#الثائر
كنا نعلم يا معالي الوزير أن أزمة النفايات عائدة وستنفجر، كما في كل مرة، انطلاقا من تجارب سابقة، وبالإستناد إلى تقاعس وجملة من العقد أكبر بكثير من حصرها بوزارة دون غيرها، لا بل وحذرنا مرارا وتكرارا، ومن على هذا المنبر، من أن الكارثة واقعة، وأننا موعودون بأزمة تعيدنا إلى العام 2016، يوم تصدرت النفايات شوارع بيروت وضواحيها، قبل أن تتفتق عقول مسؤولين (غير مسؤولين) عن بدعة ردم البحر، في فضيحة أخطر وأدهى من أزمة النفايات ذاتها، وأيضا يوم استُحدثت مكبات ومحارق عشوائية تحت وطأة الأزمة في غير منطقة، ولا نزال محاصرين بالروائح، نستنشق ما تنفث الحرائق من سموم تعتبر الأخطر على البيئة بثالوثها الأهم، تربة، هواء ومياه.
ما كنا نتمنى أن تتحمل يا معالي الوزير ولو نذرا يسيرا من تبعات كارثية على لبنان وعلى سمعته بين دول العالم، وألا تكون وحدك في الواجهة كي لا يروغ الجميع وينأوا بعيدا من مسؤولياتهم، خصوصا وأننا على ثقة بأن لا حلول ممكنة، وهنا نخالفكم الرأي، فنحن لا نواجه أزمة نفايات وإنما أزمة ثقة بالدولة، وهذا حال المواطنين الرافضين لأي فكرة مطمر، إلا إذا ارتأت السلطة في اللحظات الأخيرة فرضها بالقوة ونقع في المحظور.
لا نخفيكم سرا يا معالي الوزير أن دولة غير قادرة على حسم الجدل حيال معمل اسمنت يعدنا بالأرز فيما لن نجني منه غير الموت الزؤام، هي دولة عاجزة، ودولة لم تقاضِ من استباح شاطئ الرملة البيضا ومن صادر أملاك الدولة على امتداد الشاطئ لا يمكن أن تنال ثقة الناس، في وقت لم نجد فيه فاسدا واحدا يحاكم بما اقترف من جرائم، وكيف يمكن يا معالي الوزير معالجة أزمة النفايات فيما البلد محكوم بالنكايات؟ هل يمكن للدولة أن تنطلق في أداء دورها المطلوب ساعة يصادر مجلس الوزراء كرمى لعيون فلان وعلان؟ وهنا نصل إلى دور القضاء، ونسأل كيف يمكن أن يثق الناس إذا ما أردنا استحداث مطمر صحي؟ والكل يعلم أن الصحي في لبنان يتحول مجلبة لكوارث أولى ضحاياها المواطن المغلوب على أمره.
صحيح أن المطامر تمثل الآن حلا وحيدا، لكن ماذا عن معامل المعالجة؟ لماذا تعثر بعضها؟ وطالما الحال كذلك فمن يقنع المواطن بمطمر؟ وتاليا، ماذا عن الصفقات والسمسرات والمتنطحين للاستثمار في النفايات ورأيناهم في العام 2016 وجميعهم من "علية القوم"؟ فحبذا يا معالي الوزير لو ترمي هذا الملف بوجه مجلس الوزراء ليس تقاعسا، وإنما لأن ثمة أمورا يجب معالجتها قبل النفايات، وأولها استعادة الثقة بالدولة، وهذا ممكن إذا كانت ثمة إرادة أكبر من مصالح الزعماء والطوائف!