#المغرّد
وزير بصلاحيات تفوق صلاحيات رئيس. ولماذا يوقّع ميقاتي مرتين على المرسوم؟
اكرم كمال سريوي
يدور سجال حاد حول كيفية توقيع المراسيم، التي تقرّها حكومة تصريف الاعمال، في ظل الشغور الرئاسي، وانتقال صلاحيات رئيس الجمهورية وكالةً إلى مجلس الوزراء.
طالب التيار الوطني الحر، وبيان المطارنة الموارنة، بضرورة توقيع المراسيم من قبل كافة الوزراء في الحكومة، درجاً على ما جرى أيام حكومة الرئيس تمام سلام.
يُصرّ الرئيس ميقاتي على توقيع المراسيم من قبل الوزير أو الوزراء المختصين، ويوقّع هو مرتين على المرسوم، مرة بصفتة رئيساً للحكومة، ومرة ثانية بوكالة مجلس الوزراء عن رئيس الجمهورية (الذي آلت إليه صلاحيات الرئيس، بعد خلو سدة الرئاسة) ، مختصراً ميقاتي مجلس الوزراء وصلاحيات الرئيس بشخصه الكريم.
طبعاً لا يحق لرئيس الحكومة اختصار مجلس الوزراء، فالمجلس تكون جلساته قانونية بحضور ثلثي أعضاء الحكومة، ويتخذ قراراته بأغلبية ثلثي الحضور في المسائل العادية، وبغالبية ثلثي أعضاء الحكومة في المسائل الأساسية.
ماذا لو رفض أحد الوزراء التوقيع على قرار مجلس الوزراء؟؟؟
إن طلب توقيع كافة الوزراء على المرسوم، يعني أن أي وزير سيكون قادراً على تعطيل ومنع تنفيذ أي قرار يتخذه مجلس الوزراء، حتى لو حظي هذا القرار بموافقة كافة الوزراء الباقين.
ينطوي هذا الأمر على مخاطرة ومغالطة؛
فالمخاطرة هي بإعطاء حق الفيتو على قرارات الحكومة، لكل وزير، وهذا يفسح المجال أمام تعطيل عمل الحكومة، وسير المرافق العامة في الدولة.
أما المخالفة الأولى فهي: أن الدستور حدد كيفية اتخاذ القرارات داخل مجلس الوزراء، وأوجب أن تُتخذ بالتوافق، أو بالتصويت بأغلبية الثلثين، أي أن الدستور لا يطلب موافقة جميع الوزراء على القرارات التي تتخذها الحكومة.
المخالفة الثانية هي أنه لا يجوز إعطاء الوزير صلاحية لا يمتلكها رئيس الجمهورية، الذي لا يحق له منع تنفيذ قرار مجلس الوزراء. فالدستور أعطى لرئيس الجمهورية حق الطلب إلى المجلس، إعادة النظر في القرار، وإذا أصرّ المجلس على قراره (بغالبية الثلثين) يصبح الرئيس مجبراً على توقيع المرسوم، وإصداره وطلب نشره وفقاً للأصول المتبعة.
فهل يجوز إعطاء وزير صلاحية لا يمتلكها رئيس الجمهورية؟؟؟
أما قول بعض اساتذة القانون، بأن حكومة تصريف الأعمال لا يحق لها أن تجتمع، فهم يعلمون جيداً أن الدستور لم يمنع حكومة تصريف الأعمال من الإنعقاد، شرط أن لا يتعدى جدول أعمالها تصريف الأعمال، واتخاذ القرارات الضرورية التي لا تحتمل التأجيل.
والغريب أن من يجاهر اليوم بهذا الرأي، هم من نفس الفريق، الذي كان يطالب حكومة الرئيس حسان دياب، بعقد جلسات واتخاذ القرارات، بعد أن تحولت إلى حكومة تصريف أعمال. ويبدو أن هؤلاء يُقدّمون فتاوى دستورية غب الطلب السياسي، دون احترام لمبادأي الدستور والقانون
نُذكّر بما أوضحناه في مقال سابق، على ضرورة توقيع المراسيم وفق آلية اتخاذ القرارات داخل مجلس الوزراء (أي توقيع ثلثي الوزراء) .
وبهذا الشكل لا يكون رئيس الحكومة قد تفرّد بصلاحيات رئيس الجمهورية، ولا أُعطي لكل وزير، حق تعطيل قرارات مجلس الوزراء، بشكل غير دستوري وغير ديمقراطي.
هذا هو الدستور، وهذا ما يقتضيه استمرار سير المرفق العام، وعدم تعطّل عجلة الدولة.