تفاهم الحريري والسفير دوكين على تسريع الخطوات لتنفيذ مقررات سيدر
#الثائر
كتبت صحيفة الشرق الأوسط تقول: حمل المبعوث الفرنسي بيار دوكين المكلف مواكبة تنفيذ مقررات " سيدر " في محادثاته التي أجراها في بيروت مع كبار المسؤولين اللبنانيين وعلى رأسهم رئيس الحكومة سعد الحريري "رزمة" من النصائح تنطلق من ضرورة الإسراع خلال أسابيع في إعطاء إشارات إيجابية تتيح للبنان الإفادة من هذه المقررات للنهوض من أزماته الاقتصادية، كما حذّر من السلبيات التي يمكن أن تترتب على التباطؤ في إقرار الموازنة للعام الحالي وعدم الاستجابة للإصلاحات الإدارية والمالية، خصوصاً أن دوكين أبدى ارتياحه لمضامين البيان الوزاري الذي نالت الحكومة على أساسه ثقة البرلمان والذي أدرجت فيه ما تقرر للإسراع في الإفادة من "سيدر".
وعلمت "الشرق الأوسط" من مصادر وزارية مواكبة للمباحثات التي أجراها دوكين في بيروت بأنه شدّد على أن تبادر الحكومة إلى إرسال إشارات إيجابية للمجتمع الدولي بأنها باقية على موقفها في التحضير لوضع تنفيذ مقررات مؤتمر "سيدر" على نار حامية محذّراً في الوقت نفسه من الوقوع في "رفاهية" الانتظار التي تحرمه الإفادة من الفرصة الدولية التي أُعطيت له لمساعدته على النهوض من أزماته.
ولفتت المصادر إلى أن الإفادة من الحاضنة الدولية التي وفرها مؤتمر " سيدر " تشترط من الحكومة والبرلمان بأن يكونا في خندق واحد لقطع الطريق على أي محاولة لإعاقة تلبية ما هو مطلوب منهما للانتقال بلبنان إلى بر الأمان الاقتصادي.
وأكدت الدول والمؤسسات والصناديق المالية الدولية التي وافقت في مؤتمر " سيدر " على إيداع هبات وقروض ميسّرة في محفظة مالية تشرف فرنسا على إدارتها بالتعاون مع الجهات المانحة أنها تتطلع إلى دور فاعل لتحقيق الشراكة بين القطاعين العام والخاص في لبنان لتنفيذ المشاريع تحت إشراف الدول والجهات المموّلة لتنفيذها.
ورأت المصادر أن من شروط الإسراع في وضع لبنان على سكة الإفادة من المشاريع التي لاحظها مؤتمر " سيدر " بناء لطلب حكومته، ترشيد الإنفاق والبدء في الإصلاحات المالية والإدارية ومكافحة الفساد ووقف الهدر وإبداء حسن النية في إدارة المال العام، وكشفت أن دوكين توصل في محادثاته في بيروت وتحديداً مع الرئيس الحريري إلى وضع آلية لتنفيذ المشاريع وتقويم الخطط المرسومة لها.
وذكرت المصادر أن دوكين تفاهم مع الرئيس الحريري على تشكيل لجنة تقنية مركزها بيروت تعقد اجتماعات دائمة كل شهر أو في خلال شهرين وترفع تقاريرها إلى هيئة دولية عليا مقرها باريس تقوم بتقويم ما نُفّذ، وأحياناً تتولى إدخال تعديلات على الاستراتيجية الموضوعة لضمان حسن تنفيذ هذه المشاريع. وأضافت أن الهيئة العليا يمكن أن تجتمع في باريس على مستوى وزراء أو على مستوى رئيس الوزراء في حضور ممثلين عن الدول والمؤسسات المالية المانحة وقالت إن اجتماعاتها ستُعقد سنوياً ويمكن أن تلتئم بصورة استثنائية إذا دعت الحاجة.
وكشفت أن هناك حاجة لإصدار دفعة من التشكيلات والتعيينات الإدارية تكون مؤهلة لمواكبة تنفيذ المشاريع وقالت إن تلزيم بعضها للقطاع الخاص سيخضع لتدقيق الدول والمؤسسات المانحة ما يعني استبعاد إشراك شركات يدور اللغط حولها وترتبط بطريقة أو بأخرى بـ"محور الممانعة".
وذكرت المصادر المواكبة أن "للبنان وضعية سياسية مميّزة لدى فرنسا التي تتحرك على خطين، الأول للحفاظ على الاستقرار فيه والثاني لدعمه بمشاريع اقتصادية وتنموية لما لها من دور في تحييده عن النزاعات الدائرة في المنطقة، وهذا لن يتحقق ما لم يتم تأمين شبكة أمان سياسية وأمنية تُجنِّب إقحامه في مغامرات عسكرية غير محسوبة النتائج".
وفي هذا السياق، رأت المصادر أن عدم موافقة باريس على القرار البريطاني بعدم التمييز بين جناحي " حزب الله " العسكري والسياسي، يقوم على أن الحكومة الفرنسية تتطلع إلى عدم اللحاق بركب السياسة الأميركية بوضع إيران ومن خلالها "حزب الله" على لائحة الإرهاب، وهي تحاول أن تحفظ لنفسها دوراً يتيح لها النأي بجنوب لبنان عما يدور الآن في سوريا من جراء استهداف إسرائيل من حين لآخر للمواقع التابعة لإيران والميليشيات المدعومة منها داخل الأراضي السورية. وقالت إن لباريس أسبابا موجبة تدفعها للاحتفاظ بسياسة متمايزة عن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، ومن أبرزها أن لديها قوات تعمل في نطاق القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان، إضافة إلى أنها تنظر بقلق إلى خطورة ما يترتب على لبنان في حال جرّه إلى مغامرة عسكرية في الجنوب تُدخله في حرب مع إسرائيل قد تؤدي إلى تغيير في قواعد الاشتباك.
وتتعامل فرنسا مع أي تعديل لقواعد الاشتباك على أنه يشكل خطراً يتجاوز حدود لبنان إلى وحدته الداخلية، وهذا يفسر دعوتها إلى ضبط النفس من جهة وإصرارها على إبقاء قنوات الاتصال بـ"حزب الله" ليكون في وسعها التدخّل لمنع أي تصعيد في الجنوب، من دون أن يعني أن باريس على استعداد لصرف النظر عن السياسات التي يتبعها الحزب في الداخل.
وعلى الخط الآخر، فإن فرنسا لم تنقطع عن التواصل مع تل أبيب وأيضا مع موسكو لما للأخيرة من دور في ضبط الوضع العسكري في سوريا ومنع الاستهداف الإسرائيلي للمواقع الإيرانية فيها من أن يبلغ ذروته من التصعيد.