كيف ابتلينا بسوء الإختيار؟! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
قبل أن تفكروا في استعادة ثقة الناس بدولتهم ووطنهم وأرزه الشامخ، وقبل أن تعظوا من اكتووا بنار "إبداعاتكم" الإدارية والمالية والسياسية والاقتصادية، استعيدوا الثقة بأنفسكم أولا، وقدموا أنفسكم أنموذجا وسيرة حسنة للناس بخلاف ما عهدوه بكم ومعكم وبين ظهراني إقطاعاتكم المالية و"المقاطعجية" (ملاحظة ثمة نظام مقاطعجي في لبنان ما زال قائما في بعض القرى)، وما عرفوه عنكم في استباحتكم للدولة، لذا وفروا الوعظ والنصح، فالكلام مضيعة للوقت وتجديف صفيق، حاضروا في كل شيء إلا في العفة، دعوها ترتاح من لغط الألسنة وهي تلوك بعضا من وقاحة وكثيرا من تضليل.
من يوقف المسؤولين، أو بعضهم، كثيرهم أم قليلهم، ممن تماهوا مع الدولة فظنوا أنهم كبار فعلا، وكأن الدولة تتوقف قاطرتها إن استنكفوا ومكثوا في قصور بُنيت من عظام الناس ولحمهم في سرقات موصوفة بشهادة دين عام فاق المئة مليار دولار أميركي (دولار ينطح دولار)، فاسدون ومهدرون للمال العام بشفاعة أهل البيت وقد كالوا لبعضهم ما لا يتاح لنا قوله جهارا نهارا، ولو قُدِّر لنا أن نقوله لاتهمنا بتحقير ذوي الشأن وتسخيف "الذات الطائفية" لمسؤولين غارقين في ما هو دون الانتماء إلى فضاء إنساني، وممن لا شأن لهم، وتوهموا أننا توهمنا صغر أحجامهم، وأننا لا نرى إلا فتاتا من وجوه منفوخة مشدودة، فبأي نكسة أصبنا، وبأي لغة نصلي لنطرد عنا شرور أفعالهم، فيما أقوالهم تعطيك "من طرف اللسان حلاوة"، لتغدق مُـــرَّ الحنظل اليومي علينا نحن من ابتلينا بسوء الإختيار!
من هم هؤلاء؟ معرفوون بسيمائهم وتصرفاتهم واندفاعهم في الحديث عن الشفافية، عن كل ما هو شفاف كالبلور الفينيقي والكريستال البوهيمي، معروفون بمقاس أحذيتهم وسعة ياقات قمصانهم المرحرحة، يذكروننا بما قاله الشاعر العراقي الراحل مظفر النواب في سبعينيات القرن الماضي في وصفه ذاك "الثائر" العربي، وقال فيه: "في بيروت تكرش على الصدف البحري حتى عاد بلا رقبة"، مع فارق بسيط أن من لدينا ينتقلون من "التكرش" إلى التنحيف وبالعكس، يهيمون بالطبخ وفنونه، أما ساعة يستشعرون خطرا على الصحة (بالتأكيد ليس الصحة العامة)، يبادرون إلى "الدايت" عبر أخصائيي التغذية.
هم معروفون، فلا أسرار في لبنان ولا "شيفرات" من العسر قراءتها، أو رسائل ملغزة، هم معروفون ويعرفون أنفسهم والناس تعرفهم، وفي لبنان ليس ثمة ما "هو مخبى"، ولتبقَ أسماؤهم "حزورة" للمواطن المسلوب عمره ومستقبله، معروفون وإن تلطى بعضهم بحرير المواقف وقفازات من العهد الفيكتوري.
معروفون، وقد عادت المهل الإدارية للمقالع والكسارات، أو تم تمريرها بصيغ ملطفة لا تلغي واقع الفوضى والتدمير، قانون الصيد البري يُدرس ولا طيور مقيمة، فقط طيور عابرة لا يؤكل لحمها، ولحمنا وحده يؤكل على موائد ومآدب التبذير والتهرب الضريبي، وكان الله في عون وزير البيئة فادي جريصاتي القابض على "الجمر" وسط غيلان المال، وكان الله في عون كل مسؤول جاء ليعمل، فإذا به محاصر بمواقع محكومة بالفساد إلى أجل لن يطول، وهذا ما نتمنى!
|
|
|
|
|
|
|
|
|