عين دارة 20 خلال آخر 30 أو 40 سنة، ما نفعله هو تأمين حل مستدام ويجب أن ينجز حل نهائي وجذري لهذا الموضوع، وأنا اعتقد اننا تنحمل مسوؤلياتنا، والبلدية تلعب دورا جيدا جدا، أما من هم في المبادرة المدنية ولكي يعلو سقفهم فهم (يقوصون) على البلدية أو الوزارة لكي يثبتوا انهم سباقون بالموضوع وهذا ليس صحيحا، فالبلدية تعمل معي على دراسة الأثر البيئي كما ترسل كتبا، وارسلت لي كتابين كي لا تكون عين دارة في المخطط التوجيهي واستند عليهما لأن رأي البلدية مهم جدا في المخطط التوجيهي، ولكن لا نقول كل يوم للناس عبر الإعلام ماذا نفعل وماذا نحقق.
"الثائر": وماذا تتوقع بالنسبة لعين دارة وخاتمة هذا الملف؟
جريصاتي: على المدى البعيد لا يجب أن تكمل هكذا عين دارة، ولو مهما حصل، ولو مرت بفترة صعبة، ولو الفساد كسر قرارنا يجب أن تربح عين دارة في النهاية.
"الثائر": ألا ترون أن موضوع "الجيش البيئي" ليس بأكثر من فانتازيا إعلامية؟ لا ننتقد نواياكم الصادقة، ولكن ننطلق من أن المطلوب أولا إطلاق يد القضاء بعيدا من تدخل أهل السياسة، أي أن ما تحتاجه البيئة اليوم هو "جيش القضاء"؟
جريصاتي: نعم بالتأكيد، لكنهما لا يتعارضان، لأنني لم أقل يوما انني سأعد جيشا بيئيا وألغي القضاء، ومن ثم من منع القضاء من أن يعمل؟ على العكس تماما، لقد زرت وزير العدل منذ أربعة ايام وقد تكلمنا بكل الامور الشائكة وكيف سنسرع انتاحية المدعين العامين البيئيين، فأنا أؤمن بالقضاء، وأنا ابن قضاة فكيف ألا أؤمن بدور القضاء؟ ومن ثم كل الحل يبدأ من تطبيق القانون، من المدعين العامين البيئيين ومن القضاء، لا أحد يناقش في هذا الموضوع، والجيش البيئي يعني إشراك المجتمع المدني بمساعدتنا، لانه لا وجود لشرطة بيئية، وهناك فرق كبير بين المدعي العام البيئي والشرطة البيئية، ومجلس الوزراء وافق منذ سنتين تقريبا على 25 شرطيا بيئيا، فلماذا حتى اليوم لم يقم مجلس الخدمة المدنية بمباراة لتوظيفهم؟ نحن الوزارة الوحيدة التي يجب ان تكون على الارض وليست موجودة، فوزارة الاقتصاد لديها شرطة ووزارة السياحة لديها شرطة سياحية والزراعة لديها مأموري أحراج وهم ضابطة عدلية، يستطيعون تحرير ضبط، أما نحن فليس لدينا أحد على الارض ولا يحق لنا أن نحرر محضر ضبط بل يجب أن نستعين بالاجهزة الأمنية، فمن هنا قلنا بإشراك المجتمع المدني معنا، وان يكون هو الغفير وهو المراقب وأن يكون عيوننا وآذاننا على الطرقات ويبلغنا عن المخالفات التي تحدث، ونحن ندعي لدى المدعي العام، فهذا هو الحيش البيئي هو اشراك المجتمع وكل من يغار على البيئة ان يساعدنا مجانا من دون ان نكلف الدولة أي شيء.
"الثائر": كيف تقاربون ملف النفايات مع احتمال تجدد الكارثة بعد شهر من الآن؟
جريصاتي: بالنسبة للنفايات قدمنا خارطة طريق، فالبدايات دائما تكون من تحديد المواقع، ولا يوجد حل للنفايات في لبنان إذا لم يكن هناك وفاق سياسي على موضوع المواقع، هناك 25 موقعا في لبنان، وقمنا بمعاينتها وقدمنا تصورا للجنة الوزارية، وعقدنا أربعة اجتماعات ولم نتقدم بعد في موضوع حسم هذه المواقع، وعندما يحسم موضوع المواقع عندها نقول اننا على طريق الحل لان الموقع أساس ليكون هناك معمل، مطمر أو محرقة، وأي حل يكون على أرض لبنانية وليس بالهواء الطلق. نحن بحاحة إلى اراض في لبنان موزعة على كل المحافظات، وهذا الأمر بحاجة لتوافق سياسي لانه في وقت ما يجب على القوة الأمنية أن تنفذ بالقوة ما يفترض أن يكون هناك إجماع، ولا أحد سيكون سعيدا بوجود مطمر في منطقته أو بلدته وسيكون هناك معترضون بالتأكيد، ولكن يجب ان يكون هناك حسم في هذا المجال.
"الثائر": وهل سيكون هناك حسم؟
جريصاتي: يجب ذلك، لا يوجد خيار آخر.
"الثائر": من يتحمل المسوؤلية هنا؟
جريصاتي: القوى السياسية مجتمعة.
"الثائر": نعلم أن وزارة البيئة محكومة بواقع سياسي صعب وغير مساعد، فكيف يمكن تخطي الصعوبات ومواجهة التعديات المستمرة من الكسارات إلى تلويث الشاطئ إلى تهريب النفايات والمكبات العشوائية وتلوث الهواء والأنهر خصوصا وأننا نشهد فضائح لا تنتهي؟
جريصاتي: بالطريقة التي نعمل بها أي لجهة تحييد أنفسنا عن السياسة 100 بالمئة، وأن نعمل مهنيا نربح مع الوقت مصداقية تجاه السياسيين وتجاه الاحزاب والكتل وتجاه الشعب اللبناني.
"الثائر": وهل هذا يكفي؟
جريصاتي: كلا، لأننا معرضون أن نصطدم كل يوم مع أجندة سياسية تتعارض مع مصلحة البلد وسوف نصطدم بهم أيضا، ولكن كل يوم نمشي بطريقة نبقي بها أنفسنا بمعزل عن السياسة، في موضوع الكسارات والنفايات وفي كل مواضيع الصناعات التي ندعي عليها والكثير غيرهم، وهناك تدخلات لكن لا نرد على أحد، ومع الوقت يصبح تدخلهم اقل بكثير، واذكرك ان الحكم هو هيبة، وأما إذا كنت ضعيفا وليس ثمة أحد بضعيف بل يكون ضعيفا بقراره فهذا قرار يرجع اليك، فعليك بفرض الاحترام، أو أن تكون ضعيفا أو لا، فالتدخلات شيء نسبي، وهي لا تتوقف طبعا ولكن ذلك يعود لتحاوبك أم لا.
"الثائر": نعلم أنكم ورثتم تركة الفساد على مدى ثلاثين عاما، لكن ألا ترون أن ثمة حاجة اليوم لإعلان حالة طوارئ بيئية؟
جريصاتي: لقد أعلنتها منذ أول اسبوع لي في الوزارة وكررتها مرات عدة، وحينما حصلت أزمة الشمال شكلت لجنة طوارئ بيئية، أزمة اليوم تفرض علينا حالة طوارئ لان وضعنا سيئ وخطير في بعض الحالات ويتطلب منا معالجة سريعة جدا، ولكن على السلطة السياسية ان تعي خطورة الوضع وأن تتخذ الإجراءات فالوزارة التي كانت ميزانيتها 9 ملايين دولار خفضت لـ 8 مليون دولار، فبدلا من ان تزيد خفضت عكس غير وزارات، هذا ما يدل على انهم لا يرون الفرق بين البيئة وغيرها، فالبيئة ان لم تكن الاهم فهي قبل الصحة وقبل الزراعة والسياحة وغيرها، لأنه لا يوجد سياحة دون شاطىء نظيف ومياه نظيفة ولا يوجد زراعة دون مياه نظيفة نسقي منها، والصحة تكلفنا 10 اضعاف اذا لم نعالج سبب المرض، ويجب ان ينتبهوا بانها اهم وزارة في الدولة وبحاجة لإمكانيات اكثر من مئة موظف ومن أربع عشرة سيارة لتغطية كل لبنان، لدينا مشكلة كبيرة ونقول إن السلطة السياسية غير واعية للموضوع، ولا يجدي الاتكال على المجتمع الدولي واصدقاء لبنان الذين يدعموننا.
"الثائر": لماذا لا تهيئون لثورة بيئية أو لتحرك بيئي واسع؟ خصوصا وأن تكتل لبنان القوي يملك أكبر قوة في مجلس النواب وايضا داخل مجلس الوزراء؟
جريصاتي: سؤال في محله، لأن هذا ما يسأله الناس كيف لوزير أن يشكو وهو ضمن أكبر تكتل نيابي، التكتل هو 29 نائبا والنواب عددهم 128، ومن هنا تكون بحاجة الى 65 نائبا لتتحدث عن أكثرية، فإذا لم تكن هناك أكثرية فلا يفيدنا هذا بشيء، نحن بحاجة لاكثرية لنحكم، وايضا إذا كان لديك 11 وزيرا تكون بحاجة الى 16 وزيرا لتنفيذ قرار.
"الثائر": إذا كان لدينا هذا الواقع المرير فلماذا كوزارة بيئية لا تعقدون مؤتمرا صحافيا وتقولون الاشياء بواقعها وارقامها؟ لا تستطيع تحمل تبعات عندما يفبركون ويختلقون اشياء لم تقلها وتضج بها وسائل الاعلام، فيجب ان يكون هناك مكان ما للتكلم بكل صراحة؟
جريصاتي: نعم ما تقوله صحيح، أولا بموضوع الاكثرية لقد جاوبتك بأننا موجودون بقوة ولكن ليس أكثرية، وأنت قلت كلاما مهما تستطيع أن تهيئ لثورة وان تنزل الى الشارع، نهار الجمعة قدمت تصورا للتكتل حول خطة النفايات، في بدايات الاشهر الاولى كنا نخطط بهدوء، أما الآن فبدأنا نصل الى قرارات حاسمة وممكن ان يحصل اصطدام، الاربعاء سافعل شيئا لكل بلديات لبنان، سأشرح خطتي وسأحمل الكل مسوؤلياتهم، الاثنين يوجد حلقة لي ساعة ونصف الساعة لاشرح كل شيء عن النفايات والكسارات وباقي المواضيع التي تتعاطى بها الوزارة، وهي ايضا فرصة لاحمل الكل مسوؤلياتهم ولنقسم الأدوار.
"الثائر": بماذا تتوجهون للمواطن اللبناني المغلوب على امره والذي يحمل تبعات التلوث من صحته بدءا من الكسارات الى مصادر المياه الجوفية؟
جريصاتي: لا أحمل المسوؤلية للمواطن بشكل عام، لكنني اقول إن أي تغيير سيحصل يجب ان يبدأ من المواطن، هناك مواضيع مطلوبة من الدولة، انا لا اطلب من الشعب ان يقفل كسارات عين دارة وان يفتح مطامر بالقوة، لم ولن اطلب من المواطنين ذلك، لكن ما نطلبه من المواطن ان يغير سلوكه وليس كل المواطنين، بل مثال الذي يرمي نفايات من نافذة سيارته فهو امر معيب لانه يوسخ الطرقات ويعمد الى تسكير الاقنية، فالشعب اللبناني يجب اما ان يدين هكذا شخص او ان يتوقف هذا الشخص عن رمي النفايات فهو يجب ان يغير سلوكه، على المواطن ان يساعدنا في القرار، الفرز من المصدر، فالمواطن يجب ان يكون مسؤولا بوضع ثلاثة براميل في المنزل، فهناك اشياء لا تستطيع الدولة فعلها بل يجب على المواطن القيام بها.
"الثائر": نود أن نعلم ما هو موقفكم من إنشاء مصنع إسمنت فوق جبال ضهر البيدر؟ وكلنا يعلم كيف تم تمرير هذا المشروع؟ ونعلم أن وزيرا سابقا تهجم على موظفي الوزارة في مكاتبهم (قبل أن تتسلموا مقاليد الوزارة) للحصول على الترخيص، وحصل عليه بالاستناد إلى دراسة الأثر البيئي المشكوك في أمرها؟ وتاليا، كيف للمواطن أن يصدق أن معملا قائما على خزان مياه الينابيع الجوفية تغذي ثلاثة أقضية لا يسبب تلوثا؟ وكلنا يعلم أن صناعة الإسمنت هي الأكثر تلويثا وتدميرا لمعالم الحياة في العالم؟
جريصاتي: دراسة الأثر البيئي صدرت سابقا، والآن أصبحت المشكلة متمثلة في إيجاد معالجة بالقانون وطعن بالدراسات التي صدرت قبل، أنا لست خبيرا قانونيا.
"الثائر": ما هو موقفكم كوزارة بيئة؟
جريصاتي: موقفنا اتخذ عند دراسة الاثر البيئي، وبالنسبة للمقلع والمعمل أنا أطلب أيضا أن تكون هناك دراسة أثر مرة جديدة.
"الثائر": من الجهة التي من الممكن أن تطعن في دراسة الاثر البيئي؟
جريصاتي: البلدية، وقد طلبت رسميا ذلك، وانا رأيي يجب أن يحصل ذلك بعيدا عن الفساد وبعيدا عن اي اتهام، لا اريد ان اتهم أحدا او ان أدين أحدا، فأنا لست سلطة قضائية، أنا اقول انه يجب ان نقوم بواجباتنا بيئيا، فالمنطقة ليست صالحة لتكون مقلعا ابدا فيوجد مياه جوفية وطبيعة الارض وكما يوجد قمم جبال، والمحمية المكرسة في القانون محمية أرز الشوف فلكل هذه الاسباب فإن المنطقة غير صالحة من الناحية العلمية.
"الثائر": لا تستطيع وزارة البيئة ان تعيد دراسة الاثر البيئي؟ إذا كانت تشك فيها؟
جريصاتي: طبعا تستطيع ذلك.
"الثائر": الصورة ماساوية بل كارثية ونعلم ان وزارة البيئة هي الحلقة الاضعف فكيف يمكن ان يتحقق حلمنا كبيئيين وان تصبح وزارتكم ام الوزارات؟
جريصاتي: تستطيع بأناس أمثالكم تكتبون عن البيئة وتدافعون عن هيبة الوزاراء فهم جزء من تحويلها الى وزارة سيادية، فكلما تنشر الوعي كلما أصبح المواطن بيئيا أكثر ويكبر مناصرو وزارة البيئة، ليس بالمعنى السياسي طبعا، فهذه حرية التنفس والهواء النظيف، وأصبح حلمي الذي طلبته من فخامة الرئيس من خلال خطابي في 3 أيار (مايو) أن يعدل الدستور وان يصبح حقنا دستوريا بالحصول على هواء نظيف وطبيعة نظيفة وبيئة نظيفة، هذا كله يجعل هذه الوزارة وزارة سيادية أو أساسية.
"الثائر": كلمة اخيرة لـ "الثائر" و"غدي نيوز"؟
جريصاتي: تمنياتي أن يمدكم الله بالقوة وتبقون بهذه الهمة، ويبقى قلمكم بمنأى عن الصحافة الصفراء التي اصبحت كثيرة في لبنان، وتكونون دائما موضوعيين بالانتقاد، وتجيشون لقضايا وطنية بعيدا عن السياسة ودفاعا عن البيئة ولبنان.