#الثائر
وحدها السلطة السياسية مسؤولة عن الهدر، وحدها لا شريك لها ولا شركاء، وحدها وحيدة واحدة، وحدها موحَّدة وتريد تحميل المواطن نسبة مئوية من تبعات الهدر وأخواته غير الشرعيين، ذلك أن ثمة هدرا يأتي سفاحا، ابن زنى صافٍ مُصفى، و"نغلاً" مجهول باقي الهوية ومعلومها في آن، ولا نعجب إن نَغَلَ الهدر بين ظهرانينا مذ أبصر النور سرا ونَعُمَت أظفاره جهرا في مساقط رأسه الكثيرة، وطنيا تجاوز الطوائف وتحدى العواصف، ذلك أن الهدر عموما يأنف الطائفية ويؤثر الوطنية الحقة راية و"بنديرة" خافقة خفاقة غير بعيد من شعلة "ضريح المواطن المجهول" قرب نُصُبِ الفساد وحدائقه العامة قبل أن تُستهدف بالخصخصة والحصحصة.
كما يدين الهدر لبعض ممثلي الطوائف برعايته، فاكتسب بذلك أبوَّة شرعية، وحاز على شرف أن يكون لبنانيا منذ أكثر من عشر سنوات، وهو الآن يختال بشيبٍ يناقض العلوم الطبية، إذ كلما تقدم بالعمر ازداد شبابا، فقد تبين أن السلطة عثرت على "حجر الفلاسفة" وتمكنت من تحويل التنك ذهبا وماسا وأحجارا كريمة وتتهيأ لتصنع إكسير الحياة، وإذا ما فتشنا "بالسراج والفتيلة" عما هو وطني فلن نجد إلا الهدر استحق لبنانيته، ولا همّ إن مات المواطن من جوع، فثمة شعلة لا تخبو نارها فوق "ضريح المواطن المجهول"، لكن لا يراها المسؤولين، فوجع الناس تحجبه النعم قديمها والمستجد، وهذا "الضريح" مثل تاج الصحة على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى.
ومع اعتماد نسبة مئوية من ضريبة متهاودة، مع TVA أو بدونها، يكون المواطن قد ساهم ولو بجزء يسير من كلفة المؤتمرات السياحية، وإن كان المطلوب منه أكثر، وساهم أيضا بنحو 80 بالمئة من سفرات المسؤولين وتجديد أثاث مكاتبهم، والـ "شوبنغ" على هامش مؤتمر إقليمي أو دولي، ويكون المواطن كذلك قد تحمل مسؤوليته التاريخية تجاه وطنه لبنان في سبيل موازنة الخير والبركات والحركات على أنواعها تحاصصا وتقاسما بالعدل والعدالة وبالقسط وبالتقسيط.
وما على المواطن إلا أن يقبل طائعا صاغرا فرض ضريبة جديدة عليه رغم الوعود التي قطعتها الحكومة بعدم فرض ضرائب جديدة، أما عن تداعيات هذه الضريبة التي ستُفرض على شكل رسم على الاستيراد بنسبة 3 بالمئة، وتشمل كل السلع التي تخضع لضريبة القيمة المضافة، فذلك لا شأن للمواطن به، وعليه ألا يحشر أنفه في مَا لا يعنيه، حتى وإن ارتفعت أسعار السلع نحو 5 بالمئة، وما على المسؤولين في هذه الحالة إلا تكريم المواطن بوضع وردة – فور التصويت على الموازنة – على "ضريح المواطن المجهول"!