#المغرّد
كتبت صحيفة "الأخبار" تقول: أمس، جاهر وفد جمعية المصارف بما يضمره. الحديث عن الحرص على المودعين شيء، والحقيقة شيء آخر. وقد أعلن الوفد صراحة أن العين على أصول الدولة، وليس أية أصول، الأملاك البحرية تحديداً، وأموال الاتصالات. لكن الوفد الحكومي كان، هذه المرة، بالمرصاد: أملاك الدولة ليست للبيع. وعلى المنوال نفسه أنهى وفد "لازار" خدعة المصارف بالإشارة إلى أن خطتها ستؤدي إلى اقتطاع من الودائع يزيد بأربعة أضعاف عن خطة الحكومة
فيما كانت الحكومة "تحتفل" بفك العزلة الغربية عنها، قرر وفد المصارف التكشير عن أنيابه في الاجتماع المالي الذي عقد في السرايا أمس، بحضور وفد من شركة "لازار"، المستشار المالي للحكومة، بهدف السعي إلى "توحيد أرقام الخسائر في القطاع المالي". بثقة كاملة بقدرته على فرض وجهة نظره، كان وفد جمعية المصارف يضع لائحة شروطه على الحكومة أمام أعين مستشارها المالي. كاد الوفد أن "يوبّخ" الحكومة على عدم تسليمه لائحة بالممتلكات والأصول الحكومية، سائلاً عن سبب التأخير! وأكثر من ذلك، طالب الوفد بحصول المصارف على ما قيمته 40 مليار دولار من هذه الأصول، مع اشتراط أن تكون عقارات، إضافة إلى جزء من واردات شركتي الهاتف الخلوي. أما العقارات المطلوبة أولاً، فهي ببساطة: عقارات الواجهة البحرية، أي العقارات الأغلى في لبنان.
أمام هذا الصلف، كان موقف الحكومة واضحاً في الإعلان أن أصول الدولة ليست جزءاً من التفاوض. وزير المالية غازي وزني أبلغ الحاضرين، بالنيابة عن الرؤساء الثلاثة، أن أصول الدولة ليست معروضة للبيع. أضاف: نفاوض صندوق النقد الدولي للحصول على 10 مليارات دولار، فكيف نعطيكم 40 مليار دولار؟
وقاحة المصارف ليست محصورة في الطلب نفسه وحسب. فهي رفضت تلبية طلب "لازار" الكشف عن ميزانيتها لتحديد خسائرها الفعلية. لكنها في الوقت عينه تريد التعويض مسبقاً على الخسائر، بما قيمته 40 مليار دولار. وهي تطلب أيضاً السطو على الجزء الأكبر من واردات الخزينة العامة، أي أموال الاتصالات الخلوية.
هنا غيّر وفد الجمعية وجهته، وصار يتذرّع برفض الاقتطاع من أموال المودعين، تمهيداً لاحتمال انسحابه من المفاوضات. وهو إذ تناسى أن المصارف هي التي تحتجز أموال المودعين وهي التي تفرض عليهم الاقتطاع الإلزامي عبر إجبارهم على سحب أموالهم بالليرة وبأقل من سعرها الفعلي، فقد جاءه الرد من "لازار". وفد الشركة الذي يغادر بيروت اليوم، بعد انتهاء المدة المقررة لمشاركته في الاجتماعات، رد على الجمعية، مكذباً حجة الحرص على المودعين. قال إن خطة جمعية المصارف تتضمن "هيركات" (اقتطاعاً) يفوق الهيركات الحكومي بأربعة أضعاف. وبإصرار على قلب الوقائع وتغطية المطلب الحقيقي للمصارف، أي سرقة أملاك الدولة بعد سرقة أموال المودعين، قال نائب رئيس جمعية المصارف نديم القصار، عبر "الجديد": "إذا كان هنالك إصرار من الشركة على إجراء الهيركات على أموال المودعين، فنحن خارج هذه العملية ولن نكون شهود زور"! وأصدرت جمعية المصارف بياناً نفت فيه ما جرى التداول فيه إعلامياً عن نيتها مقاطعة المفاوضات مع الحكومة و"لازار"، مبدية في الوقت عينه "أسفها" لأجواء الاجتماع، ومهددة بعدم متابعة المفاوضات!
لو دريان: ساعدونا لنساعدكم
إلى ذلك، خطفت زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان للبنان الأنظار، وعوملت كأنها حدث بحد ذاتها. هو المسؤول الغربي الأرفع الذي يزور بيروت منذ تشكيل الحكومة الحالية. الزيارة استرعت اهتماماً لافتاً، بالرغم من أن كل المعطيات تشير إلى أن الضيف الفرنسي لم يحمل أي مبادرة تفتح الباب أمام حل للأزمة الراهنة. كذلك ذهب البعض إلى اعتبارها حفلة علاقات عامة، تؤكد فيها فرنسا مجدداً اهتمامها بلبنان، من دون أن يكون لهذا الاهتمام أي ترجمة على أرض الواقع. مع ذلك، قرأت مصادر متابعة أن هذا الاهتمام يشكّل "صمام أمان يمكن أن يقي لبنان من الانهيار التام، بشرط بمبادرة الداخل إلى الإصلاح".
في قصر بعبدا، نقل لو دريان إلى الرئيس ميشال عون رسالة شفهية من نظيره الفرنسي أكد فيها وقوف فرنسا إلى جانب لبنان في الظروف الصعبة التي يمرّ بها، كما كانت دائماً وعبر التاريخ. وقال لو دريان إنّ بلاده مصممة على مساعدة لبنان وهي تتطلع إلى إنجاز الإصلاحات الضرورية التي يحتاج إليها، مؤكداً أنّ مفاعيل مؤتمر "سيدر" لا تزال قائمة ويمكن تحريكها بالتوازي مع تطبيق الإصلاحات التي التزمتها الحكومة اللبنانية في هذا المؤتمر عند انعقاده في باريس. وقد أبلغه عون أن "لبنان يتطلّع إلى مساعدة فرنسا في مسيرة الإصلاحات ومكافحة الفساد التي بدأها منذ بداية ولايته الرئاسية، ومن خلال سلسلة قرارات اتخذتها الحكومة اللبنانية في إطار الخطة التي وضعت للتعافي المالي والاقتصادي".
ومن وزارة الخارجية، حيث التقى نظيره اللبناني ناصيف حتي، كرر لو دريان الأمر. قال للبنانيين: ساعدونا لنساعدكم. وتلك مفتاحها أن "الحلول لترتيب الوضع في لبنان موجودة في مقررات مؤتمر سيدر وتنفيذ الإصلاحات الملحّة والضرورية". وهو إذ أكد أن هذه ليست تطلعات فرنسا حصراً، بل الأسرة الدولية بأكملها، دعا إلى "إعادة إطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي" لأنه "ليس هناك من حل بديل لبنان من أزمته".
لو دريان التقى الرؤساء الثلاثة، كما البطريرك الماروني بشارة الراعي، لكن الزيارة التي استحوذت على الاهتمام هي زيارته لمؤسسة عامل. وجود المؤسسة في حارة حريك استدعى الكثير من التحليلات عن إمكان لقاء وزير الخارجية الفرنسي مسؤولين من حزب الله، إلا أن الواقع كان مغايراً. إذ نفت مصادر مطلعة كل ما قيل ويقال عن لقاء من هذا النوع.
بالرغم من الطابع الاقتصادي الذي طغى على الزيارة، إلا أن السياسة حضرت لماماً في اللقاءات التي عقدها. وقد أشارت بكركي، في بيان، إلى أن لو دريان أبدى تقديره لمبادرة الراعي، ولا سيما أن سيادة لبنان التي تتمسك بها فرنسا تستلزم أن يكون لبنان بلداً محايداً بعيداً عن الصراعات والمحاور".
رئيس الحكومة حسان دياب كان الفائز الأكبر، أمس. زيارة الوزير الفرنسي له أتت لتؤكد أن مرحلة السعي لاستبداله انتهت. هي زيارة بمثابة إضفاء الشرعية على رئاسته للحكومة، لكنها زادت من الضغوط باتجاه وقف مرحلة الدلع السياسي، والبدء سريعاً بالإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي، ولا سيما في قطاع الكهرباء. والأمر نفسه سمعه دياب من الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط جيمس كليفرلي، الذي تواصل معه عبر "سكايب"، فكانت مطالبة أخرى بضرورة المضيّ قدماً بالإصلاحات.
ومساء، تلقى الرئيس ميشال عون اتصالاً من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ، أكد فيه تضامن الأمم المتحدة مع لبنان في الظروف التي يمر بها.
"لا استثناء من قيصر"
من جهة أخرى، وبالرغم من الأصداء الإيجابية المتعلقة بإمكان موافقة السلطات الأميركية على استثناء لبنان من مفاعيل قانون قيصر، أكد مبعوث وزارة الخارجية الأميركية إلى سوريا، في جلسة عبر الفيديو دعا إليها المركز العربي في واشنطن تحت عنوان: "السياسة الأميركية تجاه سوريا بعد قانون قيصر"، أنه "لا يوجد استثناءات في تطبيق قانون قيصر لأحد لأنه قانون أميركي ولا يمكن تجاوز القانون الذي يحظى بتأييد الكونغرس الأميركي وكلا الحزبين الجمهوري والديموقراطي.
وفي ما يخص لبنان، قال ريبورن إن "نظام الأسد هو من كان يمتص ويستنزف الاقتصاد اللبناني على حساب اللبنانيين وهو من كان يقوم بالاغتيالات السياسية، وإن أحد أسباب انهيار الليرة اللبنانية هو قيام "نظام الأسد" وإيران بسحب كميات ضخمة من العملات الأجنبية من المصارف اللبنانية".
وأكد أن "على اللبنانيين أن يكونوا سعداء اليوم بعد فرض القانون لأنه يركز على النظام في سوريا الذي كان يمصّ دم الاقتصاد اللبناني"، وأن هناك "فوائد كثيرة من القانون بالنسبة إلى اللبنانيين!"