#الثائر
نصلي لتنتهي "جلسات النق" في مجلس النواب ، وما أدراك ما النق "خرّاب البيوت العامرة"، وكيف إن كان "نقا" وطنيا بامتياز جميع من "ينقون"، وقديما قيل إن أصعب ثلاثة أمور لا يمكن للمرء (والدول أيضا) تحملها، هي: النق والبق والطق.
النق هو ما شهدناه خلال اليومين الماضيين مع مناقشة مشروع الموازنة حيث كثير "النقيقة" ونخروا أعصاب اللبنانيين، أما البق فمعروف، وثمة "بق سياسي" يغتذي من جلد الدولة وشعرها، تماما كما البق المعروف، وهو يتغذى بشكل رئيسي من دم الإنسان، وهنا التشبيه مجازي بالتأكيد، ومن يمص دم الدولة يعتمد آلية البق في العيش والنمو وزيادة الثروات، فكيف من يمصون دم الناس مباشرة عبر موازنة وبدونها؟!
وثمة من يسأل ما هو "الطق"، وبالتأكيد الأمر غير مرتبط بموضوع "الحنك المطقوق"، فـ "الطق" هو صوت نقطة المياه الرتيبة التي "تخترق" أعصاب الإنسان وتقوده إلى الجنون أحيانا، وكان ثمة في العصور القديمة من يعتمد "الطق" شكلا من أشكال التعذيب، كأن يوضع المرء تحت ما يشبه صنبور مياه ويثبت رأٍسه كي تنقط المياه برتابة النقطة نقطة، وهذا الأمر يؤدي إلى احتراق الأعصاب وغالبا ما كان هؤلاء يموتون من الطق في أيام قليلة.
إذا، هي موازنة النق والبق والطق، ومثل هذا التوصيف قريب من الواقع وسط ما شهدنا من نق تم تمريره في سياق فن الخطابة، ويبقى النق موسميا مع كل جلسة مناقشة نيابية، وهذا أمر محمول نسبيا، أي النق في المناسبات، أما المشكلة الكبرى فتتمثل في البق، ذلك أن مص دماء اللبنانيين لا يتوقف، وهنا لا بد أن نشكر الله أن ليس لدينا حتى الآن "دراكولوهات" (من دراكولا) ولكن يمكن في المستقبل أن يتطور البق إلى ديناصور في مسار نظرية داروين حول النشوء والتطور والإرتقاء وأصل الأنواع، وهذه مسألة تتطلب الوقت وربما مئات وآلاف السنين، لكن ما يخيف فعلا أن تتطور آلية عمل البق إلى التخصص، فنكون وجها لوجها أمام دراكولا أو أكثر.
واقعنا المتردي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وأخلاقيا وإنسانيا، يدفعنا إلى السخرية، سلاحا وحيدا لا نملك غيره لنواجه واقع الحال، ونحن نموت ونعيا بالنق والطق والبق، ومن البقبقة والطقطقة والنقنقة، خصوصا وأن لسان حال السياسيين أو بعضهم يقول، وبالإذن من رينيه ديكارت: أنا أنق... إذن أنا موجود!