#الثائر
وجه النائب نعمة افرام "نداء في ذكرى الاستقلال، وأمام مشهد النار تلتهم مجسم الثورة في وسط بيروت"، جاء فيه:
"أمام مشهد اليد تلتهمها النار في وسط العاصمة، التهبت نار أخرى في صدري أضرمت روحي، فصرخت: الثورة ليست مجسما بل روح. روح، لشدة نقائها وعظيم نبلها، لا تحرق ولا تموت. لم يفهموا، أنه عندما لم يعد أحد يسمع أنين ذلك الطفل العصفور تتأوه له النجوم، ولم يعد أحد يرى عظيم النزف في جسد أم ثكلى وروحها، ولم يعد أحد يهتم لشباب مكسوف وقلق، ولم يعد أحد يأبه لكبار مرذولين... تأتي الثورة!
من عفوية صادقة ومن وجع حقيقي، صدحت حناجر الثوار ولم يسمعوا. لا ضد فئة، لا ضد المحاور، لا ضد الدول، مشت الناس في الشوارع وافترشوا الساحات. لم يفهموا ان هذه ثورة جديدة في لبنان. لم يفهموا انها ليست ثورة سياسية، بل ثورة على حالة التردي الهائل والانحدار المخيف في السياسات. لم يفهموا انها ليست ثورة سياسية، بل ثورة على انحدار الاخلاق والقيم، وهول الفساد والصفقات، وانحراف المبادئ والأولويات، وتلوين الحقائق والانجازات. لم يفهموا انها ليست ثورة سياسية، بل ثورة على العقم والجهل والحقد. ثورة على التشرذم والخبث والرياء. لم يفهموا انها ثورة أخلاقية. انها ثورة اجتماعية. انها ثورة ثقافية. وهي برعم لإيديولوجية جديدة غير مسبوقة في بلادنا، قد تطور ميثاق لبنان في مئويته الثانية وقد تكون الحل للبناننا الجديد.
انها العقيدة الجامعة لشعب أراد الحياة. انها العقيدة التي تطالب بتطوير حياة الانسان وتحقيق سعادته فوق كل اعتبار. انها العقيدة التي تهدف إلى بناء وطن حلو ونظيف، فعال ومنتج. تسود فيه حماية اجتماعية رائدة. وتعلوه ابداعات أهل العلم والثقافة والفنون. تزداد فيه المساحات الخضراء وصفاء الينابيع وتتكاثر فيه براءات الاختراع. انها العقيدة التي تطمح إلى الفرح الحقيقي، وتحفز تحقيق الذات وتفجير الطاقات.
بعد انتصار الثورة، لن يعود مقبولا إلا النتائج، فالتبريرات والأعذار مرفوضة. الكلام المعسول سيرفض. الحساب سيكون على البيدر وليس في الحقل. بعد انتصار الثورة، سيكون الحساب على الأرض، وفي جيوب الناس، وفي نقاوة الهواء وفي فرص العمل. بعد انتصار الثورة، سيكون الحساب على مستوى الحماية الاجتماعية ورقي التعليم وعدد العائدين من الانتشار. يا لها من ثورة.
في ذكرى الاستقلال الأخير من المئوية الأولى سئلت عن نداء أوجهه. جوابي، بالبسيط والقليل من الكلام. من عمق أعماق القلب: اليوم أصبحت عاشقا أكثر للبنان. اليوم اليوم، أصبحت مشغوفا متيما مأخوذا. كان حلمي يضيع وعبثا أحاول. وكانت ماء البئر قد أصبحت مالحة! ولما ثار لبنان بقمح أطفاله وطحين نسائه وعجين رجاله ورغيف شيوخ، عاد بريق الحلم كما عادت ماء البئر نقية عذبة. وها هو الشعب يكتب أيقونة استقلال جديد، بمزيج من روحانية وأناقة وأصالة ورقي وإبداع وجنون. هذا لبناننا العائد من بعيد. هذا لبناني.
إنه ميثاق لبنان الجديد يولد اليوم. فلبنان يدخل مئويته الثانية من أجل إنسانه أولا. فسلام عليك يوم ولدت ويوم مت ويوم بعثت حيا!".