#الثائر
كان واضحا وصريحا صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره جاريد كوشنر (أحد مهندسي "صفقة القرن" والمتحمسين لها)، حين ألمح أمس على هامش التحضيرات لمؤتمر البحرين الإقتصادي الذي سينعقد بين 25 و26 حزيران (يونيو) الجاري، إلى أن الخطة الإقتصادية "لن تؤيد الدعوات الدولية لإقامة دولة فلسطينية"، ولم يأت مثل هذا الأمر مفاجئا، ولا صادما، خصوصا وأن المؤتمر سيناقش الجانب الاقتصادي من "خطة سلام" الرئيس ترامب وصهره كوشنر، ما يؤكد أن المؤتمر أعد له ليكون منصة دولية تعبر عن مصالح إسرائيل.
لكن في مقابل وضوح كوشنر، يؤثر بعض العرب التورية والاختباء خلف الإصبع، لا بل المضي قدما في صفقة عنوانها مصلحة كيان اغتصب أرضا عربية وشرد شعبا وما برح يتطاول على أرض وحقوق، وحسنا فعل لبنان الرسمي حين اعتذر عن عدم تلبية الدعوة للمشاركة في هذا المؤتمر الدولي، وقدم مبررات للجانب الأميركي مستندا فيها إلى موقفه الواضح حيال القضية الفلسطينية، وتحديا في مَا يتعلق بمؤتمرات السلام وتحديدا منذ "مؤتمر مدريد"، لا سيما وأن فلسطين الآن بين من يريد اغتصابها من جديد وبين من يتطلع إلى عدم التسليم بخيارات أميركا الصهونية.
لن ننساق إلى خطاب شعبوي ولغة خشبية، لكن من حقنا أن نسأل أين هي مصلحة فلسطين والفلسطينيين في مؤتمر أهدافه "ملغومة"؟ ومن ثم لماذا نقدم هدايا مجانية وسخِيَّة لإسرائيل في وقت لم نشهد تراجعا في موضوع بناء المستوطنات فضلا عن تهويد القدس وإعلانها عاصمة أبدية لإسرائيل؟
في مكان ما، نجد أن بعض العرب يقدمون مكافأة للأميركي وقد "وهب" هضبة الجولان للكيان الغاصب وإعلانه أرضا إسرائيلية، وكنا نتمنى على بعض القوى السياسية اللبنانية الباحثة عن علاقات متينة مع الدول الراعية والمنظمة للمؤتمر والمندفعة نحو بيع فلسطين لصالح إسرائيل أن تتخذ موقفا صريحا من "صفقة القرن"، أبعد بكثير من إطلاق "تغريدة" وإصدار بيان، وإن كنا نعلم أن مثل هذا الأمر صعب لاعتبارات معروفة لن ندخل في تفاصيلها.
في القضايا الكبيرة والمصيرية لا منطقة محايدة، ومن ليس في مقدوره أخذ موقف فلينأى عن تبجيل وتعظيم من استسهلوا بيع "شرف" الأمة، وإن كان المطلوب لبنانيا مقاطعة كل دولة شاركت في مؤتمر الذل وارتضت أن تسير خلف مشروع لن يبصر النور، وكي لا يطالعنا "أبطال" الأمة بمبررات تسوغ النذالة!