#الثائر
حسنا فعلت قناة الـ "OTV" حين أعلنت أمس في نشرتها المسائية وقف عرض فقرة كاريكاتور أنطوان غانم في نشرتها الإخبارية، تعبيرا منها عن "الرفض الشديد والتام" لكل ما من شأنه أن يسيء، أو يمكن أن يعتبر إساءة لحقوق الانسان، وهو ما يتناقض، وفق ما أشارت، مع "مدرستها الوطنية وثقافة العاملين فيها"، لا بل واعتذرت عما ورد في الفقرة الكاريكاتورية التي تم بثها بتاريخ يوم الجمعة في 20 أيلول (سبتمبر) 2019، وانتشرت بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي .
أهمية الإعتذار لا تلغي مساءلة المعنيين كيف مر الكاريكاتور، خصوصا وأن الصورة الفاضحة نشرت كأمر عادي، وكان يمكن أن تمر لو لم يكن ثمة امتعاض أبعد من لبنان، لكن لو ظل النقد مقتصرا على اللبنانيين "أهلية بمحلية" لما كان ثمة استهجان واعتذار واستنكار، لا سيما وأن الكاريكاتور لم يكن بأكثر من رجع صدى لخطاب ينضح عنصرية ويحصي عدد مواليد النازحين السوريين وعدد النساء الحبالى والتنظير لمنع الحمل وتنظيم الأسرة النازحة بموانع الإنجاب، كأن يقدم مع الأرز والبطاطا والسمن والزيت وأي حصة غذائية عدد من "الكوندومات".
لقد كان المقصود من الكاريكاتور الرد على وزير التربية أكرم شهيب بعد تأكيده أنه لن يسمح ببقاء أي طالب خارج المدرسة مهما كانت جنسيته، لكن راسم الكاريكاتور لم يأخذ في الحسبان وثيقة الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان، والتي جاءت بعد إزهاق أرواح 120 مليون إنسان قتلوا في الحرب الكونية الثانية، بسبب خطاب عنصري دفع العالم إلى وقف تجارة الرق ورفع الظلامة عن السود والحمر والصفر وجميع الملونين.
تناول الكاريكاتور عودة الطلاب إلى المدارس، وأظهر طالبان لبنانيان يهمان بالدخول إلى المدرسة ليتبينا بأنها لم تعد تتسع للطلاب، والسبب حملته لافتة وضعت على مدخل المدرسة كُتب عليها: "نعتذر منكم المدرسة ممتلئة بالسوريين والعراقيين والفلسطينيين والهنود والزنوج والأحباش والبنغلادشيين"، والمؤسف أن "سكاي نيوز" البريطانية عنونت في هذا المجال تقريرا نشرته أمس "غضب لبناني عارم بعد كاريكاتور "يطفح بالعنصرية"!
لبنانيون كثر تابعوا دراساتهم في سوريا خلال الحرب الأهلية، وأنهوا تعليمهم في جامعاتها، آلاف العائلات اللبنانية نزحت إلى سوريا خلال الحرب، عشرات آلاف اللبنانيين تابعوا تحصيلهم العلمي في دول الإغتراب ولم يسأل أحد عن جنسياتهم، إلا إذا كان الزنوج في عرف بعض اللبنانيين أقل مرتبة من بني البشر وكذلك الهنود والبنغلادشيين وغيرهم من أمم وشعوب.
أما من يبدي هواجس من تغيير ديموغرافي فعليه أن يراعي قضية حقوق الناس كي لا يصنف لبنان دولة عنصرية، إذ تكفينا السمعة السيئة من الفساد والهدر والفوضى والسرقة والتبذير و"شوفة الحال" ولو على خازوق!