#المغرّد
- " فادي غانم "
لطالما تأملنا خيراً بغد أفضل ولكن!
خبأ اللبنانيون قرشهم الأبيض ليومهم الأسود، ليكتشفوا فجأة أن حاكم خزينة ودائعهم الأمين، يتآمر عليهم مع عصابة أصحاب المصارف والمسؤولين، الذين ما فتئوا يرددون على مسامع الشعب أن الودائع بخير ولن تُمس.
لقد أصدر حاكم المصرف المركزي عدة تعاميم، هي في جوهرها مخالفة للقوانين اللبنانية، وتُشكّل جرم احتيال وسرقة موصوفة لأموال المودعين.
وهنا نسأل الحاكم المصون!
اذا كانت المصارف قد أودعت أموالنا لدى المصرف المركز بالدولار، وما زالت تتقاضى من الدولة فوائد بقيمة ٧٪ على هذه الودائع، وتتراكم هذه المبالغ لصالح المصارف على خزينة الدولة، وبالعملة الصعبة، فكيف يجوز أن تُردَّ للمودع أمواله بالليرة اللبنانية، وعلى أساس سعر صرف وهمي لا يعادل نصف القيمة الحقيقية؟
وفقاً لتعميم الحاكم يُسلّم المصرف للمودع الف دولار فقط في الشهر، ولكن بالليرة اللبنانية، أي مبلغ ٣٩٠٠ الف ليرة. فيذهب المودع ويشتري إطارات لسيارته، وفق سعر صرف السوق السوداء، فتصبح الألف دولار ٤٣٥ دولاراً فقط.
أوليست هذه سرقة ،واقتطاع غير مشروع من أموال المودعين؟
كان يمكن أن يفهم المواطن ويتقبل الأمر، لو أن الدولة حددت سقفاً للسحوبات من الودائع، كي لا تقع المصارف في العجز، الذي يؤدي إلى إفلاسها. رغم أنه حتى في حالة الإفلاس، تتم تصفية موجودات المصرف، وتعاد الودائع إلى أصحابها، باعتبارها ديناً ممتازاً، أي لها الأولوية على باقي ديون المصرف.
لكن أن يتم اقتطاع أكثر من نصف الودائع بطريقة احتيالية، فهذا ما لا يمكن السكوت عنه، أو القبول به. وإذا كانت المصارف تتلطى خلف تعاميم حاكم المصرف المركزي رياض سلامة ، فهذا يجعل منه المجرم الأول، والمسؤول عن ضياع حقوق الناس، بالتكافل والتضامن مع عصابة أصحاب المصارف.
لا نقول هذا الكلام تأييداً لأي طرف سياسي، أو كما يروّج البعض أنه هناك مؤامرة على الحاكم. لكن نسأل عن تعاميم الحاكم ونتائجها، ونسأل سعادة الحاكم المبجل، ليس عن الأموال المهرّبة إلى الخارج، فهذا شأن القضاء وإن كان يحق للبنانيين معرفة الحقيقة ومحاسبة المذنبين والمتآمرين على الوطن، لكن نحن نريد معرفة التالي:
لماذا لم يُصدر الحاكم قراراً بتحويل ديون المصارف على الدولة من الدولار إلى الليرة اللبنانية، وعلى سعر صرف المنصة الرسمية؟ وكم سيوفّر هذا القرار على الخزينة من أموال لو فعله الحاكم ؟ وكم سينخفض حجم الدين العام ؟ طالما أن هذه الأموال هي أموال المودعين، التي تسلمها لنا المصارف وفق سعر ٣٩٠٠ ليرة للدولار؟ .
ما زال المسؤولون يتعامون عن قرارات الحاكم، وذلك لأن معظمهم شريك مع أصحاب المصارف، في سرقة أموال المواطنين.
سارع زعماء لبنان لتهنئة الإمارات العربية بوصول مسبار الأمل إلى المريخ، ودون أن يرف لهم جفن ودون خجل، يصفقون لنجاحات الآخرين، فيما هم يقودون لبنان إلى الجحيم، ويقتلون آخر بصيص أمل لدى الشعب، ويسرقون آخر فلس في جيوبه.
اليوم لقد نامت نواطير لبنان عن ثعالبه، وقد بشمن وأفنوا العناقيد. والشعب ما زال يتلهى بشعارات فارغة، ويتمترس خلف زعمائه، وعصبيات طائفيتهم البغيضة.
زعماء ليسوا سوى نُسخاً عن هُبل، علّقوا لنا مشانق اليأس، وأغرقوا البلاد في الأزمات وصراعات عقيمة أبتدعتعها عقولهم المريضة وأنانيتهم اللئيمة، وحوّلوا الوطن الذي سُمّي يوماً بسويسرا الشرق، إلى جهنم وأدوا فيها كل أمل بالنجاة.
لم يبقَ لنا سوى مشانق الأمل، فهذه وحدها ما يتمناه شعب لبنان لحكام أفسدوا كل شيء، وما زالت تشرئبّوا رؤسهم بوقاحة وبلاهة وقلة ضمير، ويتشدقون بتقديم التهاني بمسبار الأمل، الذي يستحق أصحابه كل تقدير، وكل الحب والتكريم من شعبهم، الذي رفعوه إلى مصاف ومستوى أفضل شعوب العالم.
أما حكامنا، فلا يستحقون سوى مشانق الأمل، للخلاص من فسادهم، ولمحاسبتهم على ما صنعت أيديهم بلبنان.