#الثائر
وصلنا إلى الدرك الأسفل ننتظر أن نعلو شبرا لمستوى الأمل، صرنا ننظر أكثر إلى ما فَــرُغَ من الكأس، فما امتلأ منه أقل من أن يشيع في النفوس السلام والطمأنينة، علمتنا التجربة ألا نكثر من التفاؤل فبعضه سم زعاف، فيما لا نزال نسير في طريق المطبات، لا نعلم ما تخبىء لنا الأيام، وأقصى الإحباط أن يُوصف التئام مجلس الوزراء بـ "الإنجاز"، فيما الخوف يظل ماثلا من أن يطالعنا فجأة مطب جديد، على قاعدة أن ما "طرفة عين وانتباهتها يبدل الله من حال إلى حال"، فهل نثبت على استقرار يعيد القليل من أمنيات؟
التأم مجلس الوزراء اليوم، خطوة مهمة وإيجابية، والنتائج كبيرة، في لحظات قليلة بدأ لبنان يتنفس الصعداء مقدمة لاستعادة عافيته، وهذا ما بدا واضحا في الأسواق المالية، وهذا ما على القوى السياسية أن تدركه في مسار ثابت لا مطبات فيه، إذ لا استقرار ماليا واقتصاديا دون تحصين البلد بالسياسة، ففي لحظات قليلة، وقبيل لقاء المصارحة والمصالحة بين وليد جنبلاط وطلال أرسلان بمشاركة الرؤساء الثلاثة أعلنت وكالة "رويترز" للتو "صعود السندات الدولارية اللبنانية وارتفاع إصدار 2030 إلى أعلى مستوى في أسبوع".
هل نستخلص الدروس والعبر؟ وهل نتطلع إلى المستقبل بخطى واثقة على طريق لا مطبات فيه؟ هذا ما نتمنى، وهذا ما نشخص إليه دائما ليكون لبنان على قدر التحديات الكبيرة، شريطة أن نكرس الاستقرار في السياسة أولا، مسارا ثابتا، لا مجرد محطة نعود بعدها إلى التراشق لغير سبب، وليغدو التفاؤل سمة دائمة ومدخلا لتحقيق إنجازات تعيد لبنان إلى لبنان، خصوصا وأننا اكتوينا بـِـمُــرِّ التجارب، وكدنا نمضي إلى مهاوي الفتن لولا انتصار لغة العقل في اللحظات الأخيرة.
ومن هنا، ننتظر أن نعلو لمستوى الأمل، وألا نعود لحضيض المواقف وتتجاذبنا العصبيات وتحاصرنا مواقف وتخطف منا ما بقي من أمنيات قليلة، نريد أن ننظر أكثر إلى ما امتلأ من الكأس، لا نريد أن يصبح اجتماع الحكومة إنجازا محكوما بسقطات لاحقة، نريد للعهد أن ينجح وأكثر من ذي قبل، نريد للحكومة أن تنطلق نحو ما ينتظرها من استحقاقات، ونريد للبنان الواحد الموحد أن ينتصر على ذاته، لا نريد أن نقارب الأمور بالخوف من غد ومستقبل!