"الجدل البيزنطي" يتفاقم وحظوظ الإنقاذ تتراجع |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
تقول المراجع إن "الجدل البيزنطي" هو الجدل والنقاش العقيم الذي لا فائدة منه. والكلمة جاءت من "بيزنطية" وهي مدينة إغريقية قديمة كانت تقع على مضيق البوسفور، جعلها الإمبراطور قسطنطين عاصمة للإمبراطورية الرومانية البيزنطية وأصبح يطلق عليها القسطنطينية، ثم تحولت بعد فتح العثمانيين لها إلى اسلامبول ثم أخيرا، وحاليا، إلى اسطنبول في تركيا. وبينما كان السلطان العثماني محمد الفاتح على أسوار القسطنطينية ، بيزنطية، يدكها مع جيشه بالقنابل والمنجنيق، ويحاولون تسلق أسوارها العالية من أجل الدخول اليها، كان النافذون في بيزنطية يتجادلون في ما بينهم عن مسألة ما إذا كانت الملائكة ذكورا أم إناثا، وحول من وُجد قبل الأخرى الدجاجة أم البيضة؟! فكان هذا الجدل العقيم أحد أسباب سقوط بيزنطية. *** لماذا الإستعانة بالتاريخ وبواقعة بيزنطية في حدِّ ذاتها؟ لأن في لبنان "جدلاً بيزنطياً" من نوع آخر يكاد ان يُسقِط لبنان كما سقطت بيزنطية، فالجدل قائمٌ حول أسباب الإنهيار الإقتصادي: هل هو فشل الإدارات السياسية التي تولت إدارة البلد منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي وصولًا إلى اليوم؟ هل هي فاتورة الحرب التي لم تُدفَع بالكامل في وقتها؟ هل هي الخطط التي وضعت الإقتصاد اولًا من دون الأخذ بعين الإعتبار المتغيرات السياسية التي أطاحت في أكثر من مرة بالإقتصاد؟ *** هذا الجدل البيزنطي يمكن أن يستمر مئة عام ولكن من دون نتيجة أو طائل، فحتى لو عرف اللبنانيون سبب السقوط ، فماذا ستقدِّم هذه المعرفة في عملية الإنقاذ؟ لا شيء بالتأكيد، ففيما نتجادل، هناك وقائع وحقائق آنية لم يعد من الممكن الهروب منها أو تجاهلها أو التنكر لها. الوقائع والحقائق رقمية، لا وجهة نظر، وليس بالإمكان نقضها بسهولة لأنها منبثقة من مصادر موثوقة، وفي الأصل لم يعد هناك من شيء بالإمكان إخفاؤه في البلد، وليس في البلد فحسب بل على مدار الكرة الأرضية، فالرقم عن بيروت معروفٌ في نيويورك او باريس او لندن ، والعكس صحيح. *** صحيفة "فايننشال تايمز" العريقة في شؤون المال والأعمال والإقتصاد في العالم، ولديها الكثير من الخبراء، كتبت يوم الجمعة الفائت تقريرًا مسهبا عن الوضع الإقتصادي اللبناني وعن تراجع أسعار السندات اللبنانية في الأسواق الدولية، وكل ذلك بسبب التخوف الدولي من عدم الجدية في التوصل إلى موازنة نوعية رشيقة تحظى بالقدر الكبير من الإصلاحات. تقول "فايننشال تايمز" في تقريرها الذي عنونته على الشكل التالي: Lebanese bonds in freefall as politicians scrap over budget "لطالما كانت المشاحنات السياسية عنواناً من عناوين الحكم في لبنان بعد الحرب الأهلية في إطار نظام قائم على تقاسم السلطة وتوزيع المناصب بين المذاهب". وتتابع الصحيفة: "وفقاً لمحللين في وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، تبقى الإجراءات التي نصّت عليها الموازنة فضلاً عن إبرام اتفاق مع المصارف المحلية لإعادة تمويل سندات الخزينة بأسعار فوائد أقل، "غير كافية لإحداث تغيير كبير في مسار الدين". *** وما لا تقوله الفايننشال تايمز يقوله خبراء محليون ذوو مصداقية. بعض الخبراء يتحدثون عن أن الدين العام اصبح يسير بوتيرة تصاعدية وعلى مسارٍ متسارع وخطيرِ جداً، خصوصًا ان الارتفاع في أسعار الفائدة، سيرتّب أعباء كبيرة على الخزينة. *** في المقابل، ما هي انشغالات مَن يديرون الإدارة السياسية للبلاد ؟ غير انهم يهتمون بتدبير أشغالهم الخاصة، فإنهم يتباهون بما يشبه "الجدل البيزنطي"، تصوروا أنهم يختلفون على "كعكة" التعيينات فيما الحقيقة تقول أنه لم يعد هناك "كعكة". فعلى ماذا يتقاتلون؟
|
|
|
|
|
|
|
|
|