الصيد المستدام... تجارة وهدر ملايين الدولارات على سبيل المجزرة! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
– أنور عقل ضو
إذا كان الإنسان يملك العقل واكتسب المعارف وتطور من مجتمعات بدائية إلى عصر العولمة والذكاء الاصطناعي فلا يعني ذلك أنه الأرقى بين كائنات الأرض، وقد دمر مقومات الحياة على الكوكب، حتى أن العلماء بدأوا يدقون ناقوس الخطر من موجة انقراض جديدة سببها الإنسان، وهو ما بات يعرف بـ "عصر الهولوسين"، وتعد الأنشطة البشريَّة الحديثة وعلى رأسها الصيد الجائر وتدمير البيئة والتلوث من المسببات الرئيسية لهذا الانقراض، ممَّا يجعله أول انقراضٍ جماعي في تاريخ الأرض تتسبب به أنواع من الكائنات الحية نفسها.
وفي هذا السياق، أكدت دراسة علمية أعدتها ثلاث جامعات أميركية أن تاريخ الأرض يشهد "موجة انقراض جماعي سادسة"، وحذرت من دخول الأرض مرحلة جديدة من الانقراض قد يكون الجنس البشري بين أوائل ضحاياها.
وبحسب "الاتحاد الدولي لصون الطبيعة" IUCN، فإن ما لا يقل عن 50 نوعا من الحيوانات تقترب من الانقراض كل عام، وأن قرابة 41 بالمئة من البرمائيات و25 بالمئة من الثدييات مهددة بالانقراض، فيما أصدرت الأمم المتحدة تقريرا مطلع نيسان (أبريل) الجاري يواجه أكد فيه أن نحو مليون فصيلة في العالم مهددة بالانقراض جراء الأنشطة البشرية.
نورد شذرات من مئات الدراسات لنؤكد أن الإنسان هو الحيوان الأخطر فوق هذه البسيطة، لنصل إلى موضوع الصيد البري في لبنان، فنحن نعيش بين ظهراني مرحلة انعدمت فيها أخلاقيات ومناقب وقيم إنسانية، وغدونا وحوشا نقتل لنخسر بضع كالوريهات، ونسمي القتل هواية، نصطاد لنرضي همجيتنا الأولى، ننظم دورات لتشريع القتل، ونقونن المذبحة بأعداد الطرائد المسموح صيدها بذريعة "الاستدامة"، وثمة من ينسى أن قطاع القتل هذا فيه دورة إنتاج، أسلحة وذخائر ومستلزمات الصيد (المستدام) وتجارة رائجة وملايين من الدولارات تهدر على سبيل المجزرة، وما بالك بالمطاعم التي تقدم وجبة عصافير فاخرة، تم اصطيادها بالدبق والشباك تؤخذ فتذبح وتوضب في ظل قانون الصيد (وهذا موضوع آخر).
يجمع زوج من الطيور القش ليبني عشا وينسجه بالحب قشة قشة، ونرى معه إبداعات الخالق في كائناته، ومن ثم تضع الأنثى بيوضا وتحضنها بالحب أيضا وبكثير من الدفء، وساعة تفقس، تخرج الفراخ وتلهث من أجل إطعامها وتزقيمها حتى ينبت ريشها، ومن ثم تأخذ في تعليم صغارها الطيران، هذه الدورة نتغاضى عنها لنقول بالصيد المستدام، ونود لو يبرز لنا المستدامون نصا "قانونيا إلهيا" يجيز لهم ارتكاب جرائمهم.
خسرنا غاباتنا ليس بسبب الحرائق والقطع الجائر للأشجار فحسب، وإنما لأن ثمة أنواعا من الطيور تراجعت أعدادها أو انقرضت، لأننا قتلنا وأبدنا العدو الطبيعي لحشرات تفتك بأشجارنا، كل عصفور يُقتل كان يمكن أن يسدي خدمة لبيئتنا الطبيعية في دورة حياة متوازنة أبدعتها الطبيعة في مسار طويل زمنا، يرقى إلى عشرات آلاف السنين، ونأتي من قبيل الهواية نقوض كل هذا النظام.
"أكلتنا" الحشرات واستباحتنا الأمراض، لأننا نضطر إلى استخدام مبيدات حشرية شديدة السمية تلوث مياهنا وهواءنا وتربتنا وتفتك بصحتنا وتسرطن حياتنا، في وقت كان يمكن للطيور أن تسدي لنا مثل هذه الخدمة بالمجان دون مقابل، سوى أن نتركها في فضاء وجدت لتحلق فيه، فعن أي استدامة يتحدث البعض؟
الصيد المستدام خرافة وكذب وافتراء، لا أخلاقيات في القتل، الأسد ينقض على فريسته ليؤمن استمرار جنسه، ويكتفي من قطيع غزلان بغزال واحد، أما نحن فنقتل لنرضي غرائز متدثرة بقفازات نتنة، نبيد قطعانا من الحيوانات وأسرابا من الطيور، ولبنان جزء من منظومة القتل هذه، ودماء الطيور ستظل تلاحق المجرمين إلى يوم القيامة!
|
|
|
|
|
|
|
|
|