#الثائر
كنا نود ألا نسيء الظن كي لا يلحقنا إثــمٌ، غير أن مجريات الأمور باتت جليةً وواضحة، لا استشارات قبل أن ينفجر الشارع، تعويما لمن لم يعد في الإمكان تعويمه إلا في بحر دماء، كل الوقائع تشي بذلك، بينها أن من أسقطهم الشارع "يتخوفون" من الإنجرار إلى الفتنة، وهؤلاء يصرحون و"يغردون" ويسربون خلاف ما يضمرون ويخططون، وثمة آخرون أعلنوا أن طريق القدس تمر في معراب والمختارة وبيت الوسط، فكان أن تفتقت الأفكار عن تسويق النائب محمد الصفدي رئيس لـ "حكومة الزيتونة باي"، وعبد الرحيم مراد حكومة الممانعة من بيروت إلى سوريا الشقيقة حتى تخوم الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
فيما يرى البعض أن جمهور الشباب والشابات يتلقى أوامره من السفارات، ثمة بعض الممانعين حقن جمهوره بجرعة من مستخلصات ومستحضرات الفتنة عينها، ويتعامى عن حقيقة أن ثورة الشباب قائمة وتكتب تاريخا جديدا للبنان اللاطائفي، ولم يرَ كيف توحد هؤلاء الشباب من طرابلس إلى صور، ومن بيروت إلى الجبل فالبقاع، فلم يرَ هذا البعض إلا "كم حجر باطون" في نهر الكلب، تمت إزالتها بلحظتها، فيما يصر هو على إدخال البلاد في نفق أسود أين منه نفق نهر الكلب وكل أنفاق العالم.
ما يثير الهواجس أن السلطة تنظر إلى ناسها على أنهم "متآمرون" وتلقي باللائمة على "القوات اللبنانية" وهي شريكتهم في سلطة الفساد، وعلى "الحزب التقدمي الإشتراكي" الشريك هو الآخر في السلطة عينها، علما أن المشاركين من أيتام أحزاب السلطة لا يمثلون نبض الشارع، وثمة من لا يريد أن يقتنع أن "الثورة" قامت في وجه كل أقطاب السلطة، ولا يريد أن يقتنع أيضا أن ثمة انتفاضة على كل منظومة الفساد، وعلى كل مكونات التسوية الرئاسية، وما شهده لبنان من إشكالات أمنية في أكثر من منطقة يقف وراء معظمها قطاع طرق ينتمون إلى أحزاب سلطة فقدت شرعيتها، وهؤلاء متمرسون بالعمل الميليشياوي.
مشكلة لبنان اليوم تمثل بعض إشكالات التسوية في الطائف، تلك التسوية الطوائفية التي جاءت برؤساء الميليشيات فقادوا البلد انطلاقا من مصالحهم، فيما هؤلاء كان أجدر أن يقدموا للمحاكمة، وراكموا فسادا ما بعده فساد معززين بسلطة الوصاية السورية، وها لبنان اليوم يدفع أثمانا باهظة لحرب إنتهت على أيدي مجرميها، وما زالوا إلى اليوم يتطلعون إلى لبنان كشركة خاصة، وكأن اللبنانيين لا يعيشون في رحاب دولة ووطن، وإنما في مشروع تحاصصي على غرار "الزيتونة باي"!