السبهللة... و"متلازمة العته الوطني"! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
– أنور عقل ضو
نعيش بين تهدئة وتهدئة، بين هدنة وأخرى ومواجهات مستمرة، ولا من تفكَّــــرَ يوما أو سأل كيف يمكن للبنان أن ينهض ويتعافى ليصيبَنا ولو نذر نسير من بقية أمل، كي نتيقن ولو للحظات أو هنيهات أننا في رحاب دولة لا "جمعية خيرية" يديرها ممثلو الطوائف بحنكة قل نظيرها، ذلك أن أقصى المطلوب الآن ودائما يظل متمثلا في تسجيل النقاط في مبارزات المسؤولين اليومية، ولو على حساب مستقبل الناس وكراماتهم المسلوبة، ولو على حساب وطن تتنازعه مصالح وأهواء من ظنوا أنهم يمثلون حيثية سياسية بأبعد من طوائفهم، حيث يتجلى الوجه القبيح لسياسة جوفاء وفارغة من أي مضمون، وغير قابلة للحياة في حاضرة العصر، ونحن إلى الآن خارجه، نجذف في بحر الفوضى والعنَت الفوقي، وقد غدا حالة مرضية يمكن توصيفها بـ "متلازمة العته الوطني".
اليوم نجحت التهدئة بين من تراشقا بالأمس (مبروك)، وغدا تبدأ حملة تراشق جديدة بين غيرهما ممن لم يتراشقا منذ وقت غير بعيد، لتبدأ مساعي أهل الخير مرة جديدة، وفي هذه الأثناء تكون مفاعيل التهدئة بين الفريقين المتخاصمين أولا قد انتهت، وهكذا دواليك من تهدئة إلى تهدئة ومن تراشق إلى تراشق، ولبنان على حافة الهاوية، وسط بهلوانيات تصلح لسيرك عالمي، أو مسرح دمى أطفال.
لا نجد مصطلحا نعبر من خلاله عن حالنا وما آلت إليه أوضاعنا بغير ما أطلقه الفيلسوف والأديب المصري الرائع يوسف زيدان، وهو "السبهللة"، وقد استخدم (زيدان) هذه المفردة للدلالة على الحالة التي تعيشها دولنا في مقاربته للعقل الجمعي العربي، ولبنان ليس استثناء، لا بل ما يزال يمثل نموذجا أكثر فضائحية، ولمن لا يعلم، فـ "السبهلل" في معاجم اللغة هو "الرجل الفارغ"، وبمعنى آخر نعيش في لبنان حالة خواء وطني، وأي خواء إن لم يُملأَ بأحكام العقل والمنطق يغدو نوعا من العته، أي ما هو أشد وطأة من الفراغ والخواء و"السبهللة".
نعم، إننا مصابون بـ "متلازمة العته الوطني"، ولا نظن أن التاريخ سجل حالة واحدة من هذا المرض شبه المستعصي، ونعلم أن دولا تصاب بانعدام وزن وانحطاط وتراجع، لكن لم نسمع أن دولة جمعت بين ظهرانيها من يعملون لغير صالحها وبالتوافق في مَا بينهم، وقمة العته أن يسعى المسؤولون إلى شطب الدولة لصالح شعبوية مقيتة. في سياق ما نحن عليه الآن، صار أقصى ما نتمنى تكريس التهدئة بين ذلك وذاك، وهذا في العرف اللبناني الحديث يعد إنجازا، فهل ثمة عته أكبر؟!
|
|
|
|
|
|
|
|
|