#الثائر
- * " فادي غانم "
الناس في واد والسلطة في واد آخر، الناس احتفلوا بانتخاب ملحم خلف نقيبا لمحامي بيروت فيما السلطة ما تزال تداهن، الناس أسقطوا أحزاب الطوائف في واحدة من أهم نقابات "الإنتليجنسيا" اللبنانية والسلطة لا تني تناور وبأسلحة قديمة وصدئة، مصرة على "تكتيك" التسريبات والمصادر وصولا إلى حرب البيانات وحفلات التخوين المتبادل، الناس على ضفة أخرى يرددون معا هتاف المحامين: "النقيب مش حزبي يا حلو"، ولا تزال السلطة تواجه انفصاما يبدو حتى اللحظة أنه نتاج صدمة، وأي صدمة؟!
مفارقات غريبة فعلا، لا سيما في هذه اللحظة السياسية المشرعة على المجهول، فمن كان يتوقع أن تتخطى أحزاب السلطة تناقضاتها؟ ومن كان يظن أن المتخاصمين سيتخطون نزاعاتهم حين عطلوا البلد وهددوا استقراره ليواجهوا متحدين خيار التغيير والمحاسبة ومحاربة الفساد من على منصة نقابة المحامين في أم الشرائع؟ فهل ثمة من يقرأ فوز المحامي خلف وقد تردد صداه في كل الساحات؟
نعم، السلطة في واد والناس في واد آخر بعيد، وفي مراجعة لما شهدته الساحة الداخلية في الساعات القليلة الماضية يتأكد للقاصي والداني أن السلطة غائبة عن الوعي وفي صراع مرير بدا واضحا في مواقف رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري و"التيار الوطني الحر"، وكأن لبنان يعيش ظروفا وأوضاعا طبيعية، وهذه عينة تشي بأن الأزمة طويلة، فالحريري وعبر مكتبه الإعلامي رفض تحميل "التيار الوطني الحر" له مسؤولية انسحاب الوزير السابق محمد الصفدي، مؤكدا أنه لا يتبع أسلوب المناورة، ولا يبحث كذلك عن حصر إمكانية تشكيل الحكومة بشخصه، واصفا سياسة المناورة والتسريبات ومحاولة تسجيل النقاط التي ينتهجها "التيار الوطني الحر"، بأنها سياسة غير مسؤولة مقارنة بالأزمة الوطنية الكبرى التي تجتازها البلاد.
وبدأ التصعيد مرة جديدة بين "بيت الوسط" و"ميرنا الشالوحي"، وقبل ذلك كشف الصفدي أن الحريري لم يلتزم بالوعود التي قطعها له لأسباب ما زال يجهلها، الأمر الذي دفعه لإعلان إنسحابه، فكان أن وجه له النائب السابق مصطفى علوش "نصيحة لوجه الله"، قائلا: "عد سريعا للنوم"، ووجه "التيار" المستند إلى شهادة الصفدي، رسائل سياسية، على غرار أن سياسة رئيس الحكومة المستقيل لا تقوم فقط على مبدأ أنا أو لا أحد على رأس الحكومة، بل زاد عليها أنا ولا أحد غيري في الحكومة، معتبرا أن الحريري افتعل خصاما سياسيا معه وفق قاعدة "ضربني وبكى... سبقني واشتكى".
نعم السلطة في وادي غربتها، والناس في حاضرة المستقبل، مستمرون ولا ينظرون إلى الوراء!
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين)
*رئيس "جمعية غدي"