الخيبة الكردية! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
- أكرم كمال سريوي
اقترب الأكراد من تحقيق حلم الدولة بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى عندما فرض الحلفاء على تركيا توقيع "معاهدة سيفر" 1920، التي وضعت شروطاً قاسية وانتزعت قسماً كبيراً من أراضي السلطنة العثمانية.
لكن هذا الحلم انهار سريعاً في اتفاق الصلح في لوزان عام 1923 ولأسباب عديدة، أهمها انتصار ثورة كمال أتاتورك وتمكنها من استعادة قسم من الأراضي، اضافة إلى رغبة بريطانية بالاحتفاظ بالمنطقة الكردية الغنية بالنفط في شمال العراق، خصوصا بعد سيطرتها على شركة النفط التركية والتي مُنحت لاحقاً الامتياز لمدة ٧٥ عاماً.
وبقي الأكراد يتوزعون على عدة دول يشكلون فيها اقليات لا تتجاوز نسبتها 20 بالمئة، غالبيتهم في تركيا 15 مليون وإيران 7 مليون و 6،5 مليون في العراق وقرابة 2 مليون في سوريا وقلة في ارمينيا وأذربيجان وغيرها من الدول، مما جعل منهم ورقة ضغط على هذه الدول في اللعبة الأممية، وكانت تركيا دائما المتخوف الأكبر من طموحهم الانفصالي فعمدت إلى عدة إجراءات قمعية، وصلت إلى حدود منع اللغة والتراث الكردي، حتى التسمية استبدلت بـ "أتراك الجبل".
واستعمل السوفيات أكراد إيران في الحرب العالمية الثانية لمواجهة الشاه، واستعمل الاميركيون أكراد العراق عندما أمم صدام حسين النفط، وكذلك بعد غزو الكويت، فأعلنوا منطقة حظر طيران فوق شمالي العراق وكذلك استخدموا أكراد تركيا للضغط على أنقرة. وأخر فصول هذه اللعبة أكراد سوريا الذين سيطروا على 30 بالمئة من الاراضي السورية والتي تحتوي على 90 بالمئة من كمية النفط السوري.
دخل الاميركيون إلى هذه المنطقة ودعموا قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، حتى باتت تشكل جيشاً شبه نظامي تمكّن من طرد مسلحي " داعش " من شمال شرقي الفرات، وشكلوا ورقة ضغط وتفاوض هامة على مستقبل سوريا.
أبدت تركيا قلقاً كبيراً من الدعم الاميركي للأكراد على حدودها الجنوبية وتخوفاً من انعكاس ذلك على أكراد الداخل الذين يسعون منذ مدة طويلة للانفصال، وعندما لم تتجاوب الولايات المتحدة مع هذه المخاوف ورفضت التخلي عن حلفائها الأكراد عمدت انقرة إلى التقرب من روسيا وإيران، وعقدت معهما عدة لقاءات أسفرت عن جملة اتفاقات حصلت بموجبها على ضوء اخضر لدخول قواتها إلى شمال غرب سوريا وطرد الأكراد من عفرين في عملية سُمّيت بـ "غصن الزيتون"، وذهبت ابعد من ذلك فعقدت اتفاقاً قضى بشراء منظومة صواريخ اس 400 الروسية بقيمة 1،5 مليار دولار.
وبعد ان تظهّر الوضع العسكري في سوريا وأعاد النظام سيطرته بمساعدة حلفائه على معظم المناطق، وبات الحديث جارٍ عن دستور جديد وإعادة الإعمار، حصلت المفاجأة الاميركية بإعلان الرئيس ترامب عزمه سحب قواته من سوريا بعد الاتصال الذي جرى بينه وبين الرئيس التركي اردوغان، فأصيب الأكراد بنكسة جديدة جعلت آمالهم تنهار بسرعة، وتمت الصفقة على حسابهم فحصل الاميركيون على نفط العراق وخروج ايران وضمانة روسية بحفظ حق الأكراد بإدارة ذاتية في الدستور السوري الجديد، في المقابل تخلصت انقرة من الكيان الكردي المستقل على حدودها وقبلت بشراء صواريخ باتريوت الاميركية بقيمة 3،5 مليار دولار، دون ان تلغي صفقة صواريخ اس 400 الروسية شرط ان تحذو حذو اليونان بعدم تشغيلها ووضعها في المخازن بحجة انها تُشكّل خطراً على أسلحة حلف الناتو في حال تشغيلها.
وهكذا سقط أكراد سوريا في اللعبة الدولية وبات عليهم الآن تدارك المصير الأسوأ بين تهديدات تركيا باجتياح مناطقهم او تسليمها إلى الجيش السوري والعودة إلى احضان النظام بأقل الخسائر الممكنة، متوسلين تأجيل الانسحاب الاميركي حتى يتمكنوا من ترتيب عودتهم، ورغم استجابة الرئيس ترامب لهذا المطلب لكن الحقيقة تبقى ان ما تقرر قد تقرر، وكما في كل مرة لم يكن الأكراد سوى ورقة ضغط تمت المساومة عليها وبات عليهم تقبل الواقع الجديد.
|
|
|
|
|
|
|
|
|