#الثائر
كل بيانات الدعم العامرة بالحب لصالح المملكة العربية السعودية إثر تعرضها لصاروخ، يندرج في مَا يعرف بالعامية اللبنانية بـ "تبييض الوج"، ولئن بدا هذا التوصيف صادما، فالمسألة تفترض مقاربة موضوعية لتحديد العلاقة بين الغني والفقير، وهاتان خاصيتان لا تنطبقان على الأفراد فحسب، وإنما تطاولان دولا وممالك وإمارات، وكي نتأكد من أن ثمة الكثير من المواقف تندرج في خانة الممالأة والمحاباة (وهما توصيفان لتبييض الوج بالعربية الفصحى)، لا بد من استعراض مواقف بعض المسؤولين طوال أربع سنوات على خلفية الحرب التي تخاض ضد اليمن، إذ لم نسمع طوال هذه الفترة صراخا تضامنيا مع شعب استباحت أولاده "الكوليرا" والجوع، وتعرض لما يشبه الإبادة، ولا من حرك ساكنا من كل الذين تضامنوا مع المملكة بعد صاروخ مطار أبها الدولي أمس الأول.
هل نعيش فعلا أزمة تهدد المعايير الإنسانية والأخلاقية أو أن هذه المعايير سقطت منذ زمن بعيد؟ وهل للمال كل هذه القوة وكل القدرة على التعمية؟ وهل الدول الفقيرة مسموح قتل أبنائها بغض النظر عن أية مسوغات؟ وهل مسموح لدولة أن تنسج تحالفات تراعي مصالحها وممنوع على دول وجماعات أن تنسج تحالفات أيضا تحصينا لمصالحها أيضا؟
بدايةً، لا نتطرق إلى الحرب إلا من بعد إنساني، وكما أننا ضنينون على المملكة العربية السعودية ضنينون على اليمن أيضا، لكن ما يهمنا في المشهد اللبناني ما نسمعه من صخب تضامني مع السعودية، وذلك يطرح جملة من الأسئلة تقود إلى أننا نواجه تهدما في المفاهيم الإنسانية، وكم كان رائعا لو أن اللبنانيين جميعا وقفوا على الحياد وشجبوا مجتمعين الحرب وأطلقوا مواقف التضامن مع السعودية والشعب اليمني، على الأقل من باب النأي النفس، كخطوة تبقي لبنان بعيدا من هذا الصراع.
نقول هذا الكلام، بعد تصاعد التوتر اليوم على خلفية استهداف ناقلتي نفط في خليج عدن، خصوصا وأن المسؤولين اللبنانيين من خصوم إيران وحلفائها يصرون على أن يكونوا جزءا من هذا الصراع، مع كل ما قد يترتب عليه من تبعات خطيرة إقليميا ودوليا.
حبذا لو آثر الجميع الصمت أو الخروج بموقف موحد رفضا لهذه الحرب وبعيدا من أجندات في مَا لو تطورت يذهب لبنان "فرق عملة"، كما أنه لا يعقل أن يكون مطار أبها تعرض لصاروخ، فيما تتساقط باقات ورد في صنعاء!